يعقد حزب المؤتمر الوطني الاتحادي، غدا الجمعة، مؤتمره الوطني، يليه مؤتمر الحزب الاشتراكي الموحد في يناير المقبل. ولأول مرة سيدخل رفاق عبدالسلام العزيز ونبيلة منيب، ومعهم رفاق علي بوطوالة في حزب الطليعة، إلى مؤتمراتهم، وهم يحملون جوابا إجرائيا عن جزء من الأزمة القديمة لليسار الجديد، هو الوحدة الاندماجية، التي يبدو هذه المرة أن أحزاب فدرالية اليسار جدية فيها، وأن الحلم أصبح على مرمى حجر من التحقق. فهل تكون الوحدة كافية لإعادة الوهج لليسار المغربي، في ظل النهاية المؤلمة للاتحاد الاشتراكي الذي أصبح لا يفعل أي شيء غير تبرير تناقضاته الفادحة من "التناوب الثالث" مع البام، لمواجهة البيجيدي، قبيل انتخابات 7 أكتوبر، إلى التحالف القسري مع البيجيدي ضد البيجيدي، بعد 7 أكتوبر، حتى أن محمد بنعبدالقادر، عندما سأله اتحاديون في طنجة: لماذا تسبّب الاتحاد الاشتراكي في "البلوكاج" الحكومي، وكيف تبهدل الحزب عندما قبل أن يكون أخنوش ناطقا ومفاوضا باسمه، لم يجد حرجا في القول: لو لم ندخل الحكومة لانتهى الحزب. وها قد تحول مقر الاتحاد الاشتراكي الكبير بشارع العرعار إلى وكالة للاستدوان والاستوزار. أما التقدم والاشتراكية فحكاية أخرى، مع حزب لم يعد يتقن شيئا مثل إتقانه المشاركة في الحكومات المتناقضة وامتصاص الإهانات، وها هو يشارف على قضاء 20 عاما دون انقطاع في حكومات لا تقدُّمَ فيها ولا اشتراكية، حتى أن حليفا تقليديا هو الحزب الشيوعي الفرنسي نفض يده من يد بنعبدالله. ما هي القيمة التي قد تعطيها أحزاب فدرالية اليسار لواقع سياسي أصبح الملك فيه أكبر معارض في البلاد، لا يتوقف عن انتقاد الأحزاب، بل ويتوعدها بإحداث زلزال سياسي بين ظهرانيها؟ هي أن تنتقل من يسار احتجاجي إلى يسار اقتراحي، من يسار قريب، شعاراتيا، من المواطن إلى يسار قريب عمَليا منه، دون أن تسقط في قُرب "السخرة" الذي يتقنه الأعيان ومحترفو الانتخابات. وهذا لن يتأتى للفدرالية بمناضلي ومثقفي النقاشات المنبرية على أهميتهم في حماية المشروع من أن يختزل في الانتخابات التي يجب الاستعداد لها بسرعة وقوة وحذر، باعتبارها آلية، ضمن أخرى، للتبشير بالمشروع اليساري الديمقراطي على نطاق أوسع، والوصول إلى السلطة لتطبيقه. أحزاب الفدرالية، وهي الآن مزيج من اليسار السبعيني، ومن الحركة الاتحادية، عليها أن تنطلق من هذا الإرث بوعي أن الاتحاد الاشتراكي كان قويا يوم كان قادرا على الوجود في اتحاد كتاب المغرب، ومسرح الهواة، والأندية السينمائية، وجمعيات الطفولة والتخيم، والنقابة… وكان جبهة تضم الماركسي والليبرالي والبعثي والإسلامي، على قاعدة النضال الديمقراطي. لذلك فعلى الحزب -مرحليا- أن يتخفف من الإيديولوجيا، دون القطع معها، وأن يفتح نقاشا واسعا مع كل الديمقراطيين من حقوقيين وجمعيات نسائية وبيئيين ورجال أعمال متضررين من مخزنة الاقتصاد وشباب منخرط في السياسة وعازف عن الانتخابات… أما المكون اليساري (الماركسي) داخل الفدرالية فعليه أن يستلهم- قراءةً ونقدا وتطبيقا- تجارب اليسار في أمريكا اللاتينية، سواء الاقتصادية- التنموية البديلة، أو تلك المتعلقة بلاهوت التحرير، لاستنباط واستنبات أجوبة عن الدين، بديلة عن التي يقدمها المشروع الإسلامي، المقنع حتى الآن، في الأوساط الشعبية. على فدرالية اليسار أن تقترب من فوهة البركان دون أن تحترق؛ عليها أن تختار الوقت والمكان المناسبين لطرح تصوراتها المحرجة عن العلمانية والحريات الفردية، وقضية الصحراء، وطبيعة النظام السياسي.. بما يحافظ لها على تميزها دون أن يخاصمها مع المجتمع. خلاصة: عليها أن تتحول من يسار متوحِّد إلى يسار موحَّد.