دفع الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM) بالجدل القائم بين وزارة النقل والتجهيز والمهنيين المعنيين برخص النقل إلى مرحلة جديدة، بعدما قدّم حزمة من المقترحات هدفها إصلاح مأزق مأذونيات النقل (الكَريمات). وبينما قال محمد نجيب بوليف في تصريح ل»اليوم24»، إن الحزمة المعروضة من لدن جامعة النقل «هيئة داخل «CGEM» تعكس تقاربا في التصورات الإصلاحية بينها وبين وزارته، قال نقابيون في النقل في تصريحات ل» اليوم24» إن سلة المقترحات المقدمة من لدن بعض من (الباطرونا) سُوّقت لأسباب دعائية لصالح بوليف وحده. الباطرونا، وكما ذكر ممثلها عبد الإله حفظي، رئيس جامعة النقل، في ندوة أول أمس بالدار البيضاء، تقترح أن يُنشَأ صندوق يُمول من لدن القطاع الخاص (الأبناك) لتسديد فاتورة تفويت الرخص على أن تقدم الحكومة ضمانات عليه. بيد أن أهم ما تشعر به الباطرونا من قلق، هو النسب الهائلة للرخص المكتراة، إذ إن 73 في المائة من الرخص المسلمة تُستغل عن طريق الكراء، وفي كثير من الأحيان، يعمل المستغل بدون أي ضمانات في مواجهة مالك الرخصة، ولذلك تقترح الباطرونا أن يصبح لدى المستغل سجل تجاري باسمه لا يمكن لغيره أن يتصرف فيه، وإذا ما أراد صاحب الرخصة أن يستعيد رخصته، عليه أن يقتني منه السجل التجاري أيضا، أي المقاولة النقلية برمتها. هذا، وترغب الباطرونا في أن تستمر الفترة الانتقالية قبل سحب الرخص غير المتوقفة إلى خمس سنوات، بدل المهلة المقررة من لدن بوليف في عام واحد. وبالنسبة إلى بوليف، فإن هذه التصورات قابلة للنقاش الجدي، «لأنها تعكس قدرة منفتحة على استيعاب عناصر الحوار بين وزارة النقل والأطراف الأخرى بشأن تحديث منظومة الرخص»، مضيفا «كانت هنالك حالة من عدم التفاهم مع بعض الأطراف، والباطرونا تقترح بابا للخروج منه، ويمكننا أن ننطلق بنفسٍ أقوى بعد الآن». وبحسب الملاحظات التي يقدمها بوليف بشأن سلة مقترحات الباطرونا، فإن «تمديد الفترة الانتقالية إلى خمس سنوات بخصوص سحب الرخص غير الخاضعة للاستغلال يمكن أن يُناقش مرة ثانية، ثم إنه ليس لدينا أي اعتراض جوهري على الصندوق الخاص لتمويل تفويت الرخص، وسنناقش مع المعنيين كيفية ضمان الحكومة لعمليات الصندوق». ويقول بوليف: «يظهر لي أن «الباطرونا» تملك حسا بضرورة الإصلاح، ولذلك كانت حزمة المقترحات المعروضة من لدنها تسير في الاتجاه نفسه، كما تسير فيه مقترحاتنا». لكن «الباطرونا» ليست طرفا كافيا لوحده لكي يُباشر الإصلاح دون مشاكل. فالفاعلون المهنيون لهم مخاوف على ما يعرضه بوليف، ومما تقدمه «الباطرونا»، وهم يرون كما يقول يونس بولاق، الكاتب العام لمستثمري المقاولات الصغرى للنقل الطرقي للمسافرين بالمغرب، إن «على بوليف أن يفهم أن الإشكالات الرئيسية مازالت قائمة، ولا يمكن ل»لباطرونا» أن تعالجها لصالحه». بولاق يرى بأن ما تقترحه الباطرونا على بوليف ليس مختلفا بدرجة كبيرة عما يقدمه المستثمرون الصغار، لكنه كان «دوما يرفض ما نعرضه نحن». ويختلف هؤلاء المستثمرون مع بوليف والباطرونا في قضية واحدة على الأقل: الصندوق المزمع إحداثه لتمويل تفويت الرخص، فهم لا يريدون أن تكون لديهم علاقة بتمويله: «إذ لا يمكن لقطاع حكومي أن يباشر تعديلا في نظام معين دون أن يقر ميزانية لتمويل كلفة تلك التعديلات.. هل يريد بوليف أن نمول إصلاحه بأنفسنا. عليه أن يجد صيغة بديلة لتمويل التفويت المقدم أمام البرلمان، وأن يبحث، أيضا، عن صيغة لتمويله من المال العمومي». ويخلص المتحدث نفسه إلى أن بوليف لم يفعل شيئا على قدر من الأهمية حتى الآن: «لا نفهم كيف يدعم مقترحا تقدمه الباطرونا حول حيازة السجل التجاري من لدن المستغل وبيعه إلى صاحب الرخصة في حالة استرجاعها. هنالك طرف آخر في هذه العملية، وهم السائقون المهنيون، ويمثلهم عبد العالي الخافي، رئيس المجلس النقابي المشترك لمهنيي النقل الطرقي للمسافرين، الذي قال: «إن لدى المقاولات تصور غامض حول دفتر التحملات، فيما دفع بوليف نحو تحرير قطاع النقل من ثقل الرخص التي تؤدي إلى هلاك المهنيين تحت وطأة المستثمرين الغرباء وبأس أموالهم اللامحدودة». ويعتقد الخافي أن تفويت الرخص عبر مزاد علني يقدم هدايا إلى الأشخاص المعنويين الذين يمتلكون أموالا لا يمكن للمهنيين منافستهم عليها في مزاد علني». وكما يلخص الخلاف، فإن الخافي يرى بأن «بوليف وضع المهنيين كالسائقين على الهامش، وترك لوبيات تمثل أرباب النقل والمستثمرين الكبار يتلاعبون بالإصلاح». لدى الخافي موقف أخير مثله مثل بولاق: «لن نقف مكتوفي الأيادي في مواجهة بوليف. إذ سيكون للاحتجاج طعم آخر»، لكن بوليف يرد على مثل هذا الوعيد ويقول: «بعض المسؤولين المهنيين لديهم مشكلة حقيقية بسبب هذا الإصلاح لأن لديهم مصالح مباشرة، ويملكون مأذونيات يخافون على ضياعها من أيديهم.. لكن هناك مهنيين آخرين خارج المركز لديهم تصور آخر، وهم المدافعون عن الإصلاح».