ترى الهيئات المكونة للملتقى الوطني لإصلاح منظومة العدالة، ممثلة في جمعية هيئات المحامين بالمغرب، والودادية الحسنية للقضاة، ونادي قضاة المغرب، وودادية موظفي العدل، والهيئة الوطنية للموثقين بالمغرب، والهيئة الوطنية للعدول، والهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين والنقابة الديمقراطية للعدل، أن موضوع إصلاح جهاز العدالة شكل ورشا مستعصيا منذ الاستقلال، وساهمت عوامل عدة في تعثر مساره، تراوحت بين غياب الإرادة السياسية، ومحدودية الشروط المادية والموضوعية، ما عطل فعالية عدالتنا وساهم في تكريس صورة نمطية عن جهاز القضاء بكل مكوناته، غير أن هذه الصورة، على قتامتها، ساهمت في تقوية المد المطالب بإقرار مستعجل لجهاز منظومة العدالة. وأوضحت الهيئات في كلمة ألقاها عبد الصادق السعيدي، الكاتب العام للنقابة الديمقراطية للعدل، أن هذه المناظرة الوطنية ستعرف مناقشة 11 عرضا، تهم إصلاح منظومة العدالة، وأن إصلاح العدالة يرتبط بتنزيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، مؤكدا أن الوفاء لقيم وتضحيات الشعب المغربي ونضاله في سبيل الحرية والعدل يقتضي السعي جميعا لجهاز منظومة عدالة تمتثل لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. وذكر السعيدي أنه، بغض النظر عن الإخفاقات التي واكبت مختلف برامج الإصلاح المتعاقبة إلا أنه لا ينكر ما راكمه جهاز العدالة من مكتسبات، في سياق توطيد سلطة القضاء وتعزيزها، ساهم فيها مهنيو العدالة بالقسط الوافر في بلورتها رغم كل الصعوبات. وأكد أن "إصلاح العدالة أصبح مطلبا ملحا لارتباطه بمستقبل الوطن على كافة المستويات، في عالم ينشد قيم الحرية والمساواة، وجهاز منظومة عدالة قوية وفعالة تضمن للمغرب موطئ قدم بين الدول الصاعدة، التي تسعى لتمثل قيم الحرية والمساواة والشفافية والتخليق"، مضيفا أن "تقوية مناعة اقتصادنا وتحسين جاذبية الاستثمار يستلزم قضاء ونصا قانونيا بمواصفات عالمية". وأبرز أن "المناظرة ليست رد فعل أو تصريف موقف ما من مشروع ما، بقدر ماهي مساهمة واعية لإغناء النقاش العمومي، بشكل يمزج بين موقف الفاعل المهني وموقف باقي مكونات المجتمع، وفق ما يسمح بإنتاج توافقات حول الرؤية المجتمعية لإصلاح منظومة العدالة وآفاق تطويرها، على النحو الذي يخدم الوطن والمواطن". وخلص السعيدي إلى أن الملتقى يدعو إلى "نقاش هادئ وحوار منتج، لا نصر فيه إلا للوطن والمواطنة الأصيلة، الجاعلة من المغرب والمغاربة منطلقا لكل إصلاح، بعيدا عن إصدار أحكام جاهزة ومواقف وصفية لمسار الإصلاح، الذي تباشره وزارة العدل والحريات".