هل المثلية الجنسية مرض؟ وإذا كانت كذلك هل هي مرض نفسي أم عضوي؟ أولا، الأمر لا يتعلق بنوع واحد للمثلية الجنسية، وإنما بأنواع عديدة، وهي ليست مرضا نفسيا ولا عضويا. هناك حالة واحدة يمكن أن نتحدث فيها عن الجانب العضوي هي حين يصعب تمييز جنس المولود، هل هو ذكر أو أنثى بسبب مشكل خِلقي في أعضائه التناسلية. صحيح أنه حاليا تطورت التقنيات التي تسهل معرفة الجنس من خلال التحاليل والأشعة. ولكن ما يقع في أحايين كثيرة بالنسبة إلى هذه الحالات هي أن المولود قد يكون من الناحية البيولوجية ذكرا وتتم تربيته على أساس أنه أنثى أو العكس. ما دون هذه الحالة لا يمكن أن نتحدث عن إشكال عضوي. بالنسبة إلى المثليين هناك حالات وأنواع مختلفة. هناك أولا "les homophiles " وهم المثليون ممن لديهم ميل عميق تجاه الأشخاص من نفس الفصيل الجنسي ويحبونهم، وهناك "les hétérophobes " الذين لديهم خوف من الأشخاص من الجنس الآخر، وهناك أيضا "les bisexuels" وهم الأشخاص الذين يكون لديهم ميل تجاه الجنسين، وهناك الأشخاص الذين لديهم إشكالية هوية جنسية. فحين يتعلق الأمر بالميولات نكون أمام حالة ذكر مثلا يشعر بذكورته ومرتاح في جسده كذكر، ولكن لديه ميولات تجاه الأشخاص من نفس جنسه ونفس الأمر بالنسبة إلى الأنثى. وفي المقابل، هناك من هم مثليون لأن لديهم إشكالية هوية، من بين هؤلاء ما يمكن أن نسميهم بالمخنثين والمترجلات، وهؤلاء لا يتقبلون أجسادهم. مثلا قد يكون الجسد لذكر غير أن صاحبه يشعر بأنه أنثى أو يكون الجسد لأنثى وصاحبته تشعر بأنها ذكر، وهنا نجد حالتين، هناك من لديهم إشكالية الهوية ولا يشعرون بالارتياح تجاه جسدهم، لكن دون أن يصلوا إلى مرحلة تغيير جنسهم "les travestis". وهناك آخرون يصل شعورهم بعدم الراحة بجسدهم درجة اتخاذهم قرارا بإجراء عملية لتغيير الجنس "les transsexuels"، وهؤلاء يعانون من تعارض تام ما بين جنسهم البيولوجي وجنسهم النفسي. إذن، لا يمكننا الحديث عن نوع واحد للمثلية الجنسية، بل عن أنواع كثيرة، ومع ذلك لا يمكن القول بأن المثلية الجنسية مرض، ويجب أن نعلم بأن أغلب حالات المثلية الجنسية، أي حوالي 65% من الحالات لأشخاص لديهم خوف من الجنس الآخر. هل تلجأ إليك بعض الحالات لأشخاص يطلبون العلاج من المثلية؟ بل هي حالات كثيرة وكثيرة جدا من مختلف الأنواع. ولكن لا يعتبرون الأمر مرضا لأن المثلي لا يرى نفسه كمريض. فمثلا المثليون ممن يشعرون بحب عميق تجاه الأشخاص من نفس الجنس لا يجدون مشكلا في مثليتهم ولكن الإشكال بالنسبة إليهم يكمن في علاقتهم مع المجتمع ومع الدين، لذلك فعدد كبير من هؤلاء يقولون بأنهم يدعون الله دوما ليغير ما يشعرون به لأنه ليس اختيارا. بالنسبة إلى النوع الآخر من المثليين ممن يشعرون بالخوف من الجنس الآخر، فأولئك يطلبون التغيير ويبحثون عن إمكانيات التخلص من مثليتهم، وهناك احتمال وحظ كبير بالنسبة إلى هؤلاء ليتخلصوا من مثليتهم إذا حصلوا على العلاج والمرافقة النفسية الجنسانية المناسبة. أما من لديهم إشكال الهوية الجنسية فيمكن مرافقتهم ومتابعتهم نفسيا أو يخضعون لعلاج نفسي. بالنسبة إلى عابري الجنس "les transsexuels" فالمرافقة والمتابعة النفسانية لا تكون بهدف العلاج، ولكن من أجل مساعدتهم على التعايش مع حالتهم أو تهييئهم نفسيا لعملية تغيير الجنس. إذا لم تكن المثلية الجنسية مرضا فهل هي حالة فطرية؟ بالنسبة لعابري الجنس يمكن الحديث عن حالة فطرية، لأنهم منذ سنوات الطفولة الأولى يشعرون بأنهم من جنس مغاير لما هم عليه. وهناك مثليون يصبحون كذلك، نتيجة لأحداث معينة مروا منها أو بسبب طريقة تنشئتهم ك"les homophiles" ، وهناك من يولدون بميولات مثلية. كيف يجب أن يتعامل المجتمع مع الأشخاص ذوي الميولات الجنسية المثلية؟ على كل شخص أن يضع نفسه في مكان تلك الفئة، لأنه من السهل إصدار الأحكام بخصوصهم، ولكن ما لا يستوعبه الكثيرون هو أن أولئك الأشخاص لم يختاروا أن يكونوا كذلك، وكما أسلفت، الكثير منهم يطلبون الله ويدعون مرارا أن يصلح حالهم، هم لا يقصدون الاستفزاز، وما يقومون به ليس بإرادتهم ولا باختيارهم. هل الشخص ضحية الاعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة قد يصبح مثليا؟ هذا ممكن، حين يتعرض الشخص لاعتداءات جنسية غير مصحوبة بالعنف، قد يصبح مثليا، ولكن حين يتعرض لاعتداء مصحوب بالعنف فهو قد يصبح بدوره معتديا على الأطفال "pédophile ".