إشكالات قانونية تتوقف عملية طبع الأعمال الكاملة لكاتب ما أو شاعر ما على مدى حضوره وأيضا ما راكمه عبر مساره الإبداعي. وهذا إما يكون باقتراح من وزارة ما أو مؤسسة ثقافية رسمية أو مدنية. وفي حال ما تم اقتراح طبع الأعمال يكون من بين شروط الإقدام على الإنجاز أن يقبل المؤلف التعامل مع الجهة المقترحة، من خلال تعاقد يضمن حقوقه المادية والمعنوية، بما في ذلك المبلغ المتفق عليه وعدد النسخ التي سيتم طبعها وكذلك عدد السنوات التي يحق بعدها لهذا المؤلف أن يعيد طبع ونشر أعماله دون استشارة الوزارة أو الجهة الناشرة حين تستنفد العقدة مدة الاتفاق بين الطرفين. وهذا حينما يكون المؤلف على قيد الحياة. ويكون هذا المؤلف مسؤولا عن اختيار أعماله وعن ترتيبها وطريقة نشرها. أما إذا كان المؤلف متوفيا فإن نشر الأعمال يكون أمام مجموعة من الإشكاليات، لعل أبرزها حينما يكون الأديب الراحل قد ترك وصية ما تخول للطرف الوصي نشر الأعمال والتعامل معها وفق شروط الوصية كما وضعها المؤلف. وفي حالة عدم وجود وصية تحدد شروط طبع الأعمال الكاملة قد يظهر مشكل الورثة، فيكونون هم من يتحكمون في القبول أو عدمه وكذا شروط نشر أعمال المؤلف الراحل. وهؤلاء يكون لهم حق نشر هذه الأعمال من خلال اختيار الطرف الذي سيتعاملون معه، ووفق الشروط التي يحددونها. فمثلا إذا كان هناك خلاف بين الورثة أو أن المسألة وصلت إلى القضاء ولم يبت فيها بعد، خصوصا في حالة وجود أبناء لم يبلغوا بعد سن الرشد، فإنه في هذه الحالة لا يمكن نشر هذه الأعمال إلا بموجب حكم قضائي أو بلوغ الأبناء واتخاذهم القرار بأنفسهم في طبع أعمال والدهم من عدمها. وحينما يتم الاتفاق على نشر الأعمال وفي حالة عدم ترك الراحل صيغة معينة للنشر، يجد هؤلاء أنفسهم، أي الأبناء أو الورثة، أمام مشكل اختيار الأعمال التي ستنشر. وقد يتم تجاوز هذا المشكل عبر الاتفاق بينهم، إذ يقومون بترتيبها أو باختيارهم كاتبا أو مؤلفا أو مثقفا أو مؤسسة ثقافية أو الجهة التي ستنتشر العمل للقيام بذلك، حسب الاتفاق. ويكون هذا طبعا من خلال عقدة قانونية تؤكد على حقوق وواجبات الطرفين فيها، سواء من الجانب المادي أو المعنوي، وكذلك عدد سنوات استنفاد النشر، وغيرها مما هو مألوف في عقد نشر الأعمال والمؤلفات والكتابات الفكرية وحتى الأعمال الفنية. حالة..الأعمال الكاملة لراجع تظهر بعد 23 سنة طرح تأخر طبع ونشر أعمال الراحل عبد راجع كثيرا من التساؤلات، حيث إنها لم تظهر إلا بعد مضي ما يناهز ثلاثة وعشرين سنة عن رحيله. وقد كان تأخر خروج الأعمال الكاملة لراجع عائدا بالأساس إلى سوء تفاهم عائلي تم فضه فيما بعد، هذا طبعا إلى جانب أن أبناء الراحل كانوا لا يزالون قاصرين وفي مراحل تعلمهم الأولي. وحول مسار خروج هذه الأعمال طرحنا السؤال على الشاعر صلاح بوسريف، الذي كان له الفضل في الدفع بها كي تخرج إلى الوجود، فقال: «تدخلت عوامل الزمن في تأخير خروج أعمال عبد الله راجع، فأذكر أن زوجة الراحل اتصلت بأكثر من جهة لنشر أعمال زوجها، لكن حدثت بعض الحوادث الطارئة في الطريق، بما فيها نشر الأعمال من قبل وزارة الثقافة على عهد محمد بنعيسى، وهذه المسألة معروفة». ويضيف بوسريف «في الحقيقة، الفضل في نشر أعمال عبد الله راجع يعود إلى مقال نشرته بجريدة «المساء» حول المطالبة بضرورة نشر أعمال عبد الله راجع، وما يتعرض له من تجاهل ونسيان من قبل جميع الأطراف والمؤسسات المعنية بالموضوع، وللشهادة كانت استجابة وزارة الثقافة فورية عن طريق مدير الكتاب حسن الوزاني، الذي خول له الوزير هذا الأمر بمجرد قراءة المقال، وهكذا تكلفت شخصيا بالاتصال بعائلة الراحل، وخصوصا زوجته التي كانت في ذمتها هاته الأعمال. وقد ساعدت علاقتي الشخصية بالعائلة، بما فيها من احترام وتقدير وصداقة خالصة، على تبديد كل المخاوف وتسهيل عملية خروج هذه الأعمال إلى الوجود، إضافة إلى الدور الإيجابي الكبير الذي لعبته مديرية الكتاب في الاستجابة لمطالب زوجة الراحل والشروط التي كانت تنص عليها في التعاقد». وحول صيغة الأعمال وترتيبها قال بوسريف: «لقد كلفت شخصيا بعد المراجعات الأولى التي قامت بها مديرية الكتاب أن أقوم بالمراجعة النهائية لهذه الأعمال. ومن حسن الحظ أن راجع كان قد رتب أعماله وهيأها، بما فيها الديوانان الأخيران، بطريقته هو ولم يتدخل فيها أي طرف». وزارة الثقافة تطبع فأين الموزع؟ يلاحظ أن أغلبية الأعمال الكاملة المنشورة قامت بها وزارة الثقافة. وبقدر ما نوه بها المبدعون، سواء الذين كان لهم الحظ في طبع أعمالهم أو من طرف الباحثين والقراء، فإنهم آخذوا عليها محدودية توزيع هذه الأعمال، إذ إنها في الغالب تبقى حبيسة الرقعة الجغرافية المغربية، وحتى وإن تم توزيعها خارج الحدود فإن عددها يبقى محدودا، وهذا الأمر لا يعني فقط الأعمال الكاملة وإنما كافة منشوراتها. وعلى الرغم من أهمية الكتب المنشورة فهي تظل حبيسة رفوف أو سراديب المطبعة، وقد دعا المبدعون إلى ضرورة تجاوز هذا المشكل حتى يكتمل دور الوزارة. كما نبهوا إلى ضرورة تخفيض أثمنتها حتى تكون في متناول القراء، وخاصة الباحثين والطلاب. وقد طرحنا السؤال حول كيفية توزيع هذه الأعمال الكاملة على مدير الكتاب حسن الوزاني، فكان جوابه: «على هذا المستوى يتم التعامل مع شركة متخصصة ويتم عرضها (أي الأعمال الكاملة) في المعارض الجهوية التي تنظمها وزارة الثقافة، بالإضافة إلى المعارض الدولية من خلال 20 معرضا دوليا». وأضاف الوزاني أن «هناك توجها جديدا من أجل خلق نفس قوي، يتمثل في دعم الناشرين الذين يعمدون إلى نشر الأعمال الكاملة، وهذا ولاشك سيسهم في ظهورها بشكل لائق ومهني». وأوضح الوزاني أن «هذا الدعم سيشمل، بالإضافة إلى دعم الناشرين، دعم المجلات الثقافية المغربية والمجلات الثقافية الالكترونية، ومكتبات البيع، سواء على مستوى الإحداث أو التحديث، وكذلك مشاركة الكتاب المغاربة في إقامات الكتاب داخل المغرب وخارجه». جدير ذكره أن إصدارات وزارة الثقافة لم تكن الوحيدة في الساحة الثقافية، بل هناك أعمال أخرى لبعض الكتاب والشعراء مثل أعمال أحمد بوزفور من خلال «ديوان السندباد» وأعمال محمد بنيس ومحمد بنطلحة وأعمال محمد شكري وغيرهم.