وجه عبد الله بوانو، رئيس فريق "العدالة والتنمية"، بمجلس النواب، انتقادات لبعض مضامين تقرير "المجلس الاعلى للحسابات"، لسنة 2014، الذي قال إنه "أغفل التركة الثقيلة"، التي ورثتها حكومة عبد الإله بنكيران، التي كانت بحسبه "سببا للعديد من النقائص التي تعتري النظام الاقتصادي المغربي". وورد في مداخلة رئيس فريق حزب "العدالة والتنمية"، اثناء جلسة مناقشة عرض رئيس المجلس الأعلى للحسابات، أمام مجلسي البرلمان، بان تقرير المجلس جاء ب"استنتاجات وخلاصات وتوصيات مهمة إلا أنه اعترته كذلك نواقص عديدة". وأوضح، ان التقرير قضاة ادريس جطو "أغفل في العديد من فقراته الرجوع إلى واقع الحال قبل مجيء حكومة ،عبد الإله بنكيران"، والتي ورثت بحسبه أوضاعا كانت "صعبة بشهادة تقارير دولية وفاعلين وطنيين". وأشار بوانو، في هذا السياق إلى أن "المغرب خلال السنوات الأخيرة، عرف جدلا حادا حول الظرفية الاقتصادية والمالية ومدى قدرة الحكومة على مواجهتها، خاصة في ظل الصعوبات المالية التي سبق أن عاشها المغرب بين سنتي 2009 و2011″، قال إن عجز الميزانية فيها بلغ "مستويات قياسية، وصلت معه المالية العمومية لمأزق خطير في ظل الارتفاع المهول لنفقات المقاصة وقرب إفلاس أنظمة التقاعد واللجوء المكثف للاستدانة العمومية". وورد في كلمته :"الأصل كان هو أن يعرض رئيس المجلس الأعلى للحسابات، تقريرا بأشغال هذا المجلس دون إصدار تقييم للسياسات العامة بالشكل الذي يبحث في مكامن نقص أداء الحكومة فقط، حيث كان من الواجب أن يستند إلى منطق المقارنة وبسط الوقائع وحيثياتها قبل إصدار توصيات فسرها البعض على أن هذه الحكومة كانت عاجزة على مباشرة أي إصلاح كيفما كان حجمه".
وقف "نزيف" مالية الدولة وفي سياق متصل، مضى بوانو، قائلا : "لا أحد من المتتبعين ومن الفاعلين السياسيين كان يتصور أول الأمر أن تتمكن الحكومة الحالية خلال سنتين فقط من بداية عملها، من وقف نزيف المالية العمومية وتجنيب المغرب مخاطر الإفلاس الاقتصادي، ولم يكن أحد يعتقد أن الاقتصاد الوطني سيكتسب مثل هذه المناعة ومثل هذه الجاذبية بعد أربع سنوات من العمل الحكومي". وسرد رئيس فريق حزب رئيس الحكومة، بالغرفة الأولى، مؤشرات اقتصادية، للمغرب قبل سنة 2012، قال إنها جعلت الحكومة الحالية "تجد نفسها مسؤولة بشكل أساسي عن وقف هذا النزيف الحاد للمالية العمومية، والذي تميز بتفاقم عجز الميزانية وارتفاع حجم المديونية، مقابل ضعف الأثر الفعلي للسياسات العمومية"، بحسبه. وأفاد نقلا عن معطيات اقتصادية، ان حكومة بنكيران "كانت مضطرة منذ سنة 2012 لأداء أزيد من 36 مليار درهم سنويا كنفقات خدمة الدين العمومي والتي اقترضتها الحكومات السابقة منذ سنة 2003، إضافة إلى إكراهات نفقات المقاصة التي وصلت سنة 2013 لأزيد من 54 مليار درهم، ما يعني أن نصف الموارد العمومية كانت توجه لهاتين النفقتين، مما كان يؤدي لتفاقم عجز الميزانية". واضطرت الحكومة سنة 2013 ، يقول بوانو، "للاستدانة العاجلة وبمبالغ كبيرة من السوق المالية الدولية لتغطية نفقات التسيير وأداء أجور الموظفين، ونفقات المقاصة ونفقات الديون السابقة، قبل أن تنجح في الاسترجاع التدريجي للتوازنات الاقتصادية ووقف هذا النزيف المالي الخطير". أنظمة التقاعد وعلى صعيد آخر، دق رئيس فريق "البيجيدي"، في مجلس النواب ناقوس الخطر في ما يتعلق بالمديونية، ودعا إلى "حوار موضوعي حول إشكالية الاستدانة التي أثرت سلبا في الوضع المالي للمغرب منذ سنة 2006 إلى الآن". وفي ما يتعلق بأنظمة التقاعد، شدد بوانو على أن الحكومة مطالبة اليوم بمعالجة أزمة أنظمة التقاعد لتفادي انهيارها، قائلا :"لا يعقل الاستمرار في النظام الحالي الذي سيجعل أزيد من 10 ملايين من المهنيين وحرفيين خارج دائرة الحماية الاجتماعية، مقابل رهن ميزانية الدولة بشكل كامل لتمويل عجز بنيوي لنظام التقاعد المدني". أضاف "إن الإصلاح المالي والميزانياتي عملية معقدة قد تخضع للحسابات السياسية والانتخابية، لكن لا يمكن أن تبقى رهينة لهذه الحسابات لأن ذلك سيعني إدخال الاقتصاد الوطني والتوازنات المالية العمومية في متاهات لن تنتهي إلا بإفلاس الدول".