صدر للباحث محمد شقير، في الآونة الأخيرة، كتاب جديد عن دار أفريقيا الشرق، موسوم ب»السلطة وتطور المراسيم العسكرية بالمغرب: بين استعراض القوة والتحكم في المجال السياسي. إذ يتناول الكاتب نشأة الجيش المغربي وتطوره، ومكامن قوته وضعفه، وطرق تطويره. في كتابه الأخير «السلطة وتطور المراسيم العسكرية»، يسلط الباحث محمد شقير، فيما يشبه كشف أسرار الجيش، الضوء عن تطور الوعي والأداء العسكريين لدى الجيش المغربي. إذ يستعرض من وجهة نظر تاريخية كيف تطورت العلاقة «بين استعراض القوة والتحكم في المجال السياسي». ويتناول هذا الكتاب، الذي صدر في الآونة الأخيرة عن دار أفريقيا الشرق، مأسسة المراسيم العسكرية بالمغرب، وتطويرها وعصرنتها، محاولا وصف مظاهرها وطقوسها، واستعراض مساهمات بعض الشخصيات السياسية والعسكرية في تحسين الأداء العساكر المغاربة. في القسم الأول من الكتاب، ينطلق محمد شقير من فكرة قوامها أن الجيش ظل يلعب دورا حاسما عبر تاريخ المغرب، على اعتبار أنه ظل، إلى حدود فرض الحماية الفرنسية، الكيان الوحيد القادر على حماية الحدود وتوحيد المجال السياسي للدولة. دوره هذا بقي، منذ المرابطين والموحدين إلى اليوم، مرتبطا بردع القلاقل والاضطرابات الداخلية وضبط الأمن، بالإضافة إلى تنظيم بعض الشؤون الإدارية. إذ انطلاقا من هذا الدور الحاسم، ربما يكون السلاطين المغاربة انتبهوا إلى ضرورة تولي «القيادة العامة»، والجمع بين الولاية والمناصب العسكرية السامية في أشخاص محددين. في هذا القسم كذلك، يستعرض الكاتب أشكال العروض العسكرية، وكذا إعداد الجيش للحروب واستنفاره وتحركاته وتنظيمه، بالإضافة إلى تيمات أخرى متعلقة بطبول الحرب وراياتها وطرق القتال، إلخ. وفي القسم الثاني، ينتقل شقير إلى الحديث عن تطوير المراسيم العسكرية. إذ يعود، ها هنا، بشكل مكثف، إلى التاريخ، ليستعرض مظاهر هذا التطوير، وكذا المكونات العسكرية التي طالها التطور. في هذا السياق، يعتبر الباحث النظام العسكري العثماني، الذي أثبت تفوقه في المنطقة المتوسطية منذ القرن الثالث عشر، ملهما بالنسبة إلى التجربة العسكرية المغربية، خاصة خلال الفترة السعدية. إذ استلهم الجيش المغربي، في عهد السلطان محمد الشيخ، بنية التنظيم البشري، وكذا تجانسه، بدل الاعتماد على العنصر الزنجي والتركي. غير أنه يقدم، أيضا، تعريفات لبعض المفاهيم العسكرية مثل: الألقاب والرتب، الحركة السلطانية، الأفراك وحراستها وتحركها ونصبها، الخ. غير أن الكاتب سرعان ما سيكشف، في القسم الثالث، أن الجيش المغربي كان ضعيفا، رغم ما أفاده من التجربة التركية. ففي هذا الصدد، يتوقف الكاتب عند معركة إيسلي، التي انهزم خلالها الجيش المخزني أمام القوة العسكرية الفرنسية، بعدما استنجد الأمير عبد القادر بالسلطان المغربي آنذاك المولى عبد الرحمان. إذ يرجع الكاتب أسباب الهزيمة، ليس فقط، إلى انعدام التكافؤ العسكري والتقني بين الجيشين، بل إلى كون الجيش المغربي ظل تقليديا، لأنه لم يساير التطورات العسكرية الأوروبية، ولم ينتبه إلى تقنياته الحربية الحديثة. لكنه يؤكد أن هذه الهزيمة، التي أدت إلى احتلال المغرب، دفعت المغاربة إلى التفكير في ضرورة عصرنة الجيش، وهو ما تم على أيدي الفرنسيين طوال فترة الحماية. هكذا، فإن هذا القسم الأخير ينكب على دراسة التطورات التي أُدخلت، خاصة منذ تأسيس القوات المسلحة الملكية، على هيكلة الحيش النظامي المغربي، سواء فيما يتعلق بالاستعراضات العسكرية أو تكوين النخب أو نظام الترقية أو التسليح، إلخ. تجدر الإشارة، هنا، إلى أن الكاتب كتب جزءا كبيرا من هذا القسم لتسليط الضوء على «الحرس الملكي، حيث يُعرّف بأدواره، سواء داخل القصر (الحراسة، الوقوف أمام القصور والأضرحة، تحية الملك، إلخ) أو خارجه خلال الأنشطة الملكية (البرلمان، استقبال البعثات الأجنبية، التدشينات، زيارات الملك إلى الخارج، الاحتفالات الوطنية..).