خلال الأسبوع الماضي، كتبنا محذرين من الانعكاسات السلبية التي قد يؤدي إليها إقدام وزارة الداخلية على منع منظمات حقوقية، وطنية ودولية، من عقد لقاءاتها وأنشطتها بالمغرب؛ وقدمنا نماذج لحالات منع حدثت في الأسابيع القليلة الماضية دون أن تقدم أي مؤسسة رسمية مبررات لذلك. وقلنا، حينها، إن على الدولة أن تخرج عن صمتها «المريب» وتقدم إلى الرأي العام روايتها لكل هذه الوقائع حتى يعرف حقيقة ما يقع وحتى لا نقدم إلى خصومنا فرصة من ذهب لنسف كل الجهود التي تبذلها المملكة في ملف حقوق الإنسان وملف الحريات الأساسية للمواطنين. وغيرما مرة حذرنا من أن من شأن تصرفات من هذا القبيل أن تدفع المنظمات «المتضررة» إلى أن تغير طريقة تعاملها مع بلدنا وتصير أكثر شراسة في تعاطيها مع ملفات حقوقية؛ وهو ما حصل، للأسف، قبل يومين، حيث انخرطت منظمة العفو الدولية «أمنيستي» -التي منع فرعها بالمغرب من تنظيم مخيم لشبابها في بوزنيقة- في حملة ضغط دبلوماسية توجتها بزيارة وفد كبير للرباط وتنظيمه لقاءات عديدة مع سفراء دول عظمى لشرح «الانزلاقات» الكبرى التي تقع فيها المملكة في ملف حقوق الإنسان، ولا أحد يتوقع ما الذي يمكن أن تسفر عنه الزيارة من مواقف وقرارات قد تزيد الصورة قتامة وبؤسا. زيارة الوفد وضعت المغرب مجددا في موضع الدفاع عن النفس، وسيضطر أكثر من مسؤول حكومي إلى البحث عن تبريرات؛ وقد بدأ الأمر، فعلا، مع وزير العدل مصطفى الرميد. والحال أنه كان بالإمكان أن نتفادى كل هذا «الإزعاج» لو تصرفت الداخلية، بنوع من الحكمة وتحاشت منذ البداية أسلوب المنع الذي تنتهجه. نقولها مجددا لمن يسيئون تدبير الملف: هناك مساطر وقوانين يفترض أن يحترمها الجميع، وأي إخلال بها يمنح الدولة الحق في التدخل لتقويم الانزلاقات، وهذه مهمة القضاء الذي يجب أن نثق فيه وفي أحكامه وقراراته حتى لو لم توافق رغباتنا.. أما أن نصر -عند كل انتكاسة- على منطق المؤامرة التي تحاك ضدنا، فذلك لن يزيد الطين إلا بلة.