يحدث كثيرا أن أتساءل عن طبيعة رفيقي.. عن قريني الذي لا يفارقني، أعني الشيطان الذي يلازمني.. الذي يجري في دمي، أسأل عن مستواه الإغوائي، وعن قدرته التضليلية؟؟.. حيرني ورب الكعبة، أي احترافية وأي ذكاء؟؟.. حتى أني أحس أنه أدكى من شياطين غيري، وشياطين غيري كثييير.. شيطاني الذي يخطط، يدرس، وينفذ مشاريعه التي كثيرا ما تنجح معي.. إنه شيطان يعمل بنظام المداومة.. لا يأخذ إجازة أو استراحة ولا حتى "pouse cafe" ، حوالي عقد من الزمن، وهو يمارس مهنة جده الذي كان سببا في تلميع صورة التفاحة.. وأنا أكرس خطأ أمي.. خطأ أبي.. في قطف التفاحة بكل غباء، في قضمها بكل اشتهاء.. في تكرارها دونما انتهاء.. دونما دواء، وفي استمرارية للزلة.. للداء، فأي بلاء يا شيطاني أي ابتلاء؟؟ شيطاني ذو الطبيعة الانسيابية الزئبقية متمكن كفء لدرجة عالية، يخلق من دقائق الفرص، أرباع الفرص، ثم أنصاف الفرص.. ومن أنصاف الفرص ذنوبا عظيمة، خطايا كبيرة.. وأنا .. أنا كحاكم عربي يعد شعبه- نفسه- كل يوم، كل خطبة، وكل دعاية انتخابية، أنه سيحقق الكثير والكثير.. سيحقق نموا في الحسنات، وسيسدد الديون المتراكمة من السيئات، وسيرفع من العجز " الحسناتي" وسيحارب الفساد الأخلاقي.. ويعاقب اللوبي المسؤول عن ذلك…. وسيرفع من جودة الخدمات الأخروية.. وسيعبد الطرق السيار المؤدية إلى الجنة.. وسيني القناطر القوية التي تحمي من الفيضانات.. فيضانات الشهوات.. القنوات.. الزلات والخطايا.. والحصيلة، كذب، ضعف، عجز ونفاق ..وفشل ذريع. شيطاني متمكن المعارف متعدد الخطط، ملحاح غير ملول، يجرب هذه، وإن لم تنجح يجرب تلك، حتى أسقط، حتى أهوي وأنا الذي كنت أنوي، أني لن أفعل كذا وكذا .. ولأنه يؤمن بأن الإتحاد قوة، على عكس ما يؤمن به حكام العرب، فإنه يستعين بقوى خارجية وداخلية… يستعين بنفسي الأمارة بالسوء الفاعلة للسوء.. وهنا يشتد الوطيس ثم تضع الحرب أوزارها لأجل مسمى.. وتعلن النتائج شبيهة متشابهة مع كل مرة.. هزيمة أنا.. هزيمة الحكام العرب.. وأبدأ – كما يبدؤون- في اختلاق الأعذار .. -وتعليقها على شماعة الفطرة البشرية- لما كل هذا اللوم، إنا بشر وبطبيعتك خطاء.. إنك لست الفاشل المذنب الوحيد.. إن كل البشر مثلك.. إن الله غفور رحيم.. شيطاني محترف إغواء، مجرم قاطع طريق، حيرني معه وأدخلني في متاهات لا تنتهي، حتى أن قول الشاعر "متى استلت ساقا.. تغوص قدم" ينطبق علي، بل أكثر، فأنا غارق حد الجيد، وكأني بي في يوم الحشر، والحر شديد.. والعرق يختلف منسوبه باختلاف الذنوب والمعاصي … وأنا موشك على الغرق الكلي.. الغرق الحتمي.. فمن كان غارقا هنا.. سيكون غارقا هناك إلا.. وهم قليل.