عندما تم إنشاء مجلس المستشارين سنة 1997، كانت الغاية من هذه الخطوة هي خلق غرفة ثانية تضم مجموعة من الحكماء الذين يراقبون القوانين في تنزه كامل عن انتماءاتهم الحزبية أو مصالحهم الشخصية؛ غير أن ما يقع حاليا يؤكد أن هذه التجربة حادت، بشكل كامل، عن أهدافها وأصبحت، اليوم، تهدد مصداقية العملية التشريعية برمتها. لقد كشفت اللجنة الحكومية لتتبع الانتخابات، مساء أول أمس الأربعاء، عن قائمة بأسماء الأشخاص المشتبه في كونهم استعملوا المال لاستمالة الناخبين خلال انتخابات مجلس المستشارين. وذكر بلاغ للجنة أن عدد الأشخاص الذين تمت متابعتهم أمام قضاء التحقيق في مختلف محاكم المملكة، إلى حدود يوم 7 أكتوبر الجاري، بلغ 26 شخصا، من بينهم 14 مرشحا لهذه الانتخابات، أعلن عن فوز 10 منهم بمقاعد في الغرفة الثانية للبرلمان. قلنا، سابقا، إننا كنا نتمنى أن تصل المساطر القانونية المطبقة على هؤلاء المستشارين إلى منتهاها، وأن يجد بعض منعدمي الضمير ممن تورطوا في شراء أصوات الناخبين طريقهم إلى السجن؛ لكننا، اليوم، نصر على ضرورة تحريك المتابعة في حق هؤلاء، بالنظر إلى العدد الكبير للمتورطين، وبالنظر، كذلك، إلى أن عددا مهما منهم استطاع، عبر طرق مشبوهة وباستعمال المال الحرام، الفوز بمقاعد في المجلس. الحكماء الذين كنا نحلم بهم في سنوات التسعينيات تحولوا، إذن، إلى راشين ومرتشين، ودور مراقبة القوانين والتشريعات بات في خبر كان؛ فهل حان وقت التفكير جديا في إلغاء الغرفة الثانية التي كلفتنا، ومازالت تكلفنا، الملايير من أموال الشعب دون جدوى؟