التصريحات المثيرة التي أدلى بها «ولد الهيبول» لم تتوقف عند حدود تقديم مبالغ مالية للأمنيين مقابل التغاضي عن نشاطه في الاتجار في المخدرات، أو إلقاء القبض على منافسيه واعتقالهم بناء على أوامر منه، بل مضى أبعد من ذلك، وقال إنه كان على علم بما يدور في الاجتماعات الأمنية ومن خلال بث مباشر، بعد تعمد بعض العناصر ترك هواتفها النقالة مفتوحة. نقطة الارتكاز في هذا الملف تمثلت أيضا في وسيطة تم توقيفها من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بعد أن ورد في المحاضر أنها كانت تقوم بمهام سرية بين ولد «الهبيول» وعناصر الأمن،و أنها تولت تسليم مبالغ مالية مقدمة منه لفائدة بعض المتهمين من رجال الأمن الذين كانوا يزاولون مهامهم بالمنطقة الإقليمية الصخيراتتمارة، وهي المهام التي حاولت إنكارها لاحقا، علما أن التحقيقات وقفت بعد فحص سجلات الهواتف على وجود حوالي 175 مكالمة بينها وبين عدد من المتهمين. وبعد الاستماع للمتهمين من رجال الأمن أكد هؤلاء أنهم لم يكونوا يتسلمون منه مبالغ مالية، رغم أن الهيئة واجهتهم بتصريحاتهم خلال مرحلة التحقيق، وأكد أحد المتهمين أن كل ما ورد في المحاضر هو من وحي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وذهب آخر أبعد من ذلك بعد أن أكد أن المخابرات هي من تولت اعتقال ولد الهيبول، وأن الفرقة الوطنية سبق أن نفذت محاولة لاعتقاله غير أنها أخفقت في ذلك في محاولة لتبرير عدم اعتقاله من طرف أمن تمارة. كما أجرى رئيس الهيئة مواجهة بين المتهمين وبارون المخدرات ولد الهبيول، الذي أكد جميع تصريحاته السابقة، وأشار إلى أن بعض المتهمين الحاضرين في قاعة المحكمة، كانوا يحضرون على متن سيارات تابعة للأمن الوطني، ويتلقون منه مبالغ مالية حدد قيمتها، وأضاف أنه قام ذات مرة بتوبيخ بعض معاونيه الذين أشهروا السيوف في وجه رجال الشرطة ومهاجمتهم، ما أجبرهم على الفرار، وقال إنه طلب منهم عدم تكرار ذلك ماداموا يتلقون المال وينصرفون. هذه التصريحات قوبلت بانتقادات قوية من طرف دفاع الأمنيين المتابعين في هذا الملف بعد أن تسبب «ولد الهيبول» في جر 16 عنصرا للمحاكمة سبعة منهم رهن الاعتقال الاحتياطي، وتسعة في حالة سراح مؤقت بتهم «الامتناع عن القيام بعمل من أعمال الوظيفة وإفشاء سر مودع بحكم الوظيفة والمشاركة في الإرشاء والارتشاء». وطالب الدفاع رئيس غرفة الجنايات المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط بإجراء خبرة عقلية على «ولد الهيبول» قبل أن يشير إلى أن الفرقة الوطنية لجأت إلى عرض صور عدد من رجال الأمن عليه، متسائلا عن عدم وجود هذه الصور في الملف، واعتبر أن كل ما جاء في هذه القضية بطله هي الفرقة الوطنية وولد الهيبول، وضحاياه هم رجال الأمن. كما حاول الدفاع استبعاد تصريحات الوسيطة، وقال أن اعتقالها لم يتم في بيتها بل تم اقتيادها إلى مرأب أحد الأسواق الممتازة قبل أن تتسلمها عناصر الفرقة الوطنية، وأشار إلى أن المتهمة نفت لدى الاستماع إليها من طرف قاضي التحقيق قيامها بتسليم مبالغ مالية للأمنيين، وأن ما ورد من أقوال في محاضر الفرقة الوطنية تم إملاؤه عليها،مضيفا بان «هناك أسماء أشخاص لا يريد ذكرها هي من كانت تسهل مهمة ولد الهيبول ولا يوجد ضمنهم الأمنيون المتابعون في الملف»،قبل أن يقدم الدفاع للهيئة عددا من المحاضر التي قام بإنجازها بعض عناصر الأمن المتابعين، والتي تتعلق باعتقال عدد من المقربين من ولد الهيبول ومن بينهم شقيقه .