انطلقت أمس الخميس فعاليات المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في نسخته الثانية، وهي في تقديرنا نقطة ضوء في مسار المملكة الحقوقي، خاصة أن الأمر يتعلق بمنصة عالمية لتبادل الخبرات بين المدافعين عن حقوق الإنسان، وهو فرصة أيضا لعرض تجارب دول أخرى قصد الاستفادة منها. ولعل إقدام المملكة على التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، عشية المنتدى، هو رسالة للعالم بحسن نوايا المغرب ورغبته في القطع مع كثير من الممارسات البائدة التي تجرد المواطنين من أدميتهم.. لكن رغم ذلك سيكون من المنصف إثارة ملاحظة أساسية تتعلق بالأثر البالغ الذي سيتركه غياب جمعيات حقوقية وطنية، خاصة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والعصبة المغربية لحقوق الإنسان، عن المنتدى الذي تحتضنه مراكش. والحال أن الأمر يتعلق بجمعيات لها وزنها وطنيا ودوليا، جمعيات حصلت في أكثر من مناسبة على اعتراف دولي بفضل جهودها في الدفاع عن حقوق الأفراد والجماعات، كان آخرها تتويج الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان خديجة الرياضي، وهو في حد ذاته اعتراف للجمعية العريقة بأدوارها التي تلعبها وبمصداقيتها التي هي رأسمالها الأهم. ولعله يحق لنا طرح كثير من الأسئلة الملحة، منها: ماذا كان سيخسر المغرب لو أنه اختار الحوار مع الجمعيات الحقوقية بدل اللجوء إلى أسلوب المنع والتضييق الذي قوبلت به أغلب أنشطتها المبرمجة؟ وماذا كان سيضر السلطات لو أنها لجأت إلى القضاء عندما توفرت لديها معطيات تثبت تورط الجمعيات في مخالفات قانونية، وهو القضاء نفسه الذي أنصف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ضد الدولة وحكم لصالحها بحكم سيذكره التاريخ طويلا؟.. للأسف الشديد، فإن المغرب هو المتضرر الأكبر من بعض القرارات «المزاجية» التي تشوه صورته في الخارج، صورة نتمنى في المستقبل أن يتم استحضارها عند اتخاذ أي قرار يهم تدبير العلاقة مع فعاليات المجتمع المدني بكل تلاوينه.