نجح فريق ليستر سيتي في بسط سيطرته المطلقة على منافسات الدوري الإنجليزي لكرة القدم، ذلك أنه يتصدر الترتيب بفارق 5 نقاط عن أقرب مطارديه، كما أنه يقدم كل أسبوع عروضا رائعة، وكلما اعتقد المتتبعون أن موعد تخلي الفريق عن الصدارة قد حان، إلا وعاود ليستر سيتي مفاجأة الجميع بعروض قوية تؤكد أن الفريق يمضي بثبات من أجل نيل لقب الدوري الإنجليزي.. آخر المفاجآت المدوية لليستر سيتي كانت السبت الماضي عندما أطاح بفريق مانشستر سيتي بأرضه وأمام جمهوره بثلاثة أهداف لواحد، جعلت الإيطالي كلاوديو رانيييري مدرب الفريق يقول:» نعم بإمكاننا الظفر باللقب». والمفارقة أن الفارق المالي بين القيمة المالية للاعبي مانشستر سيتي وليستر سيتي يقارب 300 مليون دولار، ناهيك عن الفوارق الكبيرة على مستوى ميزانية كل فريق. لم يكتف ليستر سيتي بالإطاحة بمانشستر سيتي فقط، بل إنه أسقط معظم الفرق الكبرى بالدوري الإنجليزي، كما أن خمسة من بين انتصاراته التي وقع عليها خارج ملعبه سجل فاز بها بثلاثة أهداف.. في العام الماضي كان ليستر سيتي على وشك الهبوط إلى القسم الثاني، وظل يصارع إلى آخر الأنفاس من أجل ضمان مكانته بين الكبار، هو الصاعد حديثا إلى القسم الممتاز.لكن صورة الفريق تغيرت كليا هذا الموسم، فهو لم يكتف فقط بتقديم عروض جيدة في بعض المباريات، بل إنه يتصدر الدوري الإنجليزي الذي يعتبر الأغلى في العالم، والذي لايمكن لأي فريق لا يدار بميزانية كبيرة جدا أن يفوز به.. يكفي أن حقوق بث الدوري الإنجليزي لثلاث مواسم قد بيعت بمبلغ يفوق 7 مليارات دولار، ويكفي كذلك أن أربعة فرق إنجليزية هي اليوم من بين أغنى عشر فرق في العالم. لقد أطاح ليستر سيتي بكل النظريات، ولمن لا يعرفون هذا الفريق جيدا، فهو من بين الفرق التي تعطي اهتماما كبيرا للتكوين، بل إن المجموعة التي تصنع اليوم انتصارات الفريق لعبت في ما بينها سنوات طويلة في مختلف فئات ليستر، قبل أن يجدوا أنفسهم دفعة واحدة في الفريق الأول يخوضون المباريات كما لو أنهم فرقة موسيقية تلعب بانسجام وتناغم تحت قيادة المدرب كلاديو رانييري الذي غير أشياء كثيرة في الفريق، ونجح في إيجاد الوصفة الملائمة للاعبين يبحثون عن المجد، وباتوا على أبواب دخول التاريخ، إن لم يكونوا قد دخلوه فعلا بما يوقعون عليه من أداء. فهل بإمكان ليستر سيتي أن يواصل مسلسل مفاجآته المدوية..ما تابعناه والروح التي يلعب بها الفريق تؤكد أنه يستطيع فعلا ذلك.. ليستر سيتي هو درس حي، درس للكثير من الفرق في العالم،وبينها فرقنا المغربية التي أدمنت انتداب اللاعبين وصرف المال، دون أن تبذل أي مجهود يذكر على مستوى تكوين لاعبي الفريق الذين يمكن أن يتدرجوا عبر مختلف الفئات، قبل أن تختمر تجاربهم فيصنعوا غدا ربيع فرقهم.. في ليستر سيتي يبرز اللاعب الجزائري رياض محرز الذي يعد اليوم واحدا من بين أبرز لاعبي الفريق، والدوري الإنجليزي، فقد سجل 14 هدفا كما كان وراء ثماني تمريرات حاسمة. لهذا اللاعب قصة مثيرة تصلح لأن تكون فيلما سينمائيا، فمحرز من أب جزائري وأم مغربية، ومنذ خرج إلى الوجود ووالده يحلم بأن يراه لاعبا لكرة القدم، كما كان يأمل أن يحمل قميص المنتخب الجزائري. فارق والد رياض محرز الحياة وابنه لم يكمل بعد ربيعه 15، لكن الفتى النحيف الذي كان يسخر زملاؤه في لوهافر من بنيته الجسدية، سيواصل العمل لتحقيق طموح والده تحت رعاية والدته المغربية، التي احترمت وصية الوالد ولم تؤثر على ابنها ليغير مساره ويلعب للمغرب، بما أنه يحمل أيضا الجنسية المغربية. التقط كشافة ليستر سيتي اللاعب وحولوه صوب الفريق، ليدشن من هناك انطلاقته في عالم كرة القدم، ثم يفجر مواهبه هذا الموسم بشكل مذهل.