في العام 2004، عقد هشام الكروج ندوة صحافية لإعلان اعتزاله مضمار ألعاب القوى بعد مسيرة مميزة حقق خلالها كل ما يتمناه أي عداء. فقد فاز بألقاب عالمية وأولمبية وسجل أرقاما قياسية، كما نجح في السيطرة على سباق ال 1500م حوالي ثماني سنوات. وفي نفس العام كان هناك بطل توقع كثيرون أن يستمر في السيطرة على المسافة التي كاد يحتكرها هشام الكروج وقبله سعيد عويطة، ففي نفس العام (2004) أحرز عبد العاطي ايكيدير اللقب العالمي في فئة الشباب، وحينها عقد كثيرون مقارنة بين بداية هذا وذاك، بين بداية هشام الكروج وايكيدير. حينها قارن هؤلاء بين هشام الذي بالكاد فاز عام 1992 بالميدالية النحاسية في بطولة العالم للشبان بسيول في مسافة 5000م وبالمركز 14 في بطولة العالم للعدو الريفي التي أقيمت ببوسطون بالولايات المتحدةالأمريكية وعبد العاطي إكيدير الذي بدأ مشواره مع منتخب الشبان بالتتويج بذهبية ال1500 متر. على الميدان كان هشام نجح في إهداء المغرب العديد من الألقاب والأرقام القياسية العالمية والإنجازات الرائعة والخارقة على مدى عشر سنوات، حقق خلالها أربع ألقاب عالمية في الهواء الطلق، أثينا 97 إشبيلية 99 إدمونتون 2001 باريس 2003 وثلاث ألقاب عالمية داخل القاعة برشلونة 95 باريس 97 لشبونة 2001 فاز بلقبين في أولمبياد أثينا في مسافة 1500م و5000م وحطم العديد من الأرقام القياسية في الهواء الطلق وداخل القاعة، وكذلك فاز بأكبر الجوائز على الصعيد العالمي، من بينها الجائزة الكبرى لمسافة 1500 كلم. وفاز بالجائزة الكبرى للإتحاد الدولي لألعاب القوى سنة 1998، كما فاز بجائزة العصبة الذهبية 1998 2001 2002. وأيضا توج بجائزة أفضل عداء في العالم سنتي 2001 2002، وأحسن رياضي في العالم لألعاب القوى 2003، وعدة جوائز من طرف العديد من المنظمات الدولية. فهل كان أولئك الذين قارنوا بين هذا وذاك على صواب؟ لا يخفي المراقبون أن ايكيدير مثل لزمن غير يسير مشروع نجم واعد، نجم آمن كثيرون أن بإمكانه أن يكون مثل هشام الكروج، وربما أفضل، لكن في الرياضة، وبالتحديد على المضمار، لايمكن التنبؤ دائما بمن سيصل أولا، ومن سيصل أخيرا، بل إن كثيرين لم يكتب لهم إكمال السباق إلى النهاية. ثم أكثر من ذلك لم يكن ممكنا أن يكون عبد العاطي اكيدير، الرجل الخارق الذي يفعل كل شئ وحده، صحيح أنه في بطولات العالم في اوساكا 2007 حيث حل ثامنا وبرلين 2009 حيث حل حادي عشر ودايغو الكورية الجنوبية 2011 حيث جاء خامسا وفي اولمبياد بكين بحلوله خامسا، ثم لم يتجاوز الدور النصف نهائي في بطولة العالم بموسكو، لكنه كذلك توج بطلا للعالم في ال1500 (فئة الشبان) وبطلا للقاعة في المسافة ذاتها، ثم حل وصيفا لبطل العالم داخل القاعة عام 2010 في » الدوحة ثم بطلا للعالم داخل القاعة في اسطنبول. ولد عبد العاطي في ربيع العام 1987. في هذا العام كان سعيد عويطة وحده يشغل بال العالم. ففي عقد الثمانينيات من القرن الماضي كان عويطة كرس سيطرته على مضامير ألعاب القوى بأن فاز ببطولة العالم عام 87 في%88% «روما» روما، وحططم الرقم القياسي العالمي للخمسة آلاف متر ليصبح أول رجل ينزل تحت حاجز ال 13 دقيقة. قبل أن يتم عامه ال15 كان ايكيدر، الذي رأى النور في بلاد قصر السوق، قد أبان عن موهبته، وقدرته على الركض سريعا، وأيضا لمسافات طويلة. في سن مبكرة احتل ايكيدير المركز ثاني في البطولة الوطنية المدرسية للعدو الريفي 2002 في بني ملال . رغم تعب الرحلة والظروف الصعبة التي جرى فيها السباق إلا أن عبد العاطي قاوم كل ذلك، ودخل السباق في المركز الثاني، ثم في العام 2004،و كان حينها بلغ فئة الشبان توج بطلا للعالم في مونديال غروسيطو ( إيطاليا) ،وفي نفس السنة توج بثلاث ميداليات ذهبية، وبالضبط في مسافات ال800 وال1500 والأربع مرات تناوب في البطولة العربية للفتيان بالرباط. بعد عامين سيعاود عبد العاطي صعود منصة التتويج، وهذه المرة حين حل ثانيا في بطولة العالم للشبان في بكين 2006 .،لكن أشياء كثيرة ستتبدل بعد هذا التاريخ، ففي بطولة العالم أوساكا باليابان (2007) سينهي السباق في المركز الثامن، ثم في المركز الخامس بالألعاب الأولمبية في بكين 2008، قبل أن يحتل المركز الثالث في ألعاب البحر الأبيض المتوسط في بيسكارا ( إيطاليا) 2009 والمرتبة 11 في بطولة العالم في .برلين 2009 ، والميدالية الفضية في بطولة العالم داخل القاعة في» الدوحة 2010. قد يكون قدر عبد العاطي ايكيدير شبيها بقدر عادل الكوش عداء المسافات المتوسطة. فهو الآخر فاز عام 1998 ببطولة العالم للشباب في مسافة 1500 متر وبعدها مباشرة بالميدالية الذهبية للألعاب العربية، لكن «الأقدار» قادته إلى أن يكون «أرنب سباق» في بطولة العالم لألعاب القوى، وليقود هشام الكروج إلى منصات التتويج، لكن حتى عقد المقارنة مع عادل الكوش لايصلح، فالأخير كان تبث تعاطيه بعد ذلك للمنشطات، مما كلفه الابتعاد عن مدار السباق لمدة عامين. عبد العاطي ايكيدير قد يكون موهبة، لكنها الموهبة التي رغم عثراتها تصر على أن تكمل السباق إلى النهاية.