أعلنت منظمة الأممالمتحدة رسميا عن انتهاء مهمة كريستوفر روس، مبعوثها المكلف بقضية الصحراء. بعد أقل من سنة من مغادرة الأمين العام السابق، بان كيمون، لمهامه، يكون المغرب قد تخلص من شخصين نافذين لم يكونا يخفيان تحيزهما لخصوم الوحدة الترابية. يتزامن ذلك، مع مغادرة باراك أوباما وإدارته للبيت الأبيض، وكان المغرب قد عاش على أعصابه إبان ولايته. عوض ذلك الثالوث الجهنمي حلت إدارة أمريكية بأجندة أخرى لم تتردد خلال أسابيعها الأولى من وصف مخطط الحكم الذاتي بالجدي وذي المصداقية. أما الأمين العام الجديد البرتغالي غوتيريس، فيعرف المغرب جيدا وله علاقات طيبة مع شخصيات عليا في هرم الدولة، في حين يتم الحديث عن تعيين وزير خارجية ألمانيا السابق كمبعوث أممي لنزاع الصحراء. مستجدات على قدر كبير من الأهمية تستدعي من الدبلوماسية المغربية مقاربة جديدة استباقية وفعالة. دبلوماسية يجب عليها استحضار تغيير مقاليد الحكم بقصر الإليزيه، الحليف الأول للمغرب في قضية الصحراء، والذي لا يمكن بحال من الأحوال الاستغناء عن دعمه القوي والمباشر للمغرب. يكفي أن نُذكِّر أن فرنسا هي الدولة الوحيدة ضمن نادي الأعضاء الدائمي العضوية بمجلس الأمن التي لا تتوانى في الضغط، كلما استدعت الضرورة ذلك، لتجنب صياغة بيانات محرجة للمغرب. لذلك على الرباط أن تتوجه، كذلك، صوب الدول الإسكندنافية، حيث ينشط أعداء الوحدة الترابية بقوة، وذلك بالعمل على تفكيك اللوبي الجزائري المتوغل في أحزاب اليسار ذات الحضور المزعج بالبرلمان الأوروبي. وهنا لا بد أن نذكر بأنه ما إن تم نزع فتيل الأزمة مع السويد وتعيين سفيرة تحظى باحترام كبير باستوكهولم بالنظر إلى ماضيها الحقوقي، حتى تم نسيان هذا البلد وترك لمناورات خصومنا. المغرب عين قبل شهور سفراء جدد بدول الشمال لاقتحام قلاع الخصوم، لكنه لحد الآن لم يقم بأي محاولة لتفكيك شِباك الانفصاليين باسكندنافيا. فلا زيارات رسمية تمت ولا لقاءات حزبية أنجزت، ولم تفعل الدولة دبلوماسية المجتمع المدني الذي يحظى باحترام كبير هناك، فيما يغيب دور الإعلام كذلك. المنعطف الذي يجب أن يسلكه المغرب هو اعتماد دبلوماسية استباقية ومسترسلة وتفادي دبلوماسية الحملات وإطفاء الحرائق. الشيء نفسه ينطبق على إفريقيا، التي جعل الملك طريقها سالكا، بحيث لا يمكن اعتبار عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي غاية في حد ذاتها، وإنما حلقة في مسلسل يتطلب طول النفس واستراتيجية محكمة. الرهان الآن على توغلنا في لجان الاتحاد والالتصاق بصناع القرار وتوخي اليقظة. خصومنا صاروا ضعافا، حتى إنهم عوضوا لغة الدبلوماسية باللكمات، وبالتالي علينا استغلال الظرف أحسن استغلال قبل أن يستجمعوا قواهم.
ملف الصحراء أمام منعطف حاسم لا بد أن نستغل فيه التفاصيل الصغيرة ونستشرف المستقبل أحسن استشراف. الحاضر في صالحنا، فلنستثمره لنؤمن المقبل من التحديات.