حالة استنفار غير مسبوق، وتحقيقات أمنية متواصلة، تعيشها، هذه الأيام، منطقة سيدي حمزة ضواحي الريش باقليم ميدلت، على خلفية حادث انفجار مادة مجهولة كانت بحوزة تلميذ في السادسة ابتدائي، وتسببت له في بتر أصابع يده اليمنى، وهو حينها داخل القسم، ما خلق جوا من الهلع والرعب وسط المؤسسة، ومن خلالها كل أرجاء المنطقة التي لا تزال على وقع مخلفات الحادث المروع وتساؤلات حول ظروفه وملابساته. وتفيد التفاصيل التي حصلت عليها «الاتحاد الاشتراكي»، أن التلميذ الضحية (ز. محمد)، كان صحبة اثنين آخرين، يلعبون، أحدهم يكبرهم سنا، قبل أن تقودهم أقدامهم إلى واحد من الأمكنة التي يستعملها سكان المنطقة في إنضاج فاكهة التفاح بطرق التبريد التقليدي، و»استدرجتهم» رائحة هذه الفاكهة إلى حيث تناولوا منها ما لذ وطاب، ونقلوا حبات منها ببراءة طفولية غير محسوبة العواقب، وأثناء مغادرتهم المكان عبروا بناية مهجورة مقامة على بئر ذات مضخة، حيث تنبه أحدهم لوجود كيس صغير يحتوي على أربع قطع متشابهة كل واحدة منها موصلة بسلك كهربائي، دون اعتقاد من أي منهم أنها قابلة للانفجار، حيث تعاملوا مع الكيس بشغب وفضول مطلق وهم ينقلونه معهم لاكتشاف سره، قبل أن يتقاسموا بينهم محتوى الكيس. وقبل أن يفترق الفتية، أخذ التلميذ (ز. محمد) قطعتين من المادة ذات الأسلاك الكهربائية، وضعها في مقلمة أدواته المدرسية، بعد أن اقتطع جزءا من طول سلكها، وظل محتفظا بواحدة منها إلى نحو يوم الأربعاء 25 فبراير 2015، حيث عمد إلى استغلال انتباه زملائه لدرس أستاذهم، فأخذ المادة المعلومة من مقلمته، وفكر بالصدفة أن ينزع الشاحن من هاتفه النقال الذي اشتراه له والده مؤخرا، وبمجرد تماس سلكي المادة برأس الشاحن خرج دخان وغاز، ليقع انفجار قوي هز هدوء حجرة الدرس، وأثار حالة من الذعر والهلع وسط التلاميذ الذين تزاحموا على باب الحجرة، وسادت موجة من الهرج والمرج داخل المدرسة، في الوقت الذي كان فيه التلميذ المعني بالأمر يصرخ ألما والدماء تسيل من يده المصابة في مشهد سينمائي مثير للتقزز. وعلمت «الاتحاد الاشتراكي»، أنه فور إشعار الجهات المسؤولة، تم نقل التلميذ على وجه السرعة إلى المستشفى المحلي بالريش ومنه إلى المستشفى الإقليمي بالراشيدية مولاي علي الشريف، حيث خضع لعملية جراحية تم فيها بتر أصبعين وجزء من راحة يده بالنظر لعمق الحروق، ولم يمر الحادث دون أن يخلف اهتماما كبيرا وسط الجهات المسؤولة على قطاع التعليم، حيث سجل عن النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية «تحليقه» نحو إقليم الراشيدية للقيام بزيارة التلميذ الضحية الذي كان يخضع للعلاج بمصلحة جراحة الرجال بالمستشفى. وقد استنفر الحادث مختلف الأجهزة الأمنية، ومنها مصالح الدرك التي باشرت تحرياتها في كل ما يتعلق بالحادث، ولعل الأمر استدعى خبراء المتفجرات للمساعدة في التحقيق، حيث تم التحقيق مع زميلي الضحية اللذين كانا برفقته، ودلا رجال الدرك على عينات المادة التي قاما بدفنها بمكان ما دون دراية منهما بمخاطرها وأضرارها، أو لعلهما عرفا معناها ورغبا في بيعها لمستعمليها في تفجيرات الآبار والمعادن، في حين علمنا أن مصالح الدرك قامت بإخضاع «صاحب التفاح» لمسطرة التحقيق حول لغز وجود المادة المتفجرة في بيته ومصدرها. ومعلوم أن المنطقة قريبة من بعض المقالع المعدنية، وأن السلطات المسؤولة قد تلقت العديد من البلاغات، طلبا للتدخل من أجل التعامل مع المتفجرات بجدية، وتمشيط المنطقة للتأكد من خلوها من أي متفجرات أخرى، إنقاذا لأرواح المواطنين من حدوث أي عواقب وخيمة تودي بحياتهم.