كشف لقاء نظّمته المؤسسة الدبلوماسية، مساء أول أمس بالرباط، بين الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، وعشرات السفراء الأجانب المعتمدين لدى المغرب، عن أبرز انشغالات ممثلي العواصم الدولية في الأوضاع الداخلية للمملكة. استفحال البطالة، خاصة منها المتعلقة بحاملي الشهادات، واختلالات المنظومة التعليمية وضعف الخدمات الصحية، إضافة إلى تعميق الفوارق الاجتماعية، كانت أبرز ما تضمنته مداخلات وتساؤلات السفراء الأجانب، بعد استماعهم لعرض الوزير مصطفى الخلفي. سفيرة هولندا بالمغرب، قالت إنها استمعت إلى ما ورد في عرض الخلفي حول برامج الدعم الاجتماعي المتعددة التي يعتمدها المغرب، والخاصة بتمدرس الأطفال ودعم الأرامل… ثم عادت لتتساءل حول ما إن كان المغرب ينوي وضع سياسة لتقليص الفوارق الاجتماعية، معتبرة أن هناك هوةً كبيرةً بين الفقراء والأغنياء، فضلا عن تفاقم لوضعية اللاعدالة. وتساءلت السفيرة الهولندية بشكل خاص حول ما إن كان بإمكان المغرب وضع سياسة ضريبية أكثر إنصافا لتعزيز الشعور بالعدالة لدى الفئات الفقيرة. من جانبه، سفير النمسا، قال إن ما أثار انتباهه في المعطيات التي قدمها المتحدث الرسمي باسم الحكومة المغربية، هو ارتفاع نسبة البطالة إلى ضعف المعدل الوطني العام، حين يتعلّق الأمر بحاملي الشهادات. «نحن عموما في أوروبا، نقول إن التعليم هو السبيل نحو الشغل، وبالتالي هذا يحفز الناس على ضمان مسار تعليمي جيد لأبنائهم. لدينا أيضا عطالة في صفوف حاملي الشهادات، لكن في مجالات محدودة وكمثال: الأركيولوجيون، لكن ليس في صفوف المهندسين والأطباء، كيف تتوزع هذه العطالة هنا في المغرب؟ أم إن الأمر عام؟ وهل مع أية شهادة سنواجه صعوبة في الولوج إلى العمل؟». وفيما تساءل سفير غانا عن وضعية التغطية الصحية في المغرب، التقطت سفيرة بنما، المعلومة التي قدمها الخلفي في عرضه، والتي قال فيها إن نظام الدعم المباشر لفائدة الأرامل، مكّن من تمدرس مائة ألف يتيم في المغرب. وأوضحت الدبلوماسية البنمية، أنها تتردّد كثيرا على مدينة طنجة، ويثيرها العدد الكبير من الأطفال الموجودين في الشارع، لدرجة أن ذلك يقض مضجعها أحيانا. في المقابل، علّق سفير قطر لدى المغرب، على التشخيص الذي قدّمه الخلفي لوضعية التشغيل والبطالة في المغرب، وقال فيه إن هناك مشكلا ثقافيا بالمغرب، يجعل جلّ المتخرجين يسعون إلى الالتحاق بالوظيفة العمومية بحثا عن الاستقرار والحماية الاجتماعية. سفير قطر قال إن بلاده كانت تواجه المشكلة نفسها، «حيث يرغب الخريج في العمل في الدولة لوجود استقرار واستمرار في الوظيفة، ولما يحصل عليه الموظف من ضمان صحي واجتماعي، وكنا نعاني رغم أن الشركات تقدم مرتبات عالية لأن هناك تخوفا من عدم الاستمرار وغياب التأمين الصحي والاجتماعي، لكن حين ألزمت الدولة الشركات بتوفير التأمين الصحي والاجتماعي، أصبح هناك ارتياح أكثر للعمل فيها». سفير قطر قال إنه إذا لم يكن هذا النظام مطبقا بالمغرب، فإن على الدولة أن تلزم الشركات بتوفير التأمين الصحي والاجتماعي «حتى تكون هناك اختيارات أكبر أمام المغربي حين يبحث عن وظيفة». فيما خصّص سفير أندونيسيا بالمغرب، سؤاله لموضوع تحرير صرف الدرهم، وتاريخ وكيفية تطبيقه. الناطق الرسمي باسم الحكومة، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان مصطفى الخلفي، قال ردا على سؤال السفير الأندونيسي، إن إصلاح نظام الصرف بالمغرب انطلق منذ مدة طويلة، «لكن في السابق لم نكن نتوفر على احتياطات من العملة الصعبة حتى نقوم بهذا الإصلاح، كما كان لدينا عجز كبير في الميزانية تم تخفيضه، أي إن الوضعية أصبحت ملائمة لهذا جاء التفكير في هذا الانتقال، لكن الأمر يحتاج مزيدا من الدراسات لهذا قررنا إرجاءه، لكنه مازال موجودا». وبشأن تساؤل السفيرة الهولندية حول الهوة الموجودة بين أغنياء المغرب وفقرائه، قال الخلفي إن هذا الأمر يعتبر من بين أولويات الحكومة، «وفي 2015 أعلن جلالة الملك عن برنامج لمحاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية. هذا البرنامج يهم، أساسا، العالم القروي الذي جاء بناء على دراسة تحصي المناطق والفئات المعنية، وفي هذه السنة اعتمدت الحكومة برنامجا تنفيذيا بهذا الخصوص».