وزير النقل واللوجستيك : الحكومة ملتزمة بدعم تطوير الكفاءات في قطاع الطيران    هجوم أصفهان.. ما خلفيات النفي الإيراني والصمت الإسرائيلي؟    بسبب فيتو أمريكي: مجلس الأمن يفشل في إقرار العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    مسؤولو نهضة بركان يرفضون إخفاء الخريطة المغربية الكاملة بملصق ويطالبون "الكاف" بحل الأزمة    المكتب التنفيذي ل"الكاف" يجدد دعمه لملف ترشيح المغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم مونديال 2030    توقيف 4 أشخاص بمنطقة الرحمة للاشتباه في تورطهم في جريمة قتل    "وزارة التجهيز" تحذر مستعملي الطرق والطرق السيارة بالمغرب    السجن المحلي الجديدة 2 يوضح بشأن ادعاءات سجين سابق ب "تجويع السجناء"    نشرة إنذارية: امطار رياح مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    قبل مونديال 2030.. الشركات البرتغالية تتطلع إلى تعزيز حضورها في السوق المغربية    نظام العسكر يبتز "جون أفريك" والصحافي ديالها: إلى بغا يدخل للدزاير خاصها تبدل مواقفها ولا يمشي هو من المجلة    الصندوق المغربي للتقاعد ينضم إلى برنامج "داتا ثقة" لحماية المعطيات الشخصية    "ميتا" طلقات مساعد الذكاء الاصطناعي المجاني فمنصاتها للتواصل الاجتماعي    أرقام رسمية كتخلع.. أزيد من 82 فالمية من الأسر المغربية صرحات بتدهور المعيشة ديالها    كان واعر في الأدوار الدرامية.. وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني وفعمرو 81 عام    محاكمة طبيب التجميل التازي ومن معه.. النيابة العامة تؤكد ارتكاب جريمة "الاتجار في البشر"        توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    طغى عليه الغياب واستحواذ الأغلبية على مقاعد الأمناء والمحاسبين : انتخاب مكتب مجلس النواب    مجلس النواب يعقد جلسة عمومية لاستكمال هياكله    طنجة .. توقيف ثلاثة أشخاص لإرتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في المخدرات    ميراوي: أسبوع يفصل عن إعلان سنة بيضاء وبرلمانيون يناشدونه التراجع عن القرارات تأديب طلب الطب    في تقليد إعلامي جميل مدير «الثقافية» يوجه رسالة شكر وعرفان إلى العاملين في القناة    جمال الغيواني يهدي قطعة «إلى ضاق الحال» إلى الفنان عمر السيد    الهجمات على إيران "تشعل" أسعار النفط    الطريق نحو المؤتمر ال18..الاستقلال يفتح باب الترشح لعضوية اللجنة التنفيذية    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    باستثناء الزيادة.. نقابي يستبعد توصل رجال ونساء التعليم بمستحقاتهم نهاية أبريل    المدير العام لمنظمة "FAO" يشيد بتجربة المغرب في قطاعات الفلاحة والصيد البحري والغابات    العصبة الاحترافية تتجه لمعاقبة الوداد بسبب أحداث مباراة الجيش    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    السودان..تسجيل 391 حالة وفاة بسبب الاصابة بمرضي الكوليرا وحمى الضنك    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    سوريا تؤكد تعرضها لهجوم إسرائيلي    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    لوسيور كريسطال تكشف عن هويتها البصرية الجديدة    "قتلوا النازحين وحاصروا المدارس" – شهود عيان يروون لبي بي سي ماذا حدث في بيت حانون قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي    الدكيك وأسود الفوتسال واجدين للمنتخب الليبي وعينهم فالرباح والفينال    ضربات تستهدف إيران وإسرائيل تلتزم الصمت    تفاصيل هروب ولية عهد هولندا إلى إسبانيا بعد تهديدات من أشهر بارون مخدرات مغربي    تقرير يُظهر: المغرب من بين الوجهات الرخيصة الأفضل للعائلات وهذه هي تكلفة الإقامة لأسبوع    واش اسرائيل ردات على ايران؟. مسؤولوها اكدو هاد الشي لصحف امريكية واعلام الملالي هدر على تصدي الهجوم ولكن لا تأكيد رسمي    "الكاف" يحسم في موعد كأس إفريقيا 2025 بالمغرب    خطة مانشستر للتخلص من المغربي أمرابط    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    نصف نهائي "الفوتسال" بشبابيك مغلقة    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حزبا أردوغان وبنكيران.. هل تجوز المقارنة؟
نشر في الرأي المغربية يوم 02 - 09 - 2014

كثيراً ما تجري المقارنة بين حزب العدالة والتنمية المغربي ونظيره التركي، ليس فقط بالنظر لما بينهما من مشترك على المستوى الإيديولوجي، أو ما يجمع بينهما من تشابه في الاسم، فهذه من البديهيات. فإلى أي حد تصح مثل هذه المقارنة بين تجربتين، لهما مسارات مختلفة، ويوجدان في بيئاتٍ تكاد تكون متناقضة؟ لا يكفي التشابه في الأسماء والتقارب في المرجعيات الإيديولوجية لعقد مقارنات غالباً ما تكون سطحية، كما أن وجود أكثر من فرق بين التجربتين يجعل المقارنة بينهما غير عادلة أيضاً لعدة أسباب، تحاول هذه السطور استعراض أهمها.
بدءاً من المرجعية التي ينطلق منها كثيرون لعقد مقارناتهم، نجد أن "العدالة والتنمية" التركي لا يصف نفسه بأنه حزب إسلامي، وإنما يعرض نفسه حزباً سياسياً ليبرالياً محافظاً، نجح في فك ارتباطه مع وعائه الدعوي، واستطاع في أدائه البارع أن يبرهن على أنه يملك تصوراً سياسياً، وخطة عمل منتجة، مكنته من نيل ثقة ناخبيه. فيما نجد أن "العدالة والتنمية" المغربي يتباهى بمرجعيته الإسلامية، ومازال يعتمد على ذراعه الأيديولوجية، حركة "التوحيد والإصلاح"، في التأطير والتعبئة والحشد، ما يحدث خلطاً كبيراً عند الرأي العام الذي يصعب عليه التمييز بين ما هو دعوي وبين ما هو سياسي، في خطاب الحزب الذي يمتح مفرداته من قاموس ديني محض. ومن خلال أدائه المرتبك، يبدو أنه يفتقد لخطة طريق واضحة، ولذلك، ما زال يلجأ إلى لغة ديماغوجية، للتغطية على ضعفه، ولمواجهة منتقديه.
كما نجد أن حزب طيب رجب أردوغان استفاد من أخطاء سلفه، حزب "الفضيلة" الذي حله الجيش، ولم يظهر معاداته العلمانية كأساس تنظيمي وفكري للحكم في تركيا، وفي الوقت نفسه، حافظ على الهوية الإسلامية لمشروعه. وهذه مرونة أبداها الحزب، وتجلت في تبني خطاب سياسي براغماتي، يعتمد سياسات ليبرالية، ومقاربات حقوقية كونية، جعلته يواجه العلمانيين داخل ملعبهم، وفي الوقت نفسه، أكسبته دعم الغرب الذي كان يقف دائماً إلى جانب المؤسسة العسكرية التي تنصب نفسها حارسة لأسس الجمهورية القائمة على المبادئ العلمانية.
أما حزب عبد الإله بنكيران، فما زال متوجساً من البعد الكوني للمعايير الحقوقية، في خطابه السياسي والإعلامي، ما يجرّه، في غالب الأحيان، إلى تبنّي قضايا خاسرة، تنفر العلمانيين والليبراليين في الداخل منه، ولا تساعده في تسويق صورته في الخارج، وخصوصاً لدى الغرب.
وفي استقراء سريع للتاريخ النضالي لكل من الحزبين، نجد أن "العدالة والتنمية" التركي حصل على شرعيته من النضال والمواجهة مع السلطة العسكرية العلمانية، بما أن الصراع في تركيا قائم بين مرجعيتين متناقضتين، علمانية ودينية. في حين أن سميّه المغربي لم يخض أي نضال يذكر لفرض قناعاته. فهو حزب أوجدته السلطة، عندما كان الملك الراحل، الحسن الثاني، يريد تجريب إشراك "إسلاميين معتدلين" في اللعبة السياسية، قبل سنتين من رحيله، للتهيئة لمرحلة انتقال الملك إلى ولي عهده.
يضاف إلى ذلك أن طبيعة نظام الحكم الملكي في المغرب، الذي يقوم على شرعية دينية تتمثل في "إمارة المؤمنين"، لا تسمح لأي حزب بأن ينافسها من داخل المرجعية نفسها التي تستمد منها شرعية وجودها واستمرارها.
مع ذلك، استعمل كلا الحزبين نوعاً من الليونة في التعامل مع السلطة القائمة، لكن، لأهداف مختلفة. فحزب أردوغان حاول التماهي مع النظام العلماني القائم من أجل التقرب للغرب، أما حزب بنكيران، فحاول التماهي مع نظام "المخزن" القائم في المغرب، للتقرب من الملك.
وإذا كانت الانتخابات في تركيا آلية حقيقة للمحاسبة الشعبية، فإنها في المغرب مجرد لحظة لشراء الذمم، ليس فقط ذمم الناخبين البسطاء، وإنما ذمم النخب والأحزاب والنقابات على حد سواء.على مستوى المقارنة السياسية، تكبر المفارقة. ففي تركيا، يوجد تداول حقيقي على السلطة، تكفله طبيعة النظام السياسي الجمهوري، وينص عليه الدستور، وتحكمه قواعد لعبة ديمقراطية شفافة، وينظمه نمط اقتراع ديمقراطي. أما في المغرب، فالسلطة الحقيقية توجد بيد الملك، وهي خارج كل تنافس حزبي، كما أن نمط الاقتراع، وعدم شفافية اللعبة السياسية، يجعلان من كل عملية انتخابية في المغرب مجرد محاولة ل"تدوير"، (بكل ما تحمله الكلمة من معنى)، النخب داخل دواليب الدولة، لتهذيبها وتطويعها!
ويبقى أن كلا الحزبين جاء إلى السلطة بيدين نظيفتين، وهذه نقطة تحسب لهما، وتكسبهما ثقة ناخبيهما. وخلال عشر سنوات، استطاع حزب أردوغان أن يقفز ببلده من المرتبة 111 إلى المرتبة 14 على مستوى القوى الاقتصادية العالمية. لكن، في العام الماضي، هزت تركيا مظاهرات شعبية، على خلفية فضائح فساد تورط فيها مسؤولون من حزب "العدالة والتنمية" التركي، وأثير فيها اسم نجل أردوغان. أما عن حزب العدالة والتنمية المغربي، فقد نجح، حتى الآن، في احتواء قضايا الفساد المنسوبة إلى بعض ممثليه داخل البلديات. في حين أن الوقت مازال مبكراً للحكم على أدائه الاقتصادي في الحكومة. وفي السنوات الثلاث من حكمه، ركز الحزب، حتى الآن، على ما يعتبرها إصلاحات جوهرية، من قبيل تقليص نفقات صندوق الدعم المخصص للمواد الاستهلاكية الرئيسية، وإصلاح صندوق التقاعد، ما اضطره، أو سيضطره، إلى اتخاذ قرارات غير شعبية، مثل رفع الأسعار ورفع سن التقاعد. وإذا كانت هذه القرارات ستنعكس إيجاباً على نمو الاقتصاد مستقبلاً، فإن ثمارها لن تصل مبكراً إلى الفئات الفقيرة التي تشكل الوعاء الانتخابي لكل حزب سياسي.
أما الكلمة الفصل في إسقاط كل مقارنة بين الحزبين، فيمكن تلخيصها في مقاربتيهما في مواجهة الفساد. ففي وقتٍ تصدّى فيه أردوغان إلى قلاع الفساد داخل بلاده، ونجح في جر مفسدين جنرالات كبار إلى المحاكم، لجأ بنكيران إلى رفع الراية البيضاء، منذ اليوم الأول، عندما أطلق عبارة "عفا الله عما سلف" التي تلخص مقاربته في التطبيع مع الفساد، بدل مواجهته.
وأخيراً، ما كان يفرض مثل هذه المقارنة هو الأداء الناجح للتجربة الاقتصادية التركية التي مازالت تبهر الخصوم قبل الأنصار. لكن، إلى أي حد سيستمر عامل الجذب إلى تجربة أصبح هاجس روادها هو استمرارهم في السلطة التي تستنزف عشّاقها كلما استطابوا البقاء في حضنها!
العربي الجديد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.