عبد السلام الصروخ المهرجان هو التكريس المغربي لمفهوم الثقافة والتوزيع الجهوي لها عبر ربوع المملكة... منذ تولي الملك محمد السادس الحكم في المغرب انطلقت سلسلة من التظاهرات الثقافية ذات البعد السياحي والترويجي في مختلف مناطق المملكة، مدعومة من الفاعلين الاقتصاديين الكبار و الجماعات الترابية وتحت الرعاية السامية في معظمها. كما ارتبط صيتها بأسماء وشخصيات وازنة في الدولة: وزراء سابقون، مستشارون... قبل ذلك وفي العهد السابق كان يتكلف بهذا النوع من التظاهرات جمعيات (Musclés) حيث كانت المعارضة آنئذ عبر صحافتها تلقبها ب "جمعيات الهضاب والسهول"، إحالة على الأسماء الجهوية المستمدة من الموقع الجغرافي لأي جمعية، ولطبيعة أعضائها من أعيان تلك المنطقة، ومن تلك النخب المحلية المرتبطة وظيفتها بالإدارة المركزية، أي المخزن. إذا ما اعتبرنا المهرجانات كسياسة ثقافية للدولة و كتوزيع (مناطقي) للثروة الثقافية نستنتج أن لا إستراتجية ثقافية ما عدا هذه المهرجانات وهيمنتها على التلفزيون ومختلف وسائل الإعلام العمومي. حديثنا هذا عن المهرجانات ليس تعبيرا عن موقف سلبي منها، بل نحن مع المواطنين عندما يصرخون وعندما يرون النجوم التي لا ترى، ولأنها تبرز وتثمن الخصوصيات الثقافية للجهات، وأيضا فقد ساهمت في بروز الكثير من "المواهب الهامشية"، وأنقذت الكثير من الفنانين، خصوصا منهم حاملي التراث الذين ظلوا منبوذين كمجموعات موسيقى كناوة، التي رفع من معنوياتها مهرجان الصويرة، وكلنا يذكر كيف كان الكناوي قريبا من الممارسة التسولية فأصبح اليوم يقوم بأعمال الفيزيون أو التمازج الموسيقى مع فنانين عالميين بفضل هذا المهرجان. أعتقد أن التوزيع العادل للثروة الثقافية ليس هو التوزيع المناطقي لمنصات تنتحل هوية المنطقة التي تقام عليها، بل أعتقد أننا في حاجة إلى مشروع ثقافي معتمد على دمقرطة هذه الثروة بإيلائها الإمكانيات اللازمة والانفتاح على مبادرات المبدعين المغاربة والمنتجين الفنيين على قدم المساواة ما بين الرباط وزحيليكة.