هل أصبح تخريبُ الممتلكات العامة والخاصة وإتلافها، وترويعُ الآمنين المطمئنين في بيوتهم وفي الشارع العام، أمرا مُقدرا ، لا مناص من القَبول به والتعايش مع تداعياته «القاتمة» مهما بلغت من درجة الخطورة ؟ إنه سؤال «يطرق» الذهن ، بكل إلحاحية واستعجال ، كلما بُرمجت مباراة كروية في نهاية الأسبوع أو وسطه ، ليلا أو نهارا ، في معظم الملاعب و«المركبات» المنتشرة عبر جغرافية البلاد ذات التضاريس المتنوعة، و«يرافق» ، أيضا ، التنقلات الجماعية ل«الجماهير» في رحلات خارجية ، حيث يُحكم على ساكنة الأحياء المجاورة والقريبة من المحطات الطرقية أو محطات القطار، وكذا المتواجدة في الطريق المؤدية إلى هذه «الفضاءات»، وعلى أصحاب المحلات التجارية والمؤسسات الخدماتية المتعددة النشاط، ب«قضاء أوقات عصيبة» قوامها الخوف والفزع والتضرع إلى الله العلي القدير من أجل أن تمر هذه «المواعيد الاستثنائية» بردا وسلاما عليهم ! وضعٌ وإن تراجعت «عناوينه السوداء» على مستوى بعض المدن ، الدارالبيضاء نموذجا، طفت تجلياته السلبية ، مؤخرا ، في مدن عدّة بعضها كان في «مأمن» من كل ما من شأنه إخراج الفرجة الرياضية عن سكتها الطبيعية أحداث أكادير عقب مباراة الحسنية والكوكب المراكشي ، وطنجة التي سوّدت «صفحتها» أحداثُ السبت 21 فبراير 2015 ، بعد أن عاثت مجموعة من «المخربين» إتلافا في الممتلكات العامة والخاصة بشوارع عاصمة البوغاز، فكانت النتيجة «غير الرياضية» طبعا اعتقالات في صفوف اليافعين ، أغلبهم من التلاميذ القاصرين! هكذا ، وعوض أن يعود هؤلاء إلى منازلهم «الدافئة» ، في هذا الفصل القارس ، بشكل سلس ، في انتظار بداية الأسبوع الجديد لمواصلة مساراتهم الدراسية ، وجدوا أنفسهم في ضيافة «الزنازن» الباردة مُتابعين بتُهم «ثقيلة» من قبيل :«العصيان، والضرب والجرح في حق موظفين عموميين ، وإلحاق خسائر مادية بممتلكات الدولة ، وعرقلة السير»، مع ما يعنيه ذلك من متاعب وإكراهات نفسية ومادية للآباء والأمهات كانوا في غنى عن «تجرّع» مرارتها ، هُم الذين أنهكتهم تكاليف المعيش اليومي المرتفعة على الدوام ! هكذا ، وبدون استئذان ، ارتدت «لقاءات رياضية» ، في «زمن المتناقضات» هذا ، لبوس البُعبع الذي صار يؤرق الصغار والكبار، و«تتسابق» ، للأسف ، وسائل الإعلام بعضها بغير قليل من «التهور» لنقل مخلفات «غزواته» دون تمحيص أو تدقيق، تحت يافطة «الانفراد» أو«السبق»! إن تمظهرات «الشغب»، التي مافتئت دائرتها تتسع من «موسم تخريبي» إلى آخر ، تؤشر على نقائص عدة تخص أساليب التعاطي مع هذا النوع من «الانزلاقات» الخطيرة ، من خلال اعتبار«الظاهرة» ذات معالجة أمنية صرفة ، في وقت أكدت تجارب مدن عالمية، أن «بلطجة الملاعب» وشظاياها على مستوى الشوارع والأزقة تسائل أكثر من جهة ( أمن ، سلطات محلية ومنتخبة ، جمعيات مؤطرة للجماهير...) ، بحثا عن سبل ناجعة للتصدي لها والتقليل من أضرارها المتشعبة الأوجه . وللوقوف على هذه «الحقيقة» ، يكفي التمعن في الأساليب المنتهجة في العديد من البلدان ، التي اكتوت ب«نيران» التخريب المصاحب ل«المناسبات» الرياضية، كما هو الشأن في انجلترا وفرنسا وإسبانيا على سبيل المثال لا الحصر حيث اتُّخذت في حق المتورطين فيها قرارات «تأديبية» بلغت حد المنع «الأبدي» من ولوج الملاعب، وإشهار صور «المخربين» أمام أبوابها ، والتشطيب من لوائح المنخرطين في هذا النادي أو ذاك يُستحضر هنا قرار «تشلسي» الإنجليزي الأخير ضد بعض «جماهيره» بسبب سلوك عنصري ، زيادة على العقوبة الحبسية بالنسبة ل«رؤوس» الفتنة ، كل ذلك بالموازاة مع برمجة حملات تحسيسية تستهدف ، أساسا، توعية فئات اليافعين، بشكل دائم لا مناسباتي ، من خلال التنسيق مع مسؤولي المؤسسات التعليمية، وفضاءات ( دُور) الشباب . حملات تتخللها ندوات ولقاءات يشارك فيها مُنتخبون محليون باعتبار أن الملاعب مِلكية جماعية في غالبيتها ورؤساء الأندية ولاعبوها «المشهورون» ، وممثلون لجمعيات المحبين ، وباحثون اجتماعيون ، واختصاصيون في علم النفس ، وقانونيون، وأمنيون... الجميع «يُدلي بدلوه» في «بئر» التخريب هذا تفاديا ل«فيضانه» المدمّر ل«الأخضر واليابس»، إذا ما تُرك لحاله استئناسا بمقولة « كم حاجة قضيناها بتركها» ! إن أعمال التخريب التي أضحت تشكل ، للأسف ، « طقوسا» تؤثث إجراء المنافسات الرياضية ، خصوصا مباريات كرة القدم، باعتبار شعبيتها الواسعة ، وأجواء «الحصار» التي تُفرَض على «محيط» المركبات والملاعب التي تحتضن فعالياتها ، ومعظم الشوارع والأزقة الموصلة إليها ، تفرض بحقّ تعاطيا جديدا، يستفيد من أخطاء و«ثغرات» معالجة «التجارب» السالفة ، التي ذهب ضحيتها عدد من الأبرياء في ريعان الشباب ، يكون عِمادُه الرئيسي ، حُسن التدبّر في ما تحبل به من رسائل على الجميع «قراءة» مضامينها بالجدية اللازمة ، بعيدا عن «لعبة» قذف الكرة صوب «مرمى» هذه الجهة أو تلك ، علما بأنّ مؤشرات عديدة طفت على سطح «الجدل العام» ، مؤخرا ، لاتدعو إلى التفاؤل؟!