ويعودُ اختيار هذا الموضوع، حسب المجلس، إلى إرادة المساهمة في توضيح وتطوير الحوار بهدف تحيين الإطار التشريعي، وتعزيز دوْر وَحَكامة وأدوات عمَل القطاع الجمعويّ، وتقديم مُقترحات متعلّقة بالهدفيْن اللذيْن يتضمّنهما الإطار المرجعيّ للميثاق الاجتماعيّ للمجلس "من أجل ميثاق اجتماعي: ضوابط يجب احترامها وأهداف ينبغي التّعاقد بشأنها"، الذي صادق عليه المجلس فيه 2011، والذي يدعو إلى النّهوض بالحوارِ المدني، وتحيين وتحسين الإطار القانونيّ والتنظيميّ المتعلّق بالعمل الجمعويّ. وقالت حكيمة حميش، مقررة اللجنة الدائمة المكلفة بالقضايا الاجتماعية والتضامن بالمجلس، إن اختيار هذا الموضوع جاء بدافع الرغبة في المساهمة في إضاءة والمضي قدما بالنقاش الرامي إلى تحديث الإطار التشريعي وتعزيز دور الحكامة، وسبل العمل بالقطاع الجمعوي، مبرزة أن مشروع التقرير كان موضوع إحالة ذاتية، ويرمي إلى تشكيل مقترحات وتوصيات كفيلة بإضفاء دينامية على الحياة الجمعوية، في إطار تعزيز الحريات الأساسية والديمقراطية التشاركية. وأوضحت أن الهدفين المذكورين يتعلقان بتعزيز الحوار المدني، وتحديث وتحسين الإطار التشريعي والتنظيمي المتعلق بالعمل الجمعوي. وذكرت أن دستور 2011 يعتبر الجمعيات بمثابة مساهم في الديمقراطية التشاركية، وفي إعداد وتفعيل وتقييم قرارات ومشاريع المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية. ويتعلق التحليل الذي أقره مشروع القرار بتوضيح مختلف المفاهيم المتعلقة بهذا المجال، لا سيما "المجتمع المدني" و"الجمعية"، و"المنظمة غير الحكومية" و"الجمعيات المهتمة بالشأن العام" و"المؤسسة". ويبسط المشروع تحليلا للعلاقة بين الدولة والجمعيات، والتباين بين النصوص التشريعية، وواقع العلاقات بين الادارة مع الجمعيات، ومساطر التنظيم وسير وتمويل القطاع الجمعوي. من جهته، قال نزار بركة رئيس المجلس، في تصريح للصحافة، إن "دينامية الحياة الجمعوية مسألة رئيسية بالنسبة، والجمعيات باتت شريكا حقيقيا للديمقراطية التشاركية"، مضيفا أن مواكبة هذه الدينامية بعدد من التوصيات الرامية إلى تعزيز القطاع، أمر مهم على مستوى الموارد المالية والبشرية، وإضفاء تنظيم أمثل عليه، خاصة إرساء تعاقد حقيقي بين الدولة والجمعيات، وبين الجهات والجمعيات. وكشف التقرير أن الجمعيات المحلية هي التي تغطي حدود مدينة معيّنة أو دوّار أو حيٍّ. وهي الجمعيّات الأكثر عددًا، وتمثّل، حَسَبَ الخريطة التي أصْدرتها وزارة الداخلية في 2014، ما مجْمُوعُه 93 في المائة منْ عدد الجمْعيات التي شملها الإحصاء، مشيرا إلى المميّزات الخاصّة بالوسطَيْن الحضري والقرويّ، وأنّ الحياة الجمعويّة في المناطق القرويّة شهدت خلالَ العقدين الماضييْن طفرة ملحوظة، بوجود جمعيات تهتمّ بالتنمية المحلية، والتزوّد بالماء، ومحاربة الأمّيّة. كما ساهمت المبادرة الوطنية للتنمية البشريّة في تزايد عدد الجمعيات بالعالَم القرويّ، مع وجود اهتمام شبْه كلّيّ بالقضايا ذات الصلة بالتنمية وشروط العيش الكريم للسكان القرويّين، وتسجيل غيابٍ شبه كلّيّ للقضايا المرتبطة بحقوق الإنسان. وتمثل الجمعيات الجهويّة 1 في المائة من مجموع الجمعيات، والجمعيات الإقليميّة أو الموجودة فوق تراب جماعيّ 2 في المائة. أما الجمعيات الوطنية، التي تمارس أنشطتها فوق مجموع التراب الوطني، فتمثّل نسبة 4 في المائة من الجمعيات التي شملها إحصاء 2014، كما تضمّ بصفة عامّة أعدادًا كبيرة من الأعضاء المتطوّعين، وتتوفّر عادةً على مقرّ وطنيّ بالإضافة إلى فروعٍ جهويّة و/أو محلية تحكمها القوانين الأساسيّة والدّاخلية نفسها، فضلا عن امتلاكها لمحاسباتيّة مركزية. وفي الوقتِ نفسه، تتوفّر بعض هذه الجمعيّات على إشعاع يتجاوز حدود المغرب، بفضْل مشاركتها في هيئات تابعة للأمم المتحدة و/أو عضويتها في شبكات جمْعوية جهويّة أو دولية.