لم يتأخر كثيرا رد القيمين الدينيين على التصريحات التي أطلقها، أول أمس، أحمد التوفيق، وزير الأوقاف، في ندوة صحافية خصصها لتقديم خلفيات إصدار الظهير الملكي الذي يمنع الخطباء والأئمة والعاملين في المجال الديني من ممارسة أي نشاط سياسي أو نقابي. وكشف مصدر من الرابطة الوطنية لأسرة المساجد بالمغرب أنها «تستغرب امتلاك وزير الأوقاف جرأة الإعلان عن موقف معروف تتبناه مجمل الأنظمة العربية وهو تطويع الدين لخدمة سياسة معينة»، مضيفا «أن الدول التي تخاف من الدين تعمل بمبدأ فصله عن السياسة، لكن بأسلوب يتصف بالحكمة دون أن يجرؤ أحد على إعلان هذا الموقف مثل ما فعل وزير الأوقاف المغربي». وقال المصدر ذاته في تصريحات استقتها «المساء»: «هذا التصريح قد يفتح الباب أمام من يكفرون الناس أو أولئك الذين لا يرون فائدة من التعامل مع المؤسسات الدينية، وهذا في اعتقادنا تهور من مسؤول على وزارة لها مهام جسام، وحتى لو كان الوضع يقتضي ضبط الأمور الدينية إلا أن التصريح به بهذا الشكل يضر بالأئمة وبالوزارة وبالبلاد كلها». وردا على حسم الوزير، عبر مذكرة وزارية، في مسألة خوض الأئمة والخطباء في السياسة وإلزامية تقديم الاستقالة لمن يرغب في الترشح، قال عبد العزيز خربوش الكاتب العام للرابطة: «نحن في غنى عن التفسيرات والتأويلات القانونية لنثبت أحقيتنا في الممارسة السياسية والنقابية، وهذا أمر مكفول شرعا وقانونا، لكن أمام اعتراف الوزير بأنه يخشى على السياسة من الدين، نظنه نسي أن يقول إنه يخشى على السياسة من الديمقراطية كذلك، لأن منعنا بصفتنا مواطنين من الانتماء السياسي والنقابي هو خوف على السياسة من الديمقراطية، وسنكون أمام شخص يعتقد أنه يملك لوحده الحق في التشريع وتكييف القوانين بما يخدم مصلحته». وقال خربوش أيضا: «إن الخوف من أن نعيش تجارب دول أخرى هو خوف مبالغ فيه ولا شك أن الوزير لا يستند إلا إلى بعض الوقائع التي شاهدها في دول أخرى، وما يغفل عنه أن عزل أو توقيف الخطيب بسبب ممارسته السياسة يفتح الباب أمام احتضانه واستقطابه من بعض الجماعات الإسلامية، لأن صفة فقيه لا تقتضي أن نعمل في المجال الديني داخل المسجد فقط، ونحن نمارس المهمة سواء كنا متعاقدين مع الأوقاف أو قامت بطردنا، وقد جربت الوزارة عقوبات متعددة، منها العزل والتوقيف وغيرها، لكن تبين لها أنها توفر للمطرودين الظروف المواتية لاحتضانهم من طرف جهات أخرى. وللأسف، فالوزير أطلق كلامه ليوهم غير المنتمين للمجال بأمور غير صحيحة، أما نحن فنعلم أنه غير مسموح لنا أن نتعاطى السياسة سواء داخل المسجد أو خارجه وهذا أمر معروف». على صعيد متصل، قال الكاتب العام للرابطة، ردا ما قاله وزير الأوقاف بخصوص عدم حاجة القيمين والخطباء لنقابة للدفاع عن حقوقهم، بمبرر أنهم ليسوا أصحاب حرفة، إن «وزير الأوقاف سيكون صادقا في دعوته لو خلا بيننا وبين أمير المؤمنين. لكن بما أن الوزارة تقوم بدور الوساطة وتنقل عنا الرسائل بالشكل الذي تريده، وتسوق ما نقوم به على أنه يشكل خطرا، وهي بتصرفها هذا تتناقض مع نفسها، لأنها تتقمص دور المشرف على القطاع حين يتعلق الأمر بمعاقبة إمام أو خطيب وتمارس دورها كما يفترض أن يمارس تجاه المنتسبين إليه، لكن حين يتعلق الأمر بالواجبات والوضعية الهشة للأئمة والقيمين الدينيين فإنها تتنصل منا، وللأسف فالوزارة لم تترك الأمر للعرف، ولا طبقت القانون ولا خلت بيننا وبين من يتولى أمرنا لينظر في حالنا».