لم تعد مليلية المحتلة فقط، مجرد "نقطة ساخنة" في شمال المملكة لإرسال المقاتلين المغاربة والإسبان إلى بؤر التوتر في مناطق النزاع، مثل سوريا والعراق وليبيا ومنطقة الساحل، بل تحولت، أيضا، إلى مركز تَجْميع وتحصِيل الأموال من بعض المواطنين العاديين، حيث يتم تبييضها عبر شركات وهمية في الدانمارك، وبدرجة أقل هولنداوفرنسا، في أفق توجيهها لتمويل التنظيم الإرهابي "داعش"، من أجل القيام باعتداءات إرهابية في أوروبا أو إرسال مقاتلين أجانب إلى سوريا. وحسب ما كشفه تقرير أمني سري للحرس المدني الإسباني، اطلعت عليه صحيفة "بوثبوبولي" الإسبانية، فإن مواطنين مقيمين في مدينة مليلية المحتلة، ليس لديهم أي تكوين في مجال الاقتصاد وتدبير المقاولات، كما أنهم من متوسطي الدخل، بل منهم من يعتبرون ضمن فئة الفقراء، ويحصلون على مساعدات من الدولة، لكنهم يتقلدون مناصب المسؤولية في شركات بالدانمارك. ورجح التقرير الأمني أن تكون أسماء بعض المغاربة تستعمل كواجهة للتغطية على نشاطات أفراد قد تكون لديهم ارتباطات بعالم تهريب المخدرات والبشر، والذي أكدت مجموعة من التقارير الدولية أن يغذي الإرهاب. وكشف التقرير، لأول مرة، أن زوجة أحد أفراد الشبكة بلغ بها الأمر إلى أن قدمت 6 بيانات طوعية (وثائق تبين منشأ العائدات ومصدرها)، في معبر بني أنصار بمليلية ما بين 25 مارس 2014 و8 أبريل 2014، تبلغ قيمتها المالية 105 ملايين سنتيم تقريبا. الزوجة بررت تلك الأموال التي كانت ترغب في إخراجها من المملكة صوب إسبانيا بكونها قامت بعملية بيع لأراضي وعقارات في ملكيتها بالمملكة. وكانت السلطات الإسبانية اعتقلت مغربيا ويحمل الجنسية الدانماركية بمليلية، أواخر شهر يونيو الماضي، بتهمة الانتماء إلى خلية إرهابية تعمل على تمويل داعش وإرسال مقاتلين من عشرة بلدان، من بينهم مغاربة نحو سوريا والعراق. التحقيقات الإسبانية أوضحت، كذلك، أن الخلية تمكنت من تبييض على الأقل 8 ملايير سنتيم وأرسلتها إلى شركات وهمية بالدانمارك في أفق تحويلها إلى تمويل الإرهاب. تقرير مصالح الاستعلامات في الحرس المدني الإسباني حول الشركات المشتبه فيها في الدانمارك، وبعض الشركات في فرنساوهولندا، يشير إلى أن المواطن المغربي والحامل للجنسية الدانماركية، محمد المهداوي، يعتبر الشخص الذي لديه "أكبر الارتباطات بشركات تجارية دولية، من بينها: شركتان في الدنمارك، وشركتان في هولندا، وواحدة في فرنسا". التقرير يوضح أن محمد المهداوي وثروته ونشاطه الاقتصادي المعروف "لا يسمح باستنتاج أنه يوجه أو يدعم أي نشاط تجاري سواء في إسبانيا أو في الخارج". وأضاف التقرير أن لا محمد ولا باقي أفراد الشبكة يتوفرون على تكوين اقتصادي، الشبكة تحصل على الأموال من خلال دفع بعض الأشخاص إلى التحايل على "نظام التأمين الصحي"، إذ هناك أشخاص يزعمون انهم تعرضوا لحوادث سير للحصول على تعويضات، علاوة على المساعدات الاجتماعية التي يحصلون عليها. ويرجح التقرير أن يكون حساب المغربي محمد المهداوي استعمل ك"قنطرة"، من قبل مختلف الشبكات والمنظمات الإجرامية المتخصصة في تبييض الأموال، من أجل نقل الأموال من شمال المغرب إلى الدنمارك أو هولندا أو فرنسا عبر "شركات وهمية". وأضاف أن حساب المغربي يظهر كواجهة في الشركات الدولية التي تسعى من خلالها المنظمات الإجرامية إلى التحايل على نظام محاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وأشار إلى أن المحققين يعتبرون محمد المهداوي "واجهة جيدة"، لأنه غير معروف بشكل كامل.