حمل عبد السلام الصديقي، وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، مسؤولية تحديد السن الدنيا بالنسبة إلى العمال المنزليين للمؤسسة التشريعية، خلال يوم دراسي نظمه فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب أول أمس. إذ قال الصديقي إن «الحكومة تأتي بمشاريع القوانين، غير أن البرلمان هو الذي يصوت عليها، وإذا أراد البرلمانيون أن تكون السن الدنيا هي 30 سنة فنحن معه». وأوضح الوزير أنه لو كان الأمر بيده لجعل السن الدنيا للتشغيل هي 21 سنة، قبل أن يضيف أن القانون هو تجسيد لموازين القوى داخل مجتمع متعدد، وأن الحكومة تحاول «أخذ العصى من الوسط لتجنب خلق ثورات». وقدم الصديقي مثالا على تشغيل الأطفال في ظروف لا إنسانية في بعض الأوراش، حيث قال: «عاينت أطفالا في فاس أقل من ثمان سنوات يشتغلون في معامل الزليج البلدي في ظروف تشبه التعذيب، فحرمت على نفسي اقتناءه واستعماله داخل المنزل». كما تحدث عن أن الأرقام التي تقدمها المندوبية السامية للتخطيط تبين أن هناك أطفالا يبلغون 14 سنة يعملون في المجال الفلاحي ولا أحد يتكلم عنهم، إضافة إلى الوفيات التي تحدث بسبب حوادث الشغل وتحصد أزيد من ألفين شخص سنويا. وصنف وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية مسألة تحديد السن الدنيا للقانون في خانة القضايا السياسية، إذ قال: «إننا أمام قضية سياسية واجتماعية بالدرجة الأولى وليست قانونية،لأن القراءة القانونية المحضة قد يغيب عنها تأويل الحقائق المجتمعية». من جهته، اعتبر رشيد روكبان، رئيس فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، أن الحلقة الأضعف هي تشغيل القاصرات، إلى جانب استغلال الأطفال في الدعارة وبعض الأعمال التي تدخل في خانة الاتجار بالبشر، إضافة إلى تعرض عدد من الأطفال إلى الإصابة بأمراض في غياب حماية قانونية. وأشار روكبان إلى أن مستوى الخطورة داخل الأعمال المنزلية متفاوت، تضاف إليه إشكالية مراقبة السلطات تطبيق القانون على اعتبار أن البيوت لها حرمات، وهو ما يعيق، يضيف روكبان، معرفة ما إذا كان القاصرون يشتغلون في أعمال خطيرة أم لا. وقال رئيس فريق التقدم الديمقراطي: «بالنظر إلى الموارد البشرية التي تتوفر عليها الوزارات وعدد مفتشي الشغل، تصعب مراقبة الشركات وظروف العمل بها، فبالأحرى مراقبة المنازل التي تشتغل بها طفلات تترواح أعمارهن ما بين 10 و11 سنة». وعرف اليوم الدراسي انتقاد حقوقيين تحديد السن الدنيا للعمال المنزليين في 16 سنة، حيث دعا عمر الكندي، عن الائتلاف الجمعوي من أجل حظر تشغيل الأطفال، الحكومة والبرلمان إلى التحلي بالجرأة السياسية وتحريم تشغيل القاصرين، موضحا أن هناك عشرات الآلاف من القاصرات يستغللن في البيوت ويعشن ظروفا صعبة، منهن من قتلت ومنهن من تضرب، ومنهن من تم استغلالها جنسيا وأصبحت حاملا في سن مبكرة. تجدر الإشارة إلى أن مجلس المستشارين كان قد صوت على مشروع القانون المتعلق بشروط وتحديد سن العمال المنزليين وحدد السن الدنيا في 16 سنة بعدما كانت الحكومة قد حددتها في 15 سنة، وهو ما أثار غضب الحقوقيين وجمعيات المجتمع المدني، الذين طالبوا بأن يتم حظر تشغيل القاصرين وتحديد السن الدنيا في 18 سنة.