شكل اعتقال عبد العزيز إيزو حدثا مزلزلا، زاد من حدة الإثارة التي أحاطت بقضية الشريف بين الويدان بحكم منصب الرجل، ومساره الوظيفي، وقربه من مراكز صنع القرار الأمني، وكونه من أحد كبار الجنرالات، الذي منحه التزكية لتولي منصب مدير أمن القصور الملكية بعد مسار مهني ابتدأه كعميد. سقوط هذه الشخصية البارزة جعل المحاكمة تحظى باهتمام كبير قبل أن تتكشف عدد من الخيوط المثيرة المرتبطة بها، ومنها أن الحصانة التي كان يتمتع بها الشريف بين الويدان جعلته يطور طريقة اشتغاله، لعلمه بأن السرية والسرعة أهم عاملين لضمان نجاح أي تاجر مخدرات، لذا وظف جزءا من عائدات التجارة في المخدرات في شراء قوارب «زودياك» من نوع «فانتوم»، تتميز بسرعتها الفائقة وعدم إصدارها أصواتا أو ذبذبات قوية قد تجعلها صيدا سهلا لأجهزة المراقبة، خاصة في السواحل الاسبانية. حدة الإثارة زادت بعد استدعاء الرماش كشاهد ليدلي بتصريحات خطيرة للغاية، أربكت حسابات عدد من المتهمين الذين كانوا يدفعون ببراءتهم، أو يأملون في الحصول على عقوبات مخففة، بمن فيهم الشريف بين الويدان، الذي وجد نفسه في مرمى نيران الرماش، الذي كان يعتبره سببا رئيسيا وراء اعتقاله، بعد أن قدم معلومات عجلت بسقوطه، لذا لم يتردد في رد الجميل للشريف بين الويدان، وأفاض في الكشف عن خبايا ما كان يحدث داخل شبكته، وأسرار نقل شحنات ضخمة من المخدرات بطائرات خفيفة مخصصة في الأصل لمعالجة الحقول بالمبيدات، وكواليس إفلاته الدائم من مذكرة بحث دولية. ورغم أن هيئة الدفاع طالبت بضرورة تجاوز تصريحات بعض الشهود باعتبارهم تجار مخدرات، ولديهم عداوات معروفة مع المتهمين، فإن عددا من القرائن والأدلة التي تم تجميعها دفعت في اتجاه إدانة عدد من المتابعين. ومن جملة المعطيات التي كشفت عنها المحاكمة أن الشريف بين الويدان لم يكن يتوقع اعتقاله بتلك الطريقة المفاجئة، لذا خلف عددا من الآثار التي شكلت أدلة قوية لإدانته، وإدانة عدد ممن وقعوا معه، ومنها هواتف تضم عددا من الأرقام الهاتفية التي تعود إلى مسؤولين بالمنطقة، بالإضافة إلى وثائق أخرى عثر عليها بعد تفتيش إقامته. لكن المفاجأة الحقيقية التي سيعرفها هذا الملف هي تراجع الشريف بين الويدان عن جميع التصريحات الخطيرة التي أدلى بها خلال التحقيق معه، ليقدم رواية أخرى فهم منها أن القضية تتجه إلى لجم مسار تسريب الأسماء المرتبطة بعالم الاتجار في المخدرات على الصعيد الدولي. الخراز وبعد أن قدم معلومات عبدت الطريق لاعتقال مدير أمن القصور الملكية السابق، تراجع، وأنكر أي علاقة له به أو تقديم رشاوى لفائدته. كما أنكر علاقته بباقي المتهمين. وفي تغيير لإستراتيجيته في الدفاع عن نفسه للخروج بأقل الخسائر، قال الخراز إن اعترافاته انتزعت منه تحت التعذيب، وأن ما حدث مرتبط بتصفية حسابات جعلته يقع ضحية اللعب بين الكبار دون أن يحدد هويتهم. بارون المخدرات الخراز ورغم مواجهته بعدد من الأدلة مضى في إنكاره التام، ليضيف بأن المحققين دفعوه تحت الضغط والإكراه إلى اتهام مجموعة من المسؤولين والعناصر بالتغاضي عما كان يقع من تهريب للمخدرات مقابل مبالغ مالية كانت تدفع لهم نقدا، وقال إن الرمي به في السجن الهدف الأساسي منه هو الاستيلاء على ممتلكاته، وخاصة العقارات الموجودة بمدينة طنجة، وهو نفس الأمر الذي كرره شقيقه عند مثوله أمام المحكمة.