القرار الذي اتخذته كل من وزارة الفلاحة ووزارة الصحة، بالسماح باستعمال الملون الغذائي المعروف ب124 E في عجائن السمك والقشريات ومصبرات الخضر والفواكه، يثير الكثير من التساؤلات، خاصة إذا علمنا بأن الوزارتين قررتا منع استعماله في اللحوم المحولة، فما الذي يمكن أن نفهمه من قرارين متضاربين من هذا القبيل؟ وهل تملك الوزارتان ما يكفي من المعطيات لتبرير هذا «التخبط» بشأن مادة مثيرة للجدل على الصعيد الدولي بسبب تأكيد العديد من الدراسات أن لها مخاطر صحية محتملة على الجهاز التنفسي والجهاز العصبي، وكذا على الجلد، خاصة عند الأطفال؟ بل أكثر من ذلك، من الضروري أن نستحضر أن هذا الملون محظور الاستعمال في عدد من الدول، وحتى تلك التي تسمح باستعماله فإنها تقيد الأمر بإجبار المنتجين على الإشارة في عنونة المنتوج الغذائي على أن الملون المستعمل يمكن أن يتسبب في مضاعفات جانبية عند الأطفال. الموضوع، في اعتقادنا، يفرض إعادة فتح النقاش حول المخاطر التي تهدد صحة المستهلكين المغاربة، والأدوار التي يفترض أن تلعبها العديد من المؤسسات التي يناط بها أمر مراقبة ما تعج به الأسواق والمجمعات التجارية ومحلات البقالة من مواد موجهة إلى الاستهلاك.. وإذا كانت دول مثل أمريكا والنرويج وفينلندة تمنع استعمال هذا الملون بشكل مطلق، فإنها تعمل بمبدإ صارم يفترض إبعاد أي منتوج تحوم حوله شبهة الخطورة الصحية ولو كانت نسبتها ضئيلة؛ عكس ما يجري في المغرب، حيث نعمد إلى استغلال هامش المخاطرة لنسمح بولوج منتوجات لا ندري أي خطر يمكن أن تسببه؛ دون أن نغفل أن المعايير المعتمدة وطنيا، سواء على مستوى مراقبة محتويات المنتوجات أو على مستوى جودتها وأيضا استجابتها لشروط التخزين والتعبئة، هي في حاجة إلى إعادة نظر بشكل جذري حتى تتلاءم مع التطور السريع للصناعات الغذائية، كما نحن في حاجة إلى تفعيل لجان المراقبة وتحصينها بالقوانين الرادعة والزجرية التي تمكن من ضمان أقصى درجات الحماية للمغاربة وتضرب بيد من حديد على كل من يرى في إقبال المغاربة على الاقتناء والاستهلاك، دون كبير انتباه إلى مكوناتها وقيمتها الغذائية وما قد يمثله بعضها من خطورة على صحتهم، فرصة لتصريف سمومه والاغتناء السريع.