حموشي يتباحث بالدوحة مع مدير جهاز "أمن الدولة" القطري    سيراليون تعبر عن دعمها الكامل للوحدة الترابية للمملكة    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    الأقمصة الرياضية التي أرعبت السلطات الجزائرية!    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    المحكمة تضاعف من عقوبة الناشط الفايسبوكي "رضا الطاوجني" في قضيته مع وزير العدل    طنجة.. توقيف ثلاثة أشخاص لتورطهم في حيازة وترويج مخدر الكوكايين    هل خرق مجلس النواب نظامه الداخلي بانتخاب برلماني من الأغلبية لرئاسة لجنة مراقبة المالية العامة؟    وزير الزراعة والأمن الغذائي بنيجيريا: "نرغب في تعميق علاقات التعاون مع المغرب في المجال الفلاحي"    المديرية العامة للضرائب .. 30 أبريل آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    الأمم المتحدة تطلب فتح تحقيق دولي في المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    بسبب انقطاع شلّ مرافق مقاطعة مرس السلطان.. الداخلية تمنح بودريقة أسبوعا لاستئناف مهامه    وفيات الأمراض غير السارية تفتك بالمغاربة    وزارة الفلاحة الإسبانية: صادراتنا إلى المغرب سجلت رقما تاريخيا خلال 2023    عندما تخاف فرنسا.. تُكثر من التصريحات وتعود إلى حضن المغرب!    التعاون القضائي في صلب مباحثات وزير العدل مع نظيريه الغيني والكونغولي    أمل تيزنيت يستنكر الأخطاء التحكيمية التي ارتكبت في مباراته أمام جمعية المنصورية    المؤتمر الوزاري الرابع لمبادرة تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية : إفريقيا لا تعبئ سوى 11.4 مليار دولار سنويا من أصل 580 مليارا تحتاجها للتمويل    الفلاحة المستدامة.. القرض الفلاحي للمغرب والوكالة الفرنسية للتنمية يوقعان اتفاقيتي قرض    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    حنان حمودا تصدر طبعة ثانية لكتاب "الماء وصناعة المقدس: دراسة أنتروبولوجية لبنيات المجتمع الواحي بالمغرب"    دار الشعر بتطوان تحتفي ب "ليلة الملحون"    الراصد الوطني للنشر والقراءة في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    الحسيمة.. موظفو الجماعات الترابية يشلون الإدارات لثلاثة ايام    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    شخص يهدد بالانتحار بتسلق عمود كهربائي    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الموت يفجع زوج دنيا بطمة السابق    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    سلسلة زلازل تضرب تايوان أشدّها بقوة 6,3 درجات    اللي غادي لفرانسا لخميس وماشي لشي غراض مهم يؤجل رحلتو الجوية حتى الجمعة وها علاش    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)    القميص ‬البرتقالي ‬يمرغ ‬كبرياء ‬نظام ‬القوة ‬الضاربة ‬في ‬التراب‬    الاتحاد المصري يستدعي المغربي الشيبي    سباق النصر النسوي يطفىء شمعته ال 14 يوم الأحد المقبل وسط أجواء رياضية واحتفالية    الصين: مصرع 4 أشخاص اثر انهيار مسكن شرق البلد    ماذا نعرف عن كتيبة "نيتسح يهودا" العسكرية الإسرائيلية المُهددة بعقوبات أمريكية؟    بطولة إيطاليا-كرة القدم.. "إنتر ميلان" يتوج بلقبه ال20    ادعاء نيويورك كيتهم ترامب بإفساد الانتخابات ديال 2016    هل يمكن لفيزياء الكم أن تقضي على الشيخوخة وأمراض السرطان؟        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    أسامة العزوزي يسجل في مرمى روما    الأمثال العامية بتطوان... (579)    تقوى الآباء تأمين على الأبناء    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    السعودية تعلن شروط أداء مناسك الحج لهذا العام    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    الأمثال العامية بتطوان... (577)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التهريب سيستمر لنبل أهدافه
نشر في المساء يوم 03 - 02 - 2009

تصاعدت حدة التهديدات الإسرائيلية مجدداً ضد قطاع غزة بسبب سقوط ثلاثة صواريخ على منطقة النقب جنوب فلسطين، فقد هدد إيهود باراك، وزير الدفاع، بالرد، بينما توعدت تسيبي ليفني وزيرة الخارجية زعيمة حزب «كاديما» بالتعامل بطريقة أقوى وأكثر شراسة.
من الواضح أن حكام إسرائيل، الذين يتمتعون بدعم شعبي كبير لأي عدوان يشنونه على أبناء القطاع، لم يشبعوا من اللحم الفلسطيني، وسفك دماء 1350 شهيداً بينهم خمسمائة طفل على الأقل، لم يشف غليلهم، ولم يرو ظمأهم، وما زالوا يتطلعون إلى المزيد، ويعدّون العدة لذلك. فالمجرم يظل يحوم حول مسرح الجريمة، فما أدراك إذا كان من النوع الذي يرتكب جرائم حرب ضد الإنسانية.
المثلث الإسرائيلي الحاكم، أولمرت، ليفني، باراك، يتصرف بطريقة مجنونة، بعد أن فقد صوابه تماماً، إثر فشله في تحقيق أهدافه في منع إطلاق الصواريخ، وتركيع أبناء القطاع، وتحقيق مكاسب انتخابية، ولهذا فمن غير المستبعد أن يترجم جنونه في مجازر جديدة في القطاع، مستفيداً من خيبة أمل معظم حكومات دول الاعتدال العربية في إنهاء المقاومة وفصائلها، وإزالة ما تشكله من إحراجات من حيث كشفها تواطؤ هذه الحكومات، بل ومشاركتها، بطريقة أو بأخرى، في العدوان الأخير.
الرأي العام العالمي، والعربي منه على وجه الخصوص، بات على اطّلاع واسع على حجم الجرائم الإسرائيلية في القطاع، بعد أن دخلت طواقم الصحافيين إليه بعد ثلاثة أسابيع من المنع، فحتى حديقة الحيوانات في غزة، على بؤسها، وعجز أصحابها عن العثور على الطعام لأنفسهم، ناهيك عن إطعام أسودها وثعالبها، لم تسلم من الصواريخ الإسرائيلية، وشاهدنا بالصوت والصورة حجم الرعب الذي أصابها من جراء هذه الصواريخ وهدير الطائرات، فلجأت إلى المراحيض طالبة الأمان، فلا يوجد في قانون الغاب، على شراسته، مثل تلك القسوة التي مارسها الإسرائيليون الذين ينتمون إلى البشرية، ويقولون أنهم رسل الحضارة والديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة.
على أي حال، العدوان ما زال مستمراً على قطاع غزة، فالحصار ما زال خانقاً، وجميع المواد الأساسية ممنوعة، والمعابر مغلقة، خاصة معبر رفح الخاضع لإشراف السلطات المصرية، التي تدعي كذباً أنه مفتوح أمام البشر والمساعدات.
السلطات الإسرائيلية سمحت بإدخال عشرات الأطنان من مختلف أنواع الفواكه المنتجة في مستوطناتها، لإغراق الأسواق، بهدف إيصال رسالة مضللة إلى الصحافيين الأجانب مفادها أن كل شيء متوفر بما في ذلك الفاكهة، ولكنها ما زالت تمنع الوقود، وترفض دخول كيس واحد من الإسمنت، أو لوح من الزجاج، لأنها تريد استخدام ورقة إعادة الإعمار، بتحريض من سلطة رام الله، وحكومة مصر، كورقة ابتزاز. فالجهة التي يجب أن تشرف على إعادة الإعمار هي تلك المرتبطة بالفاسدين من أبناء المسؤولين الفلسطينيين والمصريين فقط، أما الشرفاء الأمناء أصحاب الأيادي النظيفة والتضحيات الإعجازية في الدفاع عن هذه الأمة وكرامتها فلا مكان لهم.
أحد الأئمة في مساجد قطاع غزة تضرّع إلى الله في خطبته يوم الجمعة الماضي بأن لا تهطل الأمطار رأفة بالمحاصرين المجوّعين الذين دمرت منازلهم وأصبح خمسون ألفاً منهم على الأقل، معظمهم من الأطفال والرضع، يعيشون في العراء تحت السماء والطارق، رغم حاجة القطاع وأبنائه، وما تبقى من مزارعيه الذين لم يحرق الفسفور الأبيض مزارعهم، ويسمم أرضهم، إلى كل قطرة ماء.
عدم السماح بدخول الإسمنت والزجاج يعني أن لا يتم إصلاح زجاج أو حيطان أي بيت مهدم ولو جزئياً، حتى يموت الأطفال من شدة البرد، بعد أن كتبت لهم الحياة، ولو مؤقتاً، مع بدء وقف إطلاق النار، فشتاء غزة قارس، بل إن شتاء هذا العام أشد قساوة من أي أعوام مضت.
أنفاق غزة، شريان الحياة الوحيد، لتهريب بعض السلع الضرورية، لم تعد تعمل، فقد تآمر العالم بأسره من أجل نسفها وتعطيلها، فلم تكتف السلطات الإسرائيلية بإرسال الطائرات عبر الأجواء المصرية لقصفها وتدميرها، بل هرعت إلى الولايات المتحدة لتوقيع اتفاقات أمنية تجيز مراقبة وتفتيش أي سفن في عرض البحر من قبل الأساطيل الأمريكية تحت ذريعة منع وصول أسلحة إلى فصائل المقاومة، وفرضت بمقتضاها على الحكومة المصرية تركيب كاميرات، واستخدام أحدث المعدات، وإرسال بعثات أمنية إلى الحدود الأمريكية المكسيكية لتعلم كيفية العثور على الأنفاق وتدميرها.
الخبرات الأمريكية لم تنجح في القضاء على ظاهرة التهريب، سواء للبشر أو البضائع، عبر الحدود المكسيكية، ولا نعتقد أن نظيرتها المصرية مهما تبحرت في هذا العلم سيكون حظها أفضل، لسبب بسيط وهو أن التهريب عبر الحدود المصرية هو مسألة وطنية لها علاقة مباشرة بالعقيدة والأخلاق، وليس بهدف المال أو البحث عن لقمة عيش في الجانب الآخر من الحدود، مثلما هو حال المهربين المكسيكيين.
الأسلحة ستصل إلى المحاصرين، وكذلك العرائس، ورجال المقاومة، والخبرات العربية والإسلامية في كيفية هزيمة المعدات الأمريكية الحديثة، وعلى الحكومتين المصرية والإسرائيلية اللتين تنسقان جهودهما في هذا الصدد أن تتذكرا جيداً أن الكثير من الضباط ورجال الأمن المصريين المرابطين على الحدود هم من أبناء أبطال العبور الذين حققوا نصراً مشرفاً في حرب أكتوبر عام 1973، وأشقاء أو أبناء عم ضحايا مدرسة بحر البقر، وهؤلاء لا يمكن أن يخونوا ضميرهم الوطني، وعقيدتهم السمحاء.
نعترف بأن أهل القطاع دفعوا ثمناً غالياً لصمودهم الشجاع في مواجهة العدوان الإسرائيلي الوحشي، من دمائهم ولقمة عيشهم، أو ما تبقى منها، ومن حقهم أن يلتقطوا أنفاسهم، ويضمدوا جراح أطفالهم، ويدفنوا شهداءهم، ولكن كيف يتأتى لهم ذلك وهم يواجهون عدواً متغطرساً يتصرف وكأنه فوق كل القوانين والشرائع، ويجد الحماية من دولة عظمى تدعي أنها زعيمة العالم الحر، والقيّمة على قيم العدالة وحقوق الإنسان؟
ويظل السؤال، الذي يطرح نفسه بقوة، هو عما يمكن أن يفعل مثلث أولمرت باراك ليفني أكثر مما فعلوه في حرب الثلاثة أسابيع الأخيرة، هل سيلقون بما في ترسانتهم من قنابل نووية فوق رؤوس أهل القطاع؟
لقد جربوا مختلف أنواع الطائرات والصواريخ، والقنابل الفوسفورية، وقصفوا من البر والبحر والجو دون رحمة، تنفيذاً لتعليمات حاخامهم العسكري الذي من المفترض أن يكون داعية سلام ورسول محبة ورأفة، ومع ذلك لم يرفع واحد من أبناء القطاع راية الاستسلام، بل شاهدنا الشهداء والجرحى يسقطون وهم يرددون الشهادتين ويرفعون علامة النصر. هل هناك
صمود أكثر من هذا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.