لم يغير امتلاك سكن عشوائي بالنسبة لآلاف المواطنين بضواحي سلا من واقع المعاناة والحرمان شيئا، رغم الوقفات والمسيرات الاحتجاجية التي قاموا بها. فبعد هضم السكان لرفض السلطات المحلية تسليمهم عددا من الوثائق التي يحصل عليها قاطنو الأحياء الأخرى من قبيل شهادة الإقامة، والشواهد الإدارية الأخرى التي يسلمها رجال السلطة، كالشواهد الإدارية التي تعتبر مساكنهم مبنية، والوثائق الخاصة بإنجاز وثيقة "راميد" للاستفادة من الخدمات الصحية بالمستشفيات العمومية، وصلت المعاناة والحرمان ذروتهما، برفض شركة "ريضال" ربط مئات المساكن بعدادات الماء والكهرباء، لتنضاف هذه المشاكل إلى تجاهل السلطات المحلية للخصاص المهول في المرافق العمومية كالمدارس الإعدادية والثانوية، والمرافق الصحية، ومركز البريد والأمن. فبعد انتظار طويل، ولمدة قاربت السنة، أعرب عدد من السكان عن تذمرهم من استمرار وقف شركة "ريضال" ربط مساكنهم بالماء والكهرباء، دون مبررات واقعية، باستثناء رمي الكرة في ملعب السلطات العمومية، والتحجج بوجود قرار عاملي، يقضي بعدم ربط المساكن المبنية بشكل عشوائي بخدمات الماء والكهرباء، رغم الطابع الحيوي لهما. واستنادا إلى شكاوى بعض السكان بأحياء البراهمة، والمشاة، وبنعويش، ودوار لعيالات وتجمعات سكنية متناثرة في تراب جماعة أولاد العياشي القروية المحدثة بمقتضى التقسيم الإداري لسنة 2011، فإن السلطات المحلية والمنتخبين يتقاذفون المواطنين المطالبين بتبرير وقف تزويد مساكنهم بالماء والكهرباء، إذ تعتبر السلطات العمومية هذه التجمعات السكانية المنتشرة على مئات الهكتارات مجرد أراض عارية، استنادا إلى وثائق التعمير التي تصنفها كمنطقة خضراء، فيما "تنتهز" المجالس المنتخبة حاجة السكان إلى عدد من المصالح والخدمات لاستغلال أصواتهم، وهذا يتم ترحيل مشاكلهم من مجلس إلى آخر. ووفق الشهادات التي حصلت عليها "المساء" بعين المكان، فإن الحاجة إلى عدد من المرافق دفعت السكان إلى ابتكار عدد من الحلول الترقيعية لتوفير الماء والكهرباء، كحفر عدد من الآبار بطرق تقليدية من خلال اكتتاب المواطنين، ولجوء بعضهم إلى سرقة التيار الكهربائي من أعمدة الإنارة العمومية، مع ما يشكله ذلك من خطورة على سلامتهم. واللافت للانتباه هو صمت السلطات تجاه هذه الحلول، من أجل تجنب الاحتجاجات المتتالية وما تمثله من حرج لمسؤولي السلطات المحلية، خاصة في ظل تلويح السكان بتنظيم مسيرات إلى الإقامة الملكية بالمعمورة. وأكد متضررون من هذا الوضع أن البحث عن الماء الشروب بطرق عشوائية، قد يتسبب في إصابة المواطنين بأمراض ناتجة عن عدم التحقق من جودة المياه وصلاحيتها للشرب، خاصة أن مذاق الماء بالمنطقة يحمل نكهة مريبة تثير مخاوف السكان، لكن غياب البديل يدفعهم إلى عدم التوقف عند هذا الأمر كثيرا، فيما يصف آخرون طريقة التخلص من حاجتهم بسبب غياب شبكة للصرف الصحي، بأوصاف لا تصدق على مواطنين يقطنون على بعد أقل من 20 كلم عن العاصمة، فيما وصف بعض الشباب الذين تحدثوا ل"المساء" واقعهم المعيشي بالعقاب الجماعي لمواطنين رمت بهم الأقدار إلى هذه الرقعة.