المهن الرمضانية تسكن آلام الفقر، إذ بفضل ذلك المدخول المالي ولو كان قليلا، يوفر ممتهنوها دخلاً يغطي الحاجيات المادية لمدة ما يقارب ثلاثة إلى أربعة أشهر بعد انقضاء رمضان. هدفهم الانعتاق من آفة الفقر ولو لمرحلة مؤقتة، بحيث يزاولون مهنا مختلفة تعد مُسكنا مؤقتا للهشاشة الاجتماعية. وتشهد مدينة سلا خلال شهر رمضان انتعاشا اقتصاديا يختلف عن الشهور الأخرى، بحيث تنتعش خلاله مهن موسمية يمارسها العديد من الأسر المعوزة وخاصة النساء، وذلك من أجل اكتساب بعض المال في شهر يعرف رواجا تجاريا كثيفا، ويلجأ كذلك العديد من الشباب إلى مزاولة حرف ومهن ترتبط بشهر رمضان هرباً من آفة البطالة ولو بشكل مؤقت، وتشكل مهن بيع الحليب ومشتقاته من أجبان وزبدة ورايب في شهر رمضان دعما ماليا يساعد تلك الأسر وأولئك الشباب على توفير بعض الأموال من أجل مواجهة المتطلبات اليومية. عبد الرحيم شاب من شباب حي المسيرة الشعبي بسلا، الذي جعل من بيع الأجبان البلدية مهنة موسمية رمضانية، يوفر من خلالها مصروف جيبه الخاص. يقول عبد الرحيم 18 سنة، إن رمضان شهر الرواج والخير والبركة، أستطيع من خلال بيعي «لسليلات» الجبن البلدي والحليب الطري الذي أجلبه كل صباح، وآتي مباشرة إلى هذا المكان بحي الوحدة، أضع سلعتي على عربتي الخشبية وأنتظر قدوم زبائني، الذين يعترفون بجودة أجبان أمي التي تصنعها بإتقان كل ليلة… أما عن رأس المال فيقول عبد الرحيم لقد ساعدني أبي في توفيره، فهو يشجعني دائما على الاعتماد على نفسي، وكسب قوتي اليومي بعرق جبيني، خاصة وأن رمضان هذا العام تزامن مع عطلتي الصيفية، فقررت البحث عن عمل في هذا الشهر لأجمع مصروف رحلتي التي تنظمها جمعيتنا كل صيف. أم عبد الرحيم، 47 سنة، ربت بيت وطباخة ماهرة، تعرف وسط جيرانها باسم «الحادكة» فتحت أبواب منزلها ل»المساء»، و شاركتنا قصتها مع المهن الموسمية الرمضانية، تقول حليمة: أنتظر شهر رمضان بفارغ الصبر، أستغل هذا الشهر من أوله إلى آخره في تحضير المواد المطلوبة من طرف الزبائن، وأشارك ابني عبد الرحيم في بيعها. لقد عرفت بين الجيران بصنع الجبن والرايب البلدي، فمقوماته بسيطة ومتوفرة، أيضا فهو مطلوب جدا نظرا لتوفره على الكالسيوم الذي يحتاجه الجسم يومياً، أما عن طريقة صنعه فهي أيضا سهلة، إذ أحتاج فقط إلى اللبن، وحليب البقر والملح، ثم أضعه في ثوب نظيف أتركه يقطر ليلة كاملة وفي الصباح يكون حاضرا. أما عن هامش الربح فيتراوح ما بين 10 إلى 15 درهما، إذ يتراوح ثمن الكيلوغرام ما بين 50 إلى 60 درهم، في حين تستمر مدة صلاحيته بعد تحضيره إلى حدود أسبوع أو أكثر. ويبقى الجبن أحد أهم مشتقات الحليب الذي يوفر العديد من الفوائد الصحية، بما في ذلك البروتين، والكالسيوم والفوسفور والبوتاسيوم ومحتوياتها.