الإضراب على الأبواب والنقابات ماضية في تنفيذه، وهذا يظهر من خلال التعبئة الكبيرة التي يقودها قياديو المركزيات المشاركة فيه، بما يؤشر على أن أياما سوداء تنتظر الحكومة ولا شيء سيوقفها حتى الدعوة المتأخرة التي أطلقها بنكيران والتي أعلن فيها عن نيته استدعاء المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية إلى طاولة الحوار، متشبثا برواية أن «الحكومة لم تجمد أبدا الحوار الاجتماعي»، وهي رواية لا يصدقها النقابيون مستعيدين حكاية الاجتماع الذي وعد به رئيس الحكومة قبيل عيد الشغل الماضي، لكنه لم يف به أبدا بعدما مرّ العيد بسلام.. هي قضية حياة أو موت، كما يعتبرها زعماء المركزيات النقابية الداعية إلى الإضراب، وفرصة لإظهار قوة هذه التنظيمات ووحدة الصف النقابي؛ وبالتالي فاستعمال جميع وسائل التعبئة أمر مشروع، ولهذا نعتقد أن بنكيران يتحمل القسط الأوفر من المسؤولية عما وصلنا إليه اليوم من علاقة متوترة بين الطرفين بسبب أسلوب التعالي الذي ينتهجه مع الآخرين.. فمثلما يمارس رئيس الحكومة استعلاءه على المعارضة مستقويا بأغلبيته، يمارس الأمر ذاته مع المركزيات النقابية بسبب ثقته الزائدة في النفس وثقته بالقدرة على تمرير القرارات الحكومية، وهذا ما أوصلنا إلى ما يشبه معركة كسر العظام بين المتحاربين.. اليوم، نحن أمام امتحان حقيقي، فإما أن تفشل النقابات في إنجاح محطتها الاحتجاجية ليوم 29 أكتوبر الجاري، وهذا معناه استمرار الحكومة في سياستها دون أن تستطيع أي جهة مستقبلا إيقاف مسلسل التراجعات الذي بدأ بالفعل، وإما أن تكسب المركزيات الرهان، وحينها سنكون أمام أزمة وسنعود إلى زمن السياسوية والشعبوية وأسلوب وضع العصا في العجلة، مع ما يعنيه كل هذا من خسارة للاقتصاد الوطني لأننا لم نستطع بعد أن نقتنع بأن الحوار الجدي والمسؤول هو السبيل الأمثل لحل الخلافات، مثلما لم نقتنع بأن بلادنا هي الخاسر الأكبر في النهاية..