نظم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ووزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، بشراكة مع المركز الدولي للعدالة الانتقالية، الأسبوع الماضي، بالرباط، لقاء دراسيا حول "المدرسة المغربية وتجربة العدالة الانتقالية". وقال أحمد التوفيق الزنبي، رئيس شعبة الحقوق الجماعية والشؤون الجهوية بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، إن "الربط بين المدرسة والعدالة الانتقالية أملته شروط موضوعية"، وأن "العدالة الانتقالية في حاجة للمدرسة، لتوسيع قاعدتها، والخروج من نخبويتها، ونقل الدروس المستخلصة للأجيال القادمة، حتى لا يتكرر ما جرى". وأضاف أن المدرسة في حاجة لعصارة أعمال هيئة الإنصاف والمصالحة، لتنويع برامجها وتطوير مناهج تدعم التحليل التاريخي، والإبداع الأدبي، المرتبطين بمواضيع اشتغال العدالة الانتقالية، مشيرا إلى أن "الأمر يتعلق بموضوع يمكن تصنيفه في خانة السهل الممتنع، يقتضي التجريب في إطار توافقي، يجمع بين المهني والحقوقي، ويأخذ بعين الاعتبار أحلام الجيل السابق، وآمال الأجيال المقبلة". من جهته، قال خالد فارس، المفتش العام للتربية والتكوين بوزارة التربية الوطنية، إن "الثقافة الحقوقية حاضرة في أكثر من مشروع، في إطار تفعيل تدابير ومقتضيات البرنامج الاستعجالي، كمشروع أنظمة الحياة المدرسية، وفي المشاريع المتضمنة في قطب تعميم العرض المدرسي والقطب التربوي، باعتبار التربية على حقوق الإنسان قاسما مشتركا، ورافعة أساسية لتحقيق مدرسة النجاح". وأبرز فارس أن "حقوق الإنسان ليست أفقا محدودا، وإنما هي حركية مستمرة، ومنظومة مترابطة، في أبعادها الديمقراطية والتنموية"، مشيرا إلى أن "اهتمام الوزارة يتوجه إلى توفير الظروف المناسبة لجعل الفضاء المدرسي فضاء تربويا تنشيئيا، يزخر بالأنشطة والممارسات العملية، المعززة للسلوكات والاتجاهات البانية للشخصية، الواعية والمتمثلة للثقافة الحقوقية، سواء في المناهج أو أنشطة الحياة المدرسية". وجاء في مداخلة عن وزارة التربية الوطنية أن تجربة الوزارة في إرساء قيم حقوق الإنسان مرت عبر ثلاث مراحل، بإرساء البعد الحقوقي للعملية التربوية بكل مكوناتها، اعتمادا على البرنامج الوطني للتربية على حقوق الإنسان سنة 1994، من خلال حمولة الكتب المدرسية، والمرحلة الثانية تتعلق بتعزيز تحدي الإصلاح وضرورة إرساء أسس المقاربة الحقوقية، من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والمرحلة الثالثة، الحالية، تتعلق بالمأسسة. ويندرج هذا اللقاء في إطار المقاربة المعتمدة من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ووزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، في تطوير التفكير حول العدالة الانتقالية في مجال التربية. وكان المجلس والوزارة وقعا اتفاقيتي شراكة، الأولى في دجنبر 2005، حول النهوض بثقافة حقوق الإنسان، من خلال البعدين التربوي والثقافي، والثانية في دجنبر 2008، حول تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، بخصوص جبر الضرر الجماعي وحفظ الذاكرة.