نظام الضمان الاجتماعي.. راتب الشيخوخة للمؤمن لهم اللي عندهومًهاد الشروط    تراجع حركة المسافرين بمطار الحسيمة خلال شهر مارس الماضي    منصة "واتساب" تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت    بعد خسارته ب 10 دون مقابل.. المنتخب الجزائري لكرة اليد يعلن انسحابه من البطولة العربية    الحكومة الإسبانية تعلن وضع اتحاد كرة القدم تحت الوصاية    اتحاد العاصمة الجزائري يحط الرحال بمطار وجدة    بايتاس: مركزية الأسرة المغربية في سياسات الحكومة حقيقة وليست شعار    الزيادة العامة بالأجور تستثني الأطباء والأساتذة ومصدر حكومي يكشف الأسباب    المغرب يعرب عن استنكاره الشديد لاقتحام باحات المسجد الأقصى    مضامين "التربية الجنسية" في تدريب مؤطري المخيمات تثير الجدل بالمغرب    المعارضة: تهديد سانشيز بالاستقالة "مسرحية"    القمة الإسلامية للطفولة بالمغرب: سننقل معاناة أطفال فلسطين إلى العالم    المغرب يستنكر اقتحام باحات المسجد الأقصى    حاول الهجرة إلى إسبانيا.. أمواج البحر تلفظ جثة جديدة    وزارة الفلاحة تتوّج أجود منتجي زيوت الزيتون البكر    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي : إصدار 2905 تراخيص إلى غاية 23 أبريل الجاري    عدد زبناء مجموعة (اتصالات المغرب) تجاوز 77 مليون زبون عند متم مارس 2024    تشافي لن يرحل عن برشلونة قبل نهاية 2025    3 مقترحات أمام المغرب بخصوص موعد كأس إفريقيا 2025    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    الجماعات الترابية تحقق 7,9 مليار درهم من الضرائب    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    استئنافية أكادير تصدر حكمها في قضية وفاة الشاب أمين شاريز    مدريد جاهزة لفتح المعابر الجمركية بانتظار موافقة المغرب    أبيدجان.. أخرباش تشيد بوجاهة واشتمالية قرار الأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    المالية العمومية: النشرة الشهرية للخزينة العامة للمملكة في خمس نقاط رئيسية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهندسة الجينية للنباتات والحيوانات.. الموت الزاحف إلى الإنسان
تمنح العلماء إمكانات هائلة لتغيير البنية الحالية للكائنات لكن مخاطرها لا تعد ولا تحصى
نشر في المساء يوم 04 - 08 - 2014

هل ستؤدي الهندسة الوراثية للنباتات والحيوانات إلى تحقيق معجزات من أجل إطعام كافة سكان الأرض والتغلب على شبح الجوع، أم أنها ستعرض العالم لكارثة لا يمكن توقع نتائجها إلا بعد ظهورها؟ وهل من الممكن أن تتعايش المنتجات المعدلة جينيا مع المنتجات غير المعدلة؟ أم أن ذلك سيؤدي إلى ظهور أنواع هجينة جديدة من النباتات والحيوانات؟ أسئلة جد محيرة لم تستطع الدراسات العلمية، حتى الوقت الراهن، الحسم فيها. المنتجات المعدلة جينيا التي مازالت في بداية طريقها نحو اكتساح العالم وتحمل في طياتها ثورة مجهولة النتائج، قد تغير ملامح العالم البيئية والبيولوجية والسياسية والاجتماعية، وقد تخلف كذلك نتائج كارثية لا يمكن التخلص منها. تقف وراء هذه "الثورة" شركات عالمية عملاقة تسعى إلى التحكم في الغذاء بالعالم مع ما يحمله ذلك من مخاطر على صحة البشر وتهديد استمرار التنوع البيولوجي الحالي، علما أن الهندسة الجينية مازالت في بداية الطريق، ولا يستطيع أحد توقع نتائجها أو عواقبها السلبية على المدى البعيد.
كرنب ملفوف يفرز سم العقارب، تفاح لا يتغير لونه بعد تقطيعه وتركه لساعات معرضا للهواء، طماطم لا تفسد حتى بعد نضجها، موز يستخدم بدل الحقن لمحاربة الأمراض، بيض طبي يعالج السرطان، فئران مغردة... هذا فضلا عن تشكيلة من الفواكه والخضر التي تبدو بألوان وأحجام غريبة لا عهد لأحد بها، كالتفاح باللونين الأزرق والأسود والخس بمختلف تدرجات الألوان.
هذه المنتجات، وغيرها من الأشياء التي تحير العقل وتصيبه بالدهشة، تعد ثمرة الجيل الجديد من المنتجات المعدلة جينيا التي مازالت في بداية طريقها نحو اكتساح العالم وتحمل في طياتها ثورة مجهولة النتائج، قد تغير ملامح العالم البيئية والبيولوجية والسياسية والاجتماعية، وقد تخلف كذلك نتائج كارثية لا يمكن التخلص منها. وتقف وراء هذه «الثورة» المختبرات العلمية، التي نقلت الإنتاج الفلاحي والزراعي من الحقول والضيعات والمساحات الخضراء إلى داخل المختبرات، مع ما يحمله ذلك من مخاطر على صحة البشر وتهديد استمرار التنوع البيولوجي الحالي.
في الوقت الراهن تخضع عدة منتجات غذائية لتعديلات جينية على رأسها الصويا والذرة، وربما تليها في وقت قريب منتجات أخرى كالشمندر السكري والقطن، وقد أطلقت جمعيات حماية البيئة وحماية المستهلكين صيحات الإنذار مع وصول هذه المواد إلى أطباقنا، مع ما تشكله من مخاطر على الصحة والتنوع البيولوجي.
المخاطر المرتبطة بالتعديلات الجينية قد تنجم عنها أمور لا تخطر على البال، وذلك من خلال تغيير بنية الحمض النووي، المسؤول عن الحفاظ على المعلومات والسمات الجينية عند جميع الكائنات الحية وعن نقلها عبر التوالد، أو تعديل تلك البنية من خلال إدماج أحماض نووية مختلفة لإنتاج أشكال جديدة من الجينات. الأدهى من ذلك هو أن تلك التعديلات الجينية تدخل مائدتنا، سواء علمنا بذلك أم لا. ففي الوقت الراهن، تصل نسبة الذرة المعدلة جينيا بالولايات المتحدة الأمريكية لما يفوق 45 في المائة، فيما تقفز تلك النسبة إلى 85 في المائة بالنسبة لفول الصويا، الذي يستخدم كعلف على نطاق واسع. علاوة على ذلك، تشير الإحصائيات إلى أن ما بين 70 و75 في المائة من الأطعمة المحولة تضم بين محتوياتها منتجات معدلة جينيا. وحتى في حال امتناع الأشخاص عن تناول الأغذية التي تضم في محتوياتها مواد معدلة جينيا فإن ذلك الأمر يصبح مستحيلا بالنسبة لبعضها كالصويا المعدلة جينيا، التي تستعمل مشتقاتها في الكثير من الأطعمة كصناعة الخبز والحلويات والبسكويت والقشدة. كما يستخدم «الليستيس» المشتق أيضا من الصويا بكثرة في منتجات كالشوكولاتة والمثلجات وزبدة المارغارين وغذاء الأطفال والرضع.
مخاطر الهندسة الوراثية
تتفق كل الجمعيات التي تعنى بالحفاظ على البيئة على الخطر الكبير الذي تشكله المنتجات المعدلة جينيا على صحة البشر. وتصر تلك الجمعيات على القول إن التقدم العلمي في مجال البيولوجيا الذرية يحمل في طياته إمكانات كبيرة للرفع من درجة إدراكنا للطبيعة وللأمراض، إلا أنه لا ينبغي اتخاذ ذلك كذريعة لتحويل الأرض إلى حقل تجارب ضخم للوارثة الجينية تتحكم فيه المصالح التجارية للشركات العابرة للقارات، ولا يمكن توقع الآثار الضارة التي قد تنجم عنه وطريقة تفاعل الجسم البشري مع المنتجات المعدلة جينيا. وحسب منظمة «غرين بيس»، المناهضة للمنتجات المعدلة جينيا، فإن التنوع الحيوي والتكامل الطبيعي للسلسلة الغذائية بالأرض بالأهمية بما كان بالنسبة لبقاء الإنسان، وبالتالي لا ينبغي تعريضها للخطر عبر التلاعب بالبنيات القائمة المتكاملة فيما بينها.
هذه التحذيرات تقف خلفها الأضرار الخفية، والتي لا يمكن توقعها، للهندسة الجينية، التي تخول للعلماء المختصين إنتاج نباتات وحيوانات، وكائنات لا ترى بالعين المجردة معدلة جينيا، وذلك من خلال التحكم في الجينات المسؤولة عن نقل المعلومات الوراثية بطرق لا تحدث بشكل طبيعي، إما بمزجها أو إدخال هرمونات حيوانية على النباتات، وذلك لتحسين بعض المزايا الغذائية أو حفظ المادة لأطول مدة زمنية ممكنة.
غير أن الأمر المخيف يتمثل في كون درجة استيعاب العلماء في الوقت الحاضر لكيفية اشتغال الحمض النووي والوراثة الجينية مازال في بداية الطريق، ومازالت الأبحاث حول التعديلات الجينية وأثارها السلبية في طور الإعداد، ما يعني أنه يصعب معرفة تأثير تلك المواد على الصحة والمجال البيئي والبيولوجي. كما أن أي تغيير يطال الحمض النووي يمكن أن تكون له آثار جانبية يستحيل في الوقت الراهن توقع حدوثها أو حتى التحكم بها.
الانتشار والتزاوج
أما الخطر الأكبر لهذه المنتجات المعدلة جينيا يتمثل في قدرتها على الانتشار بالطبيعة والتزاوج مع الكائنات الطبيعية، وهو ما يتسبب في تلويث المجالات غير المعدلة جينيا، ونقل التعديلات الجينية إلى المحاصيل والأجيال القادمة من الحيوانات بطرق غير متوقعة وغير متحكم بها.
وتعتبر «غرين بيس» أن إطلاق العنان لهذه النوعية من الزراعات بمثابة «تلوث جيني» يشكل خطرا محدقا بالعالم، بما أنه لا يمكن التحكم في النباتات والحيوانات المعدلة جينيا بعد إطلاقها في الطبيعة.
وتتفق الجمعيات التي تعنى بالحفاظ على بيئة وحماية المستهلكين، على كون المصالح التجارية تقف وراء حرمان الرأي العام من الحق في معرفة المواد المعدلة جينيا التي يتم إدماجها ضمن السلسلة الغذائية، وبالتالي حرمان المستهلك من إمكانية تجنب تناول تلك الأغذية، رغم وجود عدد من دول العالم التي تفرض بالضرورة وضع ملصقات توضح منشأ المنتجات الغذائية.
وتسعى هذه المنظمات إلى جعل يوم 8 أبريل يوما عالميا خاصا بمعارضة المنتجات المعدلة جينيا، بالنظر للخطر الذي تشكله على التنوع البيولوجي، الذي تدعو هذه المنظمات إلى حمايته والحفاظ عليه بصفته إرثا إنسانيا، وواحدا من الأمور الحيوية لاستمرار البشر في العيش على سطح الأرض.
هذه المعارضة تعززها الدراسات التي أجريت على الحيوانات التي أوضحت أن الأغذية المعدلة جينيا تؤدي إلى الإصابة بالعقم، وتسريع الشيخوخة، واختلالات في ضبط مستوى الأنسولين، وتغييرات مهمة في الأعضاء الداخلية للجسم بما فيها جهاز الهضمي والأمعاء، فضلا عن عدد من المشاكل المرتبطة بالمناعة كالربو، والحساسية.
كما أن المواد المعدلة جينيا تؤدي إلى الرفع من درجة استخدام المبيدات الحشرية، ما يؤدي إلى تدمير البيئة. فمعظم البذور المعدلة جينيا تمت هندستها بشكل يجعلها قادرة على تحمل المواد الكيماوية التي تقتل النباتات والحشرات الضارة. غير أن ذلك يؤدي بعد مرور بضع سنوات إلى رفع النباتات والحشرات الضارة من درجة مقاومتها للمبيدات الحشرية، وهو ما يدفع الفلاحين إلى استخدام كميات أكبر من المبيدات الحشرية في كل سنة، ما يتسبب في تدمير البيئة، والرفع من مستوى رواسب المبيدات الحشرية في الأغذية. ومن المعروف عن هذه المبيدات الحشرية أنها تؤذي بشكل مباشر الطيور، والنحل، والحيوانات البرمائية، إضافة للفرشة المائية والتربة.
وتصوغ الشركات التي تطور المنتجات الغذائية خطر التغلب على شبح المجاعة في العالم كذريعة لنشر منتجاتها في العالم، وذلك عبر الإدعاء أن المنتجات المعدلة جينيا تعطي مردودا زراعيا لا يمكن الحصول عليه بالطرق المعتادة. إلا أن دراسة علمية تم إنجازها سنة 2009 أشرفت عليها جمعية للعلماء الأمريكيين أوضحت أن المنتجات المعدلة جينيا لا تؤدي إلى الرفع من مستوى المحاصيل الزراعية، بل تؤدي فقط إلى الرفع من مداخيل الشركات التي تطور تلك المنتجات، وهو ما يوضح أن هم تلك الشركات هو رفع مداخيلها المالية وليس إطعام سكان العالم.
من جهة أخرى، أوضح تقرير أشرفت عليه منظمة أصدقاء الأرض الأمريكية أن العديد من المشاكل الصحية تزايدت حدتها بعد ظهور الأغذية المعدلة جينيا بالولايات المتحدة الأمريكية منتصف التسعينيات. وحسب التقرير فإن ذلك أدى إلى الرفع من نسبة التعرض للإصابة بالحساسيات واضطراب نقص الانتباه مع فرط التحرك ب 400 في المائة، وأدى إلى رفع نسبة التعرض للإصابة بالربو إلى 300 في المائة، مع ارتفاع كبير يصل إلى 6000 في المائة في نسبة إصابة الأطفال بمرض التوحد. كما سجل التقرير ارتفاع في المشاكل المرتبطة بالنسل والجهاز الهضمي.
بروتوكول قرطاجنة
تحاول بعض حكومات العالم التعاطي مع التهديد الذي تشكله الهندسة الوراثية، وذلك عبر صياغة رزنامة من الضوابط والقوانين، التي يعد بروتوكول قرطاجنة للسلامة الإحيائية المتعلق بالتنوع البيولوجي، أهم نص قانوني دولي يعنى بحماية التنوع البيولوجي من مخاطر الهندسة الوراثية. هذا البروتوكول الذي دخل حيز التنفيذ منذ العام 1993 يعترف بضرورة القيام بالأبحاث العلمية المرتبطة بالهندسة الوراثية، لكنه يحرص بالأساس على حماية وصون التنوع البيولوجي، والاستعمال المستدام للموارد الطبيعية، والتقاسم العادل والمنصف للمنافع التي تنشأ عن استعمال الموارد الجينية.
لكن هذا الإطار القانوني الدولي الذي يعد كوسيلة ردع للحماية من التجاوزات المرتبطة بالهندسة الجينية لم يحل دون خروج آلاف الفلاحين وأنصار البيئة والمستهلكين بدول العالم، وخاصة بالقارة الأوربية، للمطالبة بفلاحة خالية من المواد المعدلة جينيا، وهو ما قام به الإسبان شهر أبريل 2010 حين طالبوا حكومتهم بالسير على نفس نهج دول كفرنسا وألمانيا، والنمسا، والقيام بحظر زرع الذرة المعدلة جينيا داخل إسبانيا.
ويعتبر أنصار البيئة أنه لا ينبغي بتاتا إطلاق الحيوانات والنباتات المعدلة جينيا في المجال البيئي، بالنظر لعدم وجود أي دراسات علمية مناسبة تستطيع الحسم في تأثير المنتجات المعدلة جينيا على البيئة وصحة الإنسان. من جهتها تعتبر «غرين بيس» أن الأطعمة المعدلة جينيا المعدة للاستهلاك البشري هي في حد ذاتها خطر على صحة الإنسان. فالعلوم المرتبطة بالجينات والهندسة الجينية مازالت في مراحلها الأولى، مقارنة بما تحقق في مجالات أخرى، وبالتالي مازال العلماء المختصون في الهندسة الوراثية يجهلون الآثار والعواقب طويلة الأمد لتحرير هذه الكائنات المعدلة جينيا، التي لا يستطيع أحد توقع ما تحمله من مخاطر، في المجال البيئي وإدخالها ضمن النمط الغذائي الحديث.
وبفضل ضغط المستهلكين، قامت الأسواق التجارية في عدد من بلدان العالم بسحب المنتجات المعدلة جينيا، وهي الخطوة التي سار عليها كذلك عدد من كبريات شركات التغذية في العالم، التي سحبت كذلك المنتجات المعدلة جينيا من منتجاتها. وتعد أوربا الرائدة عالميا في مجال محاربة انتشار الأغذية المعدلة جينيا؛ وذلك بفضل التعبئة الشاملة التي قادها المستهلكون الأوربيون وأنصار البيئة، وهو ما جعل أوربا في منأى عن وصول المنتجات المعدلة جينيا إلى بطون مواطنيها. وفي شهر أبريل من سنة 2004 أقرت أوربا وشرعت في العمل بنظام لتصنيف المنتجات يوصف بالأشد صرامة في العالم.
حالة الانقسام الأوربي
هذه الصرامة لم تجعل موقف الاتحاد الأوربي موحدا بشأن حظر بعض المنتجات المعدلة جينيا؛ فعدد من بلدان الاتحاد ترفض كليا السماح بزرع المنتجات المعدلة جينيا على أراضيها كما هو الحال بالنسبة لفرنسا، وألمانيا، وبريطانيا وبلجيكا، التي لا توجد بها في الوقت الراهن أي زراعات معدلة جينيا، فيما سمحت أخرى بتطوير الزراعات المعدلة جينيا. وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتربع على عرش الدول المنتجة للذرة المعدلة جينيا، التي تستعمل بالأساس كعلف أو كمنتوج أولي لاستخراج الطاقة، فإن دول الاتحاد الأوربي لم تستطع التوصل إلى موقف موحد بشأن السماح بزرع المنتجات المعدلة جينيا داخل أراضيها.
هذا الاختلاف حسم فيه البرلمان الأوربي ببروكسيل أواخر شهر ماي المنصرم، حين أقر مجلس وزراء الاتحاد الأوربي اتفاقا يقضي بتطوير الإطار القانوني الأوربي بشكل يخول الحق لبعض الدول داخل الاتحاد الأوربي بزراعة المنتجات المعدلة جينيا داخل أراضيها، مع التنصيص على إمكانية قيام الدول، التي تعارض الزراعات المعدلة جينيا، بمنع وصول البذور المعدلة جينيا إلى حقولها. ويسمح الاتفاق الأوربي لكل دولة على حدة داخل الاتحاد بالتقرير، بشكل مستقل، في شأن السماح أو عدم السماح بالزراعات المعدلة جينيا بأراضيها، وذلك بناء على معايير موضوعية تأخذ كذلك بعين الاعتبار الأرباح والتكلفة.
كما يسمح القرار الذي صادق عليه البرلمان الأوربي لكل دولة داخل الاتحاد بتحديد الأماكن التي لا يسمح بها بزراعة المنتجات المعدلة جينيا داخل أراضيها، وذلك إما لأسباب مرتبطة بالصحة العامة، أو الحفاظ على البيئة، أو الاستجابة لضغط الرأي العام، أو تهيئة المجال البيئي، أو الحد من انتشار بذور المنتجات المعدلة جينيا.
رغم هذا الامتناع عن السماح بتطوير المنتجات المعدلة جينيا، فإن الدول التي تعارض الزراعات المعدلة جينيا داخل الاتحاد الأوروبي (فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا وبلجيكا) لا يمكنها أن تحظر تنقل المنتجات المعدلة جينيا الحاصلة على التراخيص على أراضيها. وفي الوقت الراهن حصلت أربع منتجات معدلة جينيا على التراخيص الضرورية التي تسمح باستغلالها فلاحيا، بيد أنه لا يتم حاليا سوى زراعة نوع واحد بأوربا وهي الذرة المعدلة جينيا التي تطورها المجموعة الأمريكية «مونسانطو». مقابل ذلك، تنتظر سبع منتجات معدلة جينيا أخرى الحصول على ترخيص الاتحاد الأوربي من أجل البدء في استغلالها فلاحيا.
العملاق «مونسانطو»
على امتداد العقد الماضي، تحولت شركة «مونسانطو» الأمريكية إلى البعبع المخيف الذي يخفي وراءه مخاطر المنتجات المعدلة جينيا ويعمل جاهدا على نشره في دول العالم. وتحاول هذه الشركة العابرة للحدود، التي اختصت في البداية في إنتاج مبيدات الحشرات، على امتداد العقدين المنصرمين في إطباق سيطرتها على سوق الأسمدة في العالم من خلال البذور المعدلة جينيا التي تعمل على تطويرها. وتصل قيمة مبيعات المجموعة في الوقت الراهن إلى ما يقارب 11.8 مليار دولار أمريكي وتشغل 404 شركة في 66 دولة من دول العالم، وتتواجد بكل القارات. وإذا تمكنت «مونسانطو» من تنفيذ سياستها فذلك يعني أن الإنتاج الزراعي بأكمله سيصبح مرتبطا بهذه الشركة، وذلك لأن الفلاحين سيتعين عليهم اقتناء البذور في كل سنة من هذه الشركة العملاقة. علاوة على ذلك، هذه المنتجات المعدلة جينيا لا تقبل سوى مبيدات الحشرات التي تطورها شركة «مونسانطو». كما أن البذور التي تطورها هذه الشركة تتزاوج وتنتشر في الحقول المجاورة لأماكن زراعتها، وهو ما يهدد باختفاء النوعيات المحلية، وظهور النوعيات المعدلة جينيا المنمطة المليئة بمبيدات الحشرات.
وتشكل «مونسانطو» بالإضافة لشركتي «دي بونت» و»سينجينطا» ثلاث شركات عملاقة عابرة للقارات تسيطر على نسبة 70 في المائة من السوق العالمي للأسمدة، وتسعى مجتمعة إلى الهيمنة على الموارد الغذائية والمائية بالأرض. يتم هندسة معظم البذور المعدلة جينيا بشكل يجعلها قادرة على تحمل مبيدات الحشرات. وهذا السبب وراء تسويق «مونسانطو» لبذور جاهزة لتحمل مبيدات الحشرات، وقادرة بالتالي على تحمل مبيدات الحشرات التي تطورها هذه الشركة. وكنتيجة مباشرة لذلك، قام الفلاحون الأمريكيون، ما بين 1996 و2008، برش كميات إضافية تصل إلى 174 مليون كيلوغرام من المبيدات الحشرية على البذور المعدلة الجينية التي زرعوها. هذا ليس كل شيء، فالاستعمال المكثف للمبيدات الحشرية التي تطورها شركة «مونسانطو» يؤدي إلى دفع النباتات الضارة والحشرات لتطوير وسائل دفاعية جديدة، ما يعني ضرورة استخدام المبيدات على نحو أكبر، وهو ما يعني المزيد من الأرباح للشركات العملاقة، والمزيد من التلوث للبيئة.
في الوقت الراهن تعد «مونسانطو» الرائدة عالميا في التكنولوجيا الحيوية، أو تطبيق العلوم الحيوية للحاجيات الصناعية، وأول شركة بذور في العالم. كما أن نسبة 90 في المائة من المنتجات المعدلة جينيا التي تنمو بالعالم تعود ملكيتها لهذه الشركة. وخلال العقد المنصرم، دخلت الشركة في مفاوضات تمخض عنها استحواذها على العشرات من الشركات بالعالم المختصة في تطوير الأسمدة، ما جعلها قادرة على نشر بذورها المعدلة جينيا بشكل أفضل. هذه البذور تخضع لتسجيل براءة الاختراع، وهو ما يعني أن الفلاحين الذين يزرعونها لا يستطيعون الاحتفاظ بجزء من المحاصيل من أجل استخدامها كبذور للموسم القادم، كما اعتاد الفلاحون القيام به في جميع ربوع العالم منذ آلاف السنين. وبالولايات المتحدة الأمريكية وكندا يتعين على الفلاحين الراغبين في زرع البذور المعدلة جينيا التوقيع على «اتفاق تكنولوجي»، من بين ما ينص عليه عدم قيام هؤلاء الفلاحين بإعادة زرع البذور من محاصيلهم. وفي حال عدم التزامهم بالاتفاق أو خرق أحد شروطه، يمكن لشركة «مونسانطو» اللجوء إلى المتابعة القضائية. هذا الأمر يوضح بشكل جلي أن البذور المعدلة جينيا ليست سوى وسيلة للتحكم في سلسلة التزويد بالبذور، البذور التي تعد الرابط الأول ضمن السلسلة الغذائية المعتادة.
وسعت هذه الشركة العملاقة إلى بسط نفوذها على دولة المكسيك، الجارة الجنوبية للولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل بعد المقاومة العنيدة وسلسلة المظاهرات والاحتجاجات التي قادها الفلاحون وعدد من الوجوه السياسية لصد غزو «مونسانطو» للأراضي الفلاحية المكسيكية. ويرى الرأي العام المكسيكي أن السماح بزرع الذرة المعدلة جينيا ببلادهم، سيؤدي لا محالة إلى تسريع وتيرة تحويل ملكية الأراضي الفلاحية والحقوق المائية من يد الفلاحين الصغار ونقلها إلى مزارع الذرة المعدلة جينيا الخاضعة للشركات العابرة للقارات، وبالتالي تهديد سيطرة الدولة على منظومة توزيع الأغذية. بدوره سيؤدي انتشار زراعة الذرة المعدلة جينيا إلى إفساد الأنواع المحلية.
وعلى امتداد سنوات عديدة، حرصت الشركة الرائدة في مجال البذور المعدلة جينيا على القول إن التعديلات الجينية التي يتم إجراؤها تشبه ما يحدث داخل المجال الطبيعي، لكن على نحو متحكم به بطريقة أفضل. وتحاول تلك الشركات جاهدة أن تخفي بأن التعديلات الجينية التي تجرى على النباتات تعتمد على الجينات المأخوذة من الحيوانات وغيرها من الأصناف الهجينة، والتي لا يمكنها أن تنتقل بشكل طبيعي إلى تلك النباتات. كما تبذل تلك الشركات قصارى جهدها من أجل إخفاء الدراسات التي تشير إلى الآثار السلبية لتناول الأطعمة المعدلة جينيا، بما في ذلك التعرض للإصابة بالسرطان.
أما النتيجة المأمولة من وراء ما تبذله تلك الشركات العابرة للقارات، فتتمثل في التحكم في العالم بطريقة غير مباشرة، عبر إطباق السيطرة على الغذاء، الذي بدونه لا توجد حياة.
تفاح يظل في لونه بعد تقطيعه
من المعروف عن فاكهة التفاح أن لونها يصبح داكنا جدا بعد تقطيعها وتعرض بنيتها الداخلية للعوامل الخارجية. بيد أن شركة أمريكية قررت خوض مغامرة إنتاج تفاح يظل في لونه الأصلي بعد تقطيعه ورغم تركه لساعات معرضا للهواء. الفئة المستهدفة بهذا المنتج هم المستهلكون الغربيون والشركات التي توفر خدمات الإطعام. وحسب أصحاب الشركة التي طورت هذا المنتج فإن الشركات المستهدفة ستصبح في غنى عن معالجة التفاح بواسطة المواد الكيميائية المضادة للتأكسد من أجل الإبقاء على نظارة التفاح بعد تقطيعه.
الجهات التي ترعى هذا المشروع تحرص على الدفاع على كون التفاح المعدل جينيا لا يشكل أي خطر على صحة الإنسان. مقابل ذلك تتخوف جمعيات تسويق التفاح بالولايات المتحدة الأمريكية من تأثير إدخال هذا التفاح المعدل جينيا على صورة التفاح الطبيعي، سيما كيفية التفريق بين النوعيتين، ما قد يتسبب في حالة من الارتباك وعزوف المستهلكين عن اقتناء فاكهة التفاح بشكل كلي. وهو ما يطرح التساؤل حول الجدوى من وراء القيام بتغيير البنية الجينية للتفاح، علما بأن تأكسد التفاح عند تقطيعه ظاهرة جد عادية.
الفئران المغردة
من غرائب الهندسة الوراثية ما قام به فريق من الباحثين اليابانيين الذي طوروا عن طريقة الهندسة الجينية فئران تغرد مثل الطيور. وظهرت هذه الفئران المغردة عن طريق الصدفة ضمن الأبحاث التي كان يجريها العلماء اليابانيون ضمن مشروع لتطوير البنية الجينية للفئران. ويأمل الفريق بعد ظهور هذه الفئران المغردة في أن يساعدهم ذلك في تسليط أضواء جديدة على الطريقة التي تطورت من خلالها لغات العالم.
الفريق الياباني لم يكن ينوي تطوير فئران مغردة، لكنه اكتشف بشكل مفاجئ بين الفئران المعدلة جينيا حديثة الولادة فأرا يغرد مثل الطيور، وهو ما يعني أن هذه الصفة الجديدة ستنتقل إلى الفئران التي ستولد في الأجيال القادمة. وفي الوقت الراهن يحتفظ المختبر الذي يجري فيه الفريق الياباني أبحاثه، ما يزيد عن 100 فأر مغرد. ويأمل الباحثون أن تساعدهم هذه الفئران في العثور على أجوبة بخصوص الطريقة التي تطورت من خلالها لغة الإنسان، كما هو الحال بالنسبة للدراسات التي تجرى بدول أخرى على الطيور لمعرفة منشأ اللغات.
القطط المشعة
في سنة 2007، قام علماء من دولة كوريا الجنوبية بتعديل الحمض النووي لقطة بشكل جعل فروها يشع في الظلام إثر تسليط الضوء عليه، وقاموا بعد ذلك بأخذ الحمض النووي نفسه واستنسخوا قططا أخرى منه، وكانت النتيجة هي إنتاج مجموعة من القطط ذات الألوان البراقة والمشعة. ومن أجل تحقيق ذلك، قام الباحثون بأخذ خلايا من جلد قطط الأنغورة التركية المعروفة بفروها الكثيف والناعم، واستخدموا فيروسا من أجل تعديل البنية الجينية لأجل إنتاج بروتين مسؤول عن اللون الأحمر والأخضر المشع. بعد ذلك قاموا بوضع الجينات المعدلة بداخل بويضة من أجل استنساخها، ثم أخذوا الأجنة المستنسخة وزرعوها مجددا داخل رحم القطة المانحة.
قد يبدو أن تغيير لون تلك القطط التي تشع في الظلام أمر من دون أي نتيجة. بيد أن العلماء الذين سهروا على إنجاز هذا التحول يصرون على القول إن القدرة على هندسة الحيوانات بواسطة البروتينات المشعة سيمكنهم من صنع حيوانات تحمل، بشكل مصطنع، الأمراض الجينية التي يتعرض لها الإنسان. الأمر نفسه تم تطبيقه على البطاطس، بشكل يجعلها تشع ليلا لدى حاجتها للمياه.
الطماطم المعدلة وراثيا
الطماطم من نوعية « Flavr Savr» كانت أول منتوج نباتي معدل جينيا يحصل على التراخيص التجارية والصحية اللازمة قبل طرحها في الأسواق من أجل الاستهلاك البشري. ومن خلال إضافة جينات تحد من التفاعل مع المحيط الخارجي، سعت شركة أمريكية يتواجد مقرها بولاية كاليفورنيا إلى جعل وتيرة نضج الطماطم أبطأ بشكل كبير، وذلك من أجل تفادي تعفن الطماطم وتلينها قبل الوقت المحدد، مع السهر في الآن نفسه على الحفاظ على الطعم واللون الطبيعيين للطماطم.
مقابل ذلك، منحت الوكالة الأمريكية للأغذية والأدوية، التي تعنى بمراقبة إنتاج الطعام والدواء ومواد التجميل للحفاظ على المستهلكين من المنتجات غير الآمنة، ترخيصا بتسويق هذه الطماطم بداية من سنة 1994، لكن هذه الطماطم كانت جد هشة ما جعل عملية نقلها إلى الأسواق صعبة للغاية، وهو ما عجل بسحبها من الأسواق ثلاث سنوات بعد ذلك. وعلاوة على مشاكل الإنتاج والتسويق، وجد بعض المستهلكين طعم هذه الطماطم مختلفا كليا عن طعم الطماطم العادية، وذلك بالنظر للنوعية التي طورت من خلالها هذه الطماطم ما جعل طعمها سيئا للغاية.
خنازير صديقة للبيئة؟
الخنزير الصديق للبيئة «Enviropig» ظهر بعد قيام العلماء بتعديل البنية الجينية لسلالة بريطانية من الخنازير لجعلها قادرة على هضم الفوسفور واستغلاله بشكل أفضل. السبب وراء ذلك يتمثل في كون روث الخنازير يحتوي على كميات كبيرة من حمض الفيتيك (أحد المصادر الرئيسية للفوسفاط)، وبالتالي عندما يستخدم المزارعون روث الخنازير كسماد للأرض، فإن هذا الحمض ينتقل إلى الفرشاة المائية والأنهار، ما يتسبب في تكاثر الطحالب في الماء بشكل كثيف، التي تتسبب بدورها في استنزاف الأوكسجين من الماء ما يتسبب في القضاء على باقي النباتات المائية.
لأجل ذلك قام العلماء بإضافة بكتيريا الايشيريشية القولونية والحمض النووي للفئران إلى بويضة الخنزير. هذا التعديل الجيني أدى مباشرة إلى تخفيض كمية الفوسفاط الموجودة في روث الخنازير بنسبة 70 في المائة. غير أن الحفاظ على البيئة ليس الأمر الوحيد الذي وراء تعديل البنية الجينية لهذه الخنازير، بل تقف وراءها كذلك أهداف تجارية، فقد تم تعديل بنيتها الجينية لجعل تربية هذه الخنازير منخفضة التكلفة، وهو ما دفع المدافعين عن البيئة للقول إن هذه الخنازير أشد ضررا على البيئة بالنظر للكميات الكبيرة من فول الصويا التي تتطلبها.
لقاح الموز
قد يصبح عما قريب الحصول على اللقاحات الطبية للوقاية من أمراض مثل التهاب الكبد والكوليرا ممكنا من خلال الاكتفاء فقط بتناول الموز. نعم هذا الأمر ممكن بعدما نجح عدد من العلماء في هندسة الحمض النووي للموز، والبطاطس، والخس، والجزر، والتبغ من أجل توفير اللقاحات ضد الأمراض للبشر، بيد أن العلماء نفسهم لاحظوا بأن الموز يشكل الطريقة الأمثل لإنتاج اللقاحات ونقلها.
ومن أجل تحقيق ذلك، قام علماء الجينات بحقن نوعية معدلة من فيروس محدد داخل أشجار الموز، بشكل يجعل البنية الجينية للفيروس أحد المكونات الدائمة لخلايا النبتة. وعلى امتداد فترات نمو النبتة، تنتج خلاياها بروتينات الفيروس المرغوب في الحصول عليه، مع استثناء الجزء الخبيث من الفيروس. وفي اللحظة التي يتناول فيها الإنسان الموز المعدل جينيا، المليء بالبروتينات التي تحمل الفيروس المرغوب فيه، يقوم جهاز المناعة الداخلي بإفراز مضادات الأجسام من أجل محاربة المرض، كما يحصل تماما عبر التلقيح المعتاد.
نباتات تحارب التلوث
يقوم العلماء بجامعة واشنطن بهندسة شجر حور قادر على تنظيف الأماكن التي تعرضت للتلوث، وذلك من خلال امتصاص الملوثات المتواجدة في المياه الجوفية عبر الجذور. بعد امتصاص تلك المواد، تقوم الأشجار بتحويل الملوثات إلى مواد غير مضرة تدخل في تشكيل الجذور، والفروع، والأوراق، أو يتم التخلص منها في الهواء.
وأثناء التجارب التي أجريت بداخل المختبرات، مكنت الأشجار المعدلة جينيا من طرد 91 في المائة من أحد المركبات الكيميائية المضرة بالبيئة، فيما لا تتعدى تلك النسبة 3 في المائة بالنسبة للأشجار العادية.
سمك سلمون ينمو بسرعة
قامت شركة أمريكية بتعديل جينات سمك السلمون بشكل يجعله ينمو مرتين أكثر من السلمون العادي. هذه الشركة التي نجحت في تطوير هذه النوعية من السمك تقول إن السلمون المعدل جينيا له المذاق نفسه، والتركيبة نفسها، واللون نفسه، والرائحة نفسها مثل سمك السلمون العادي؛ غير أن ذلك لم يقنع جمعيات حماية المستهلكين التي مازالت تنتظر نتائج الأبحاث حول أي خطورة قد يشكلها تناول السلمون المعدل جينيا.
السلمون المعدل جينيا الذي تطوره شركة «اكواتكنولوجيز» الأمريكية قادر على النمو بسرعة كبيرة بعد إضافة هذه الشركة لهرمون لتسريع النمو داخل الحمض النووي للسلمون، وهو ما يمكن هذا السمك من إفراز هرمون النمو على امتداد سنة كاملة، عكس السلمون العادي. وتمكن العلماء من ذلك بعد استخراجهم لأحد الجينات من نوعية من أسماك الإنقليس الضخمة، وهو ما مكن من جعل هرمون النمو نشيطا على امتداد السنة لدى سمك السلمون المعدل جينيا.
الكرنب الملفوف السام
قام العلماء أخيرا بأخذ الجينات المسؤولة عن إنتاج السم لدى العقارب وبحثوا عن السبل من أجل إدماجها داخل بنية الكرنب الملفوف. أما السبب الذي دعاهم لإنتاج كرنب ملفوف يحتوي على سم العقارب، فيتمثل في الحد من استخدام مبيدات الحشرات والقيام في الآن نفسه بمنع الديدان من تدمير محاصيل الكرنب. وبالتالي ينتج هذا الكرنب الملفوف المعدل جينيا سم العقارب الذي يتسبب في قتل الديدان عند التهامها لأوراق الكرنب، بيد أنه تم تعديل بنية المادة السامة بشكل يجعلها غير مضرة بالنسبة للبشر.
حليب بقر بخصائص بشرية
الإمكانات الخارقة التي تتيحها الهندسة الجينية لا حدود لها. وبالصين، على سبيل المثال، قام فريق من العلماء بنقل الجينات البشرية إلى أكثر من 200 بقرة في محاولة لجعل تلك الأبقار تنتج حليبا مماثلا لحليب الأمهات المرضعات. وبطبيعة الحال فقد نجح الصينيون في تنفيذ فكرتهم. ووفقا للفريق المشرف على البحث، فإن البقرات جميعها تنتج حليبا مطابقا لخصائص حليب الأم. أكثر من ذلك يفتخر الفريق الصيني بكون الحليب الذي تنتجه هذه الأبقار المعدلة جينيا يحتوي على المكونات نفسها التي تعزز مناعة الطفل والعناصر نفسها المقاومة للبكتيريا الموجودة في حليب الأم.
ورغم أن هذا المنتوج مازال يخضع للأبحاث العلمية، إلا أن جمعيات الرفق بالحيوان حذرت من وقوع تجاوزات. فخلال قيام العلماء الصينيين بإجراء أبحاثهم، توفي 10 عجول من أصل 42 في وقت قصير بعد الولادة. وتوفيت ستة عجول أخرى في غضون ستة أشهر.
في المقابل يفتخر الباحثون الصينيون بكون الحليب الذي تنتجه أبقارهم يحتوي على بروتينات محسنة، تضم إنزيم الليسوزوم الذي يعمل كمادة معقمة، وهو الأنزيم الذي يحارب الميكروبات ويحمي الأطفال حديثي الولادة من التعرض للعدوى التي تنقلها البكتيريا. ويوجد هذا الأنزيم بكميات كبيرة في حليب الأم، لكن يقل بشكل كبير في حليب الأبقار.
ويبقى تحديد مدى سلامة هذا الحليب مسألة شائكة للغاية، بالنظر لكونه موجه بالأساس للأطفال الرضع، مع ما يعنيه ذلك من تأثير مباشر على وضعهم الصحي في حال ظهور أي أثار جانبية. ويصعب في الوقت الراهن الحسم في درجة الضرر المحتمل الذي قد يتسبب فيه هذا الحليب للرضع، وهو ما سيتطلب القيام بإجراء سلسلة من الاختبارات الطويلة لتحديد الآثار الجانبية والمضرة لهذا الحليب.
معز ينتج خيوط العناكب
بعدما انتبه العلماء إلى كون الخيوط التي تنتجها العناكب تمتاز بالصلابة والمرونة، والإمكانات الهائلة التي تحملها تلك الخيوط تساءلوا عن إمكانية إنتاج تلك الخيوط بكميات أكبر من أجل استخدامها كأحزمة وكسترات واقية من الرصاص. وفي سنة 2000 أعلنت شركة أمريكية أنها وجدت الحل، المتمثل في تعديل البنية الجينية للمعز بشكل يجعلها تنتج البروتين المسؤول عن فرز خيوط العناكب في حليبها.
قام الباحثون بدمج الجينات المسؤولة عن خيوط العناكب داخل الحمض النووي للمعز بشكل يجعلها قادرة على إنتاج تلك الخيوط في حليبها. هذا «الحليب الحريري» يمكن استخدامه بعد ذلك لعدة أغراض صناعية كإنتاج الحبال شديدة المتانة والمرنة في الآن ذاته، بعد تحويله صناعيا.
البيض الطبي
قام مجموعة من الباحثين البريطانيين بإنتاج صنف من الدجاج المعدل جينيا قادر على إنتاج أدوية تحارب السرطان من خلال البيض الذي تضعه الدجاجات. وقام العلماء بإضافة الخلايا البشرية إلى الحمض النووي للدجاج لجعل البروتينات البشرية تنتقل إلى البيض، بالإضافة لبروتينات طبية معقدة تشبه العقاقير المستخدمة في علاج سرطان الجلد وغيرها من الأمراض الأخرى.
دوليون.. الكلب الأسد
قد يكون هذا النموذج الأبرز للحد البعيد الذي يمكن أن تأخذه العلوم من خلال الهندسة الحديثة للجينات الوراثية ودمجها مع تقنيات التخصيب الهجينة. هذا النموذج يدعى دوليون وهو كائن يجمع بين خصائص الأسد والكلب. ومن أجل «إنتاج» هذا الحيوان النادر الذي لا يمكن تصوره (تعيش 3 فقط من هذه الكائنات في العالم بداخل مختبرات علمية)، تم أخد جزء من الحمض النووي الخاص بالأسود وتم دمجه مع الحمض النووي الخاص بالكلاب، وتم وضعه في الأخير بداخل بويضة حاضنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.