إقبال كبير من الجالية والنساء.. هذا عدد المغاربة المستفيدين من دعم السكن وتمكنوا من اقتناء سكنهم    حزب الله يشن أعمق هجوم في إسرائيل منذ 7 أكتوبر.. والاحتلال يستعد لاجتياح رفح    أبو عبيدة: العدو عالق في رمال غزة.. وهجوم إيران أربك حسابات الاحتلال    محلل رياضي مشهور: أمرابط بمانشستر ليس اللاعب المتألق الذي رأيناه مع المنتخب المغربي في قطر    طقس الأربعاء.. أمطار ورياح مع تناثر غبار بهذه المناطق    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    رد قوي من طرابلس على التكتل مجهول الهوية لي بغات تخلقو الجزائر.. ليبيا شكرات سيدنا على دعمه الثابت لقضيتها وأكدات أهمية تعزيز اتحاد المغرب العربي    "الأحرار" يحسم الاقتراع الجزئي بفاس    رحيمي والعين قصاو بونو والهلال وتأهلو لفينال شومبيونزليگ    موقف بركان قوي واتحاد العاصمة ضعيف وها الأحكام اللي يقدر يصدرها الكاف فقضية الغاء الماتش بسبب حماق الكابرانات    سيراليون دعمات الوحدة الترابية للمملكة.. هو الحل الوحيد لي عندو مصداقية    تلاميذ متميزون يستكشفون آفاق الدراسة في كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة    الحوار الاجتماعي.. الحكومة والنقابات داخلين فمفاوضات مكثفة على قبل الحق في الإضراب وحرية العمل    لومبارت كوساك : الفلاحة .. العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي "غنية جدا"    المنتخب الجزائري لكرة اليد شبان ينسحب من مواجهة المغرب بسبب خريطة المملكة    بطولة إيطاليا لكرة القدم.. تأجيل احتفالات فريق إنتر باللقب ومباراته ضد تورينو إلى الأحد المقبل    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    وزير فلسطيني: المغرب الأكثر اهتماما وعناية بشؤون القدس    ميارة يستقبل فيرا كوفاروفا نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأمثال العامية بتطوان... (580)    يهم البذور والأغنام والحليب.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما الفلاحي    الأديب عبد الرفيع جواهري ضيفا على برنامج "مدارات"    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    تفتيش شابة على متن حافلة ببني ملال يسفر عن مفاجأة    تداولات البورصة تغلق على "أداء سلبي"    فرنسا معولة على مخابرات المغرب فتأمين أولمبياد باريس وها شنو گال جيرالد دارمانان    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    وهبي لوزيرة العدل ديال الساو تومي فاجتماع دولي: تكلمي السيدة الوزيرة أنت كإمراة عندك الحق تتكلمي عشرين مرة    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    الأقمصة الرياضية التي أرعبت السلطات الجزائرية!    وزير الزراعة والأمن الغذائي بنيجيريا: "نرغب في تعميق علاقات التعاون مع المغرب في المجال الفلاحي"    أمل تيزنيت يستنكر الأخطاء التحكيمية التي ارتكبت في مباراته أمام جمعية المنصورية    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    الأمثال العامية بتطوان... (579)    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة صلاح الوديع إلى بنكيران ؟؟؟؟
نشر في الرأي المغربية يوم 25 - 08 - 2016

فرحت كثيرا عندما سمعت ان مثقفا بعث برسالة إلى رئيس الحكومة، وقلت في نفسي و أخيرا سنسمع لمثقفينا همسا، و هرعت إلى محرك البحث غوغل لأبحث عنها و أقرأها بتمعن و تركيز …. فهي رسالة مثقف … و ليست ككل الرسائل … و ليس أي مثقف … إنه صلاح الوديع.
قرأتها في البداية قراءة سريعة و متلهفة أبحث في ثناياها عن أشياء تشفي عطشي "الذي طال" لرسائل مثقفينا. .. رسائل تكون جميلة ومنمقة و حمالة لمعاني كبيرة …
لكنني صدمت ….
وجدت نفسي أمام رسالة لا ذوق و لا معنى لها و لا حقائق بها …
أعدت قراءتها ثانية و ثالثة … وفي كل مرة يخيب ظني …
لم أكن أريدها رسالة ترمي بنكيران بالورود … بل كنت أريدها صدقا… رسالة ناقدة و عميقة و دقيقة. .. تقرأ في واقعنا ما لا يقرأه العامة … و تستحضر معطيات تاريخية ينساها الجميع إلا المثقف. ..
فوجدتها رسالة من شخص يدعي الثقافة و هي منه براء و يدعي اليسارية و هي أيضا منه براء و يدعي الانتماء إلى مرحلة تاريخية و يحاول تأميمها ، و وجدت نفسي أمام حزبي ضعيف و متخبط يحاول جاهدا الدفاع عن حزبه و تلميع صورته المخدوشة و المشوهة من الولادة.
عندما يحمل المثقف "الحقيقي" قلمه يكتب للحاضر و للمستقبل، لهذا نجد رسائل كتبت منذ زمن طويل جدا مازالت تحيا بيننا… و نقرأها و نتذوقها و نستلهم منها الدروس و المعاني. ..
فكم ستعيش رسالة مثقفنا هذا .. و ما الذي تحمله يمكن أن يعيش لما بعد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة…
بحثت و نقبت كثيرا لكني لم أجد أبدا أشياء تستحق القراءة و يمكن أن نحفظها للأجيال القادمة….
يكتب المثقفون ما يعجز الآخرون عن استنباطه. .. و يكتب المثقفون ما يخشى الآخرون كتابته. .. فهم يتميزون بالقوة في الاستنباط و التحليل … و الجرأة في الجهر بالحقائق و الشجاعة في مواجهة التحديات و الصعاب. ..
وسأكون مضطرا لأذكر مثقفنا بكلمات سبق وأن أرسلتها له بعد أن اتهم كذبا قيادات البيجدي بحضور عرس القرضاوي ورغم كل الأدلة التي قدمتها له لم يمتلك جرأة المثقف ولا شجاعة السياسي ليعتذر عن الكذب الذي نشره لأنه ممزوج بالحقد … فالهدف بالنسبة إليه ليس الحقيقة و لا الانتقاد و لكن نشر الكراهية….
إن أهم شيء يتميز به المثقف هو انحيازه للجمال والحب والخير والحق والعدل، لكن عندما ينحاز المثقف لأسياده و لحزبه ولقبيلته يصبح آلة كتابة يستعملها من شاء وكيفما شاء.
يكتب المثقفون الحقيقيون بعد لحظات تأمل طويلة، لهذا كلماتهم تعيش بيننا عمراً طويلاً، ويحفظها التاريخ للأجيال التي تأتي من بعد، أما أشباه المثقفين فكتاباتهم المتسرعة ليست سوى أداة للامتطاء نحو المناصب والمكاسب، ولهذا نرمي يوميا بالعشرات من الكتابات (الشخبطات) في سلة المهملات، دون أدنى شعور بالندم، لكننا نحتفظ و لسنوات طويلة بأسماء الأدباء والشعراء والمثقفين وبكتاباتهم ، نتناقلها ونورثها لأبناءنا بل ونحفظ جزءا منها في قلوبنا وذاكرتنا.
يكتب المثقفون الحقيقيون بعد بحث وتعب وكد و سهر، ينتقلون هنا وهناك ويحاوِرون هذا وذاك وقد يقطعون المسافات الطويلة بحثا عن المعلومة وعن الحقيقة، ليقدموا لجمهورهم عصارة جهدهم وبحثهم وأفكارهم، فتجد كلامهم قويا، صادقا، موزونا وعذبا ورقيقا تطرب له الأذن وتنشرح له الأسارير وتطمئن له القلوب، أما أشباه المثقفين فيجلسون في مكاتبهم الوفيرة والمكيفة، يدبجون شخبطات لا وزن لها يبيضونها كما الدجاج الرومي.
المثقف حامل لمشروع فكري قد نختلف مع مشروعه لكننا لا نملك إلا أن نحترمه، لأنه يعبر عن أفكاره بقوة لكنها ممزوجة بالصدق وموضوعة بأدب واحترام، وهو لا يكتب فقط لعشيرته و حزبه بل يكتب للجميع و يسعى لإقناع الجميع بأفكاره ومواقفه ورؤاه.
كان بودي أن أناقش رسالتك يا صلاح و آخذ منها و أرد لكنني وجدتها رسالة حاقدة ومنحرفة و قبل كل ذلك قبيحة.
رسالتك يا صلاح للأسف لا علاقة لها بالجمال و لا بالحب و لا بالخير ولا بالحق و لا بالعدل…
رسالتك للأسف ليس فيها تأمل و لا تعب و لا كد ولا حقائق ولا صدق و لا أدب و لا احترام….
فكيف تريدنا أن نتفاعل معك … وأي دور يمكنك أن تلعبه كشخص يدعي الانتماء إلى حقل الثقافة في بناء الأفكار و تناقحها و تفاعلها و يساهم في بناء مستقبل زاهر و وطن يتسع لكل أبناءه.
تكلمت يا صلاح عن اليسار لكن الذي أعرفه هو أنك من اليسار المحبط الحاقد على الملكية و الذي كان يحلم بالجمهورية و بالانقلاب و خطط لذلك مرات وتحالف مع العسكر لتحقيق مآربه وباءت كل محاولاته بالفشل، و اصطدمت بإرادة صلبة لملك وشعب.
و الذي أعرفه أنك كنت حاقدا على الراحل الحسن الثاني ومازلت وهو ما أكدته اليوم في رسالتك هاته عندما قلت "أن ما يشفع لرفاقك بالبام أنهم لم يستكينوا للتحكم الحقيقي الذي جسده منفذ السياسة السلبية للراحل الحسن الثانى …"، ثم قلت في فقرة أخرى "لقد كان لرجالات النضال الديمقراطي بالأمس كامل الشجاعة لمعارضة رئيس الدولة الراحل رحمة الله عليهم جميعا وجها لوجه ليواجهوه علنا بكون حكمه مستبدا و قمعيا و ظالما و هو ما أكدته هيئة الإنصاف و المصالحة " (و كذب على هيئة الإنصاف و المصالحة فهي لم تقل أن حكم الحسن الثاني كان مستبدا و قمعيا و ظالما ).
لا أريد أن أدخل في تفاصيل تلك المرحلة و أتكلم عن الانقلابات و المؤامرات و الدسائس، لكن أريد أن أسطر على مجموعة من الخلاصات أولها أن الذين يحقدون على الملك الأب لا يمكن أن يحبوا الملك الابن، ثانيها أننا نعيش الاستمرارية و ليس القطيعة مع مرحلة الحسن الثاني رحمه الله وهذا ما أكده الملك محمد السادس منذ توليه العرش و هذا ما يؤكده كل المغاربة، ثالثا مبادرة الإنصاف و المصالحة هي شجاعة من ملك متسامح يحب وطنه وشعبه و يضع مصلحتهم فوق كل اعتبار، وهو ما دفعه إلى طي صفحة ماض لوثته الدسائس و أدى الجميع الثمن غاليا، لكن يبدو أن أصحاب القلوب الضعيفة و المهزوزة لا يريدون طي تلك الصفحة …
قلت يا صلاح عن الأصالة والمعاصرة أن "ما يشفع لهذا الحزب عندك أن فيهم شباب و نساء و نخب جديدة تتمنى الإسهام في بناء بلدها عبر تجاوز سلبيات الماضي" …. أ هكذا نقيم الأحزاب يا مثقف … أين البرامج و الرؤى أين الأفكار و المرجعيات. ..
أنا متأكد يا صلاح أنك تتفق مع بنكيران في موقفه من الأصالة والمعاصرة و لكنك تحاول إخفاء هذه الحقيقة المؤلمة لك، لأنك جزء منها…. و حتى عندما تخلصت منها لم تمتلك شجاعة مصارحة المغاربة بهذه الحقيقة … لهذا أنت تبحث لهذا الحزب عن ما يشفع له عندك …. فعندما نقول "أن ما يشفع لفلان عندي …" أي ما يغفر له خطيئاته ويجعلني أتقبله أو أسامحه ، فأنت إذن تتفق مع بنكيران و تبحث فقط لهذا الحزب عن ما يشفع له فوجدت أن ما يشفع له هو وجود شباب و نساء و أطر وووووو …
تبحث يا صلاح لهذا الحزب عن الشفاعة، لكن المغاربة يريدون حزبا يحمل همومهم و آلامهم و آمالهم و لا يريدون حزبا أصحابه و مؤسسوه غير مقتنعين به و غير مؤمنين به و يبحثون له عن الشفاعة.
كان الأحرى بك أن تصارح المغاربة و تشرح لهم الأسباب الحقيقية التي جعلتك تغادر الحزب الذي ساهمت في تأسيسه و أن تشرح لهم لماذا يحتاج حزبك للشفاعة. .. وأن تقول لهم لماذا فشلت حركة لكل الديمقراطيين و أين هي الآن و ماذا حققت .. و أن تشرح لنا كيف تأسس الحزب و بمن تأسس و عن مشاريعه الظاهرة و الخفية ، عليك أن تقول للمغاربة وبكل صراحة و وضوح أننا جئنا لمحاربة العدالة والتنمية و محوه من الخريطة السياسية، عليك أن تقول للمغاربة أننا جمعنا جزءا من اليسار المحبط الطامح للمناصب بجزء من الليبراليين المتوحشين للثروة بآخرين مغرر بهم و آخرين تم تهديدهم. …، عليك أن تقول للمغاربة أننا أسسنا حزبا وفي الغد جمع لنا البرلمانيون من كل حدب و صوب و أصبحنا الحزب الأول في البرلمان مع أننا لم نشارك في الانتخابات. .
أشياء كثيرة عليك أن تقولها للمغاربة لكنك لا تمتلك الشجاعة لقولها …. و تمتلك فقط شجاعة مهاجمة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران … و فقط. ..
عبت على رئيس الحكومة أنه لم يشارك في إعداد تقرير الخمسينية و لا في تقرير هيئة الإنصاف و المصالحة رغم أن المغاربة كلهم يعرفون السياق الذي أعدا فيه و من شارك و من لم يشارك و لماذا لم يتم إشراك هذا و ذاك. .
لكن يا صلاح ليس بنكيران وحده الذي لم يشارك في إعداد هذان التقريران، فأنا أيضا لم أشارك و أبي لم يشارك و أمي لم تشارك و لشكر زعيم الاتحاديين ورفيقكم لم يشارك و شباط زعيم الاستقلاليين لم يشارك و نبيل و لعنصر و مزوار ووو … فهل عليهم أن يرحلوا أم أن يخجلوا أم تريدهم أن ينحنوا لكم أنتم معدوا هذان التقريران المقدسان. …
لكن أخطر ما قلته ياصلاح و جعلني أشفق لحالك وحال بعض المثقفين أمثالك و الذين يتنكرون لتاريخهم و لدينهم و لشعوبهم و لا يفهمون حاجيات مجتمعاتهم هو مهاجمتك لدين الإسلام الذي نعرفه نحن المغاربة جيدا و لا نحتاج لا لك و لا للحركات الوهابية و لا لجماعة الإخوان… لا نحتاج لأحد ليعلمنا إياه، إنه الدين الذي رضعناه مع لبن أمهاتنا إنه الدين الذي علمنا كيف نحب و كيف نسامح و كيف نساعد و كيف نصنع الحياة إنه الدين الذي نريده معنا و نحن في المسجد و في البيت و في المدرسة و في العمل و في البرلمان و في الحكومة … إنه الدين و الدنيا كلها. ..
أشفق لحالك يا صلاح عندما قلت :" …. إن استراتيجية حركات الاسلام السياسي – ولا أقول الإسلام كدين – الداعية إلى الاعتداد المطلق والحصري بالماضي وإلى تقديم الاسلام بصفته "هوية" نمطية تتجسد في الصورة الجامدة العابرة للعصور وفي الشكل الهلامي المتمدد والمتقلص بحسب متطلبات السياسة، من الحريرية منها إلى المتوحشة، هذه الاستراتيجية هي ما يبرر ادعاء الغرب بأن الاسلام غير قابل للتطور، وادعاءه بأن شعوبه تستحق التهميشَ من منتدى الدول والأوطان، وبذلك يبرر العداء لها بل والحروب الاحترازية الظالمة عليها….. "
بمعنى "أسي صلاح" أن هذا الغرب كان يحبنا قبل ظهور حركات الإسلام السياسي ، واستعمرنا فقط ليشبعنا قبلا و ليس رصاصا، و لم نكن نعاني تهميش هذا الغرب حتى ظهر بنكيران و إخوته .. بل كنا في منتدى الدول والأوطان قبل أن تظهر حركات الإسلام السياسي . .. وعداء الغرب لنا مبرر و حروبهم الظالمة علينا هي فقط احترازية. .. تريد تحريف التاريخ و علاقتنا بغربك كيف كانت عبر العصور …
وبعد ذلك يقدم لنا صاحبنا المثقف "جدا" تفسيرا عظيما و يقول : " ولذلك تقوم تلك القوى العظمى بدعم الإسلام السياسي…"
على من تضحك يا صلاح. .. أتعرف لماذا عزف الشباب عن الثقافة و عن القراءة … لأن ما تكتبه أنت و أشباهك فعلا يصيبهم بالغثيان.
أليس غربك هو الذي ساند السيسي لينقلب على الإسلام السياسي في مصر … أليس غربك هو الذي ساند قبل ذلك الجيش في الجزائر لسحق الإسلام السياسي و محوه من الوجود … أليس غربك هو الذي دعم الانقلاب على الشرعية في تونس. .. أليس غربك هو الذي يقف وراء الانقلاب على أردوغان و حزبه في تركيا … أليس غربك هو الذي انفضح أمره في ليبيا. .. أليس غربك مسؤولا عن كل ما وقع في العراق التي لم يكن فيها حس للإسلام السياسي. ..
فكيف و متى و أين دعم هذا الغرب حركات الإسلام السياسي. ..
ثم ينتقل مثقفنا و محللنا السياسي الكبير ليشرح لنا ويبرر سيطرة الغرب علينا….
يقول صلاح " …يا للمفارقة، لأن وجودهُ (يعني الإسلام السياسي) يشكل الدليل القاطع على استحالة تطور دين الاسلام. مما يبيح لها (أي القوى العظمى) أن تشرعن مخططات سيطرتها على منطقة تبدو منغلقة على نفسها ككتلة واحدة بسبب دور الاسلام السياسي بالضبط".
أنا أريد أن يركز الجميع على هذه الفقرات :
– يقول صلاح "وجود حركات الإسلام السياسي هو دليل قاطع على استحالة تطور دين الاسلام"، فصاحبنا يريد للإسلام أن يتطور ولا يريد فهما متطورا للإسلام وهنا جوهر الاختلاف، صلاح يريد لنا دينا جديدا. ..
– ويقول "هذا الإسلام الغير متطور يبيح للغرب أن يشرعن مخططات سيطرته على المنطقة" ، أي أن ما يفعله الغرب مباح لأننا منغلقون و لأن غربه وصي علينا فإما أن نتطور كما يريد صلاح و غربه و إما فسيسيطر علينا. ..
– ثم يضيف "المنطقة تبدو منغلقة على نفسها ككتلة واحدة بسبب دور الاسلام السياسي" أي أنها قبل ظهور الإسلام السياسي لم تكن منغلقة على نفسها….
لم يقل لنا صلاح ما الذي يريده أن يتغير في الإسلام، إنه يريد إسلاما جديدا يبيح العلاقات الجنسية خارج المؤسسة الزوجية و يبيح الشذوذ الجنسي و حق الذكر بالزواج بالذكر و الأنثى بالأنثى، إنه يريد إسلاما به مساواة في الإرث و إسلاما يبيح المخدرات و يسمح بزراعتها و بيعها في المقاهي، إنه يريد إسلاما لا يرفع فيه صوت الأذان عبر مكبرات الصوت لأنه يزعج غير المسلمين و الذين يجب أن نحفظ لهم حقوقهم و نضمن لهم الراحة و الاطمئنان، إنه يريد إسلاما بدون خطب جمعة و إذا كانت فعلى الخطيب أن يتحدث في كيفية الوضوء و الصلاة و لا شأن له بأمور البلاد و العباد ….
و لأننا نؤمن أن الإسلام ليس إيمانا روحيا فقط بل هوية أي انتماء كامل بكل الأبعاد الروحية و المادية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وليست انتماء عصبيا أو قبليا أو عنصريا أو جغرافيا، بل هوية يتكامل فيها ما هو روحي مع ما هو فكري، وهو ما عبر عنه القرآن الكريم " صبغة الله و من أحسن من الله صبغة" ، و الصبغة هي الهوية، والهوية هي الإسلام، فإن صلاح يعادينا و يكرهنا و يريد القضاء علينا …
لن أحلل كل ما خطه قلمك من شخبطات فهي لا تستحق و تنم عن جهل أو تجاهل و عن حقد دفين، و أخطر ما قلته في هذا الصدد هو ما جسدته شخبطاتك الأخيرة وأنت تخاطب رئيس الحكومة الذي انتخبه المغاربة : " …. إنك لا تع دورك الجديد، الذي يتطلب منك تمثيل جميع المغاربة، حيث تختلط عليك الجماعة بالحزب والحزب بالدولة، وفي هذه الحالة وجب التنبيه والانتباه بالجدية المطلوبة، وإما أنك تتعمد هذا السلوك لنشر التشكيك عوض أن تحاربه كمسئول ثان في الدولة بعد الملك، وفي هذه الحالة فإن صاحب هذه التصرفات يعرف بالضبط ما يريد: تقويض توازن الدولة ودفع الملكية إلى زاوية الرهينة، خدمة لأجندات لا علاقة لها بالشعب والدولة المغربيين، بل لها علاقة بما يعتمل هناك حيث يشتعل حطبُ حرائقِ "الفوضى الخلاقة". بكلمة أخرى: لها علاقة باستراتيجيات التحكم الأكبر. وفي هذه الحالة وجب دق أجراس الخطر كلها..." .
و دليلك على كل ذلك هو غياب رئيس الحكومة عن نشاط نظمه أو أشرف على تنظيمه زعيمك في الحزب. .
أقول لك أيها الغير صلاح و الغير وديع، أنت تقوم بدور سيء في نشر الحقد و الكراهية بين أبناء الوطن و الحقد الذي تنفثه لا يولد سوى الحقد. ..أما حديثك عن استراتيجيات وأجندات خارجية فهذه تثقنها أنت و رفاقك، و ماضيك شاهد على ذلك و ما تكتبه شاهد على ذلك . .. فقل غيرها…. أما الجرس الذي يجب أن يدق اليوم هو الخطر المحدق بهذا الوطن من انقلابيين فاشلين يريدون السلطة بأي ثمن ولو كلف ذلك بيعه للغرب …
و أختم بالدعاء الذي نسمعه و نؤمن عليه في كل صلاة : اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين وأدم علينا نعمة الأمن والاستقرار في ظل قيادتنا الحكيمة وحكومتنا الرشيدة واحم يارب بلادنا وأهلها من كل سوء ومكروه آمين يارب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.