كيف وصلت إلى خلاصات كتابك المثير للجدل حول صحيح البخاري؟ في بادئ الأمر، واجهت صعوبة في العثور على المخطوطات التي تدعم نقاش الكتاب، فقد بحثت في القرويين بفاس، وجامعة الملك عبد العزيز في الرياض، لكني لم أستطع الوصول إلى شيء، فلجأت في الأربع سنوات الأخيرة إلى مواقع الباحثين والجامعات التي حملت تلك المخطوطات، وقد سهل علي ذلك العمل بشكل كبير، فمثلا، القيم على موقع مكتبة الملك عبد العزيز في الرياض، وضع مخطوطات متعلقة بصحيح البخاري، وهنا أريد أن أشير إلى أن أغلب تلك المخطوطات هي في الأصل مغربية، فالنساخ المغاربة هم من أرخوا كتاب صحيح البخاري، بالرغم من كونه ليس الكتاب المعتمد ببلدنا، فنحن نعتمد المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية. تم اعتمدت أيضا على كتاب يخص المخطوطات العربية في متاحف ومكتبات العالم لكوركيس عواد في 1981، وأيضا بعض الدراسات التي ناقشت المخطوطات. هل كنت تتوقع أن يقابل صدور الكتاب بهذا الجدل الكبير؟ كنت أتوقع حقيقة ردود الفعل سواء العنيفة أو غيرها، ولكن ليس بهذا الزخم. بيد أن هذا المنع والجدل لا يضرني في شيء، فكل ممنوع مرغوب، لكن هذا الهجوم العنيف الذي تعرضت له من بعض الإسلامويين مرعب، فمنهم من كفرني، ومنهم من طالب بحرقي أنا وكتابي، ومنهم من هدد بقتلي وتصفيتي، ومنهم من أرسل إلي رسالة يقول فيها إن دمي أرخص من دم بعوضة. ولماذا في رأيك يعارض هؤلاء مضامين كتابك؟ يبدو أن الوهابية بات لها مكان قوي في المغرب، فهي تقدس صحيح البخاري وإن كان كاتبه من البشر، وتعتمد عليه في كثير من الفتاوى، على رأسها قتل غير المسلم والتنكيل بالمخالف، كما يعتمدون على مجموعة من الأحاديث المنسوبة إلى الرسول عن طريق كتاب البخاري، فمثلا قول البخاري على لسان الرسول: ‘‘أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم''، ما يختلف مع قوله تعالى: «لا إكراه في الدين» و«من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر». مُنع حفل توقيع الكتاب في أحد مقار بلدية مراكش؟ كان من المفروض أن نقيم حفل توقيع بمراكش، وقمنا بإجراءاتنا القانونية بأكملها، وأشرف عليها منتدى المغرب المتعدد، وتم دفع واجبات السومة الجبائية لاستغلال القاعة غير أننا فوجئنا بالمنع، ورفض تسليمنا الترخيص تحت ذريعة أننا لم نخبر السلطات، علما أن الترخيص يسبق إخبار السلطات. لقد جاء مواطنون مهتمون من مختلف المدن لحضور حفل التوقيع، غير أنهم وجدوا أن الحفل قد منع. هذا مؤسف. كان من المفروض أن تجمعك مناظرة إذاعية حول الكتاب في إحدى الإذاعات الخاصة، لكن تم تأجيلها بتدخل من المجلس العلمي. ماذا حدث بالضبط؟ المجلس العلمي لا يملك حق التأجيل، هو طلب التأجيل من الإذاعة إلى حين حضور طرف من جهتهم، وهو ما استجاب له العاملون بالمؤسسة، على أن تقام المناظرة في وقت لاحق بحضور ممثل المؤسسة الدينية الرسمية. ومعيار المجلس العلمي في هذا القرار هو أن من يريد مناقشة كتاب «صحيح البخاري.. نهاية الأسطورة» عليه أن يكون مؤهلا، وهم يدرسون هذا الأمر قبل تعيين المختص الذي سيناقش مؤلف الكتاب. ستظهر الحقيقة خلال هذا الأسبوع، وإذا لم يتم بث هذه المناظرة، فهذا يدل على أنه منع. كنت عضوا في جماعة العدل والإحسان.. كيف انتقلت من تلك الضفة إلى الضفة الجديدة؟ كنت عضوا في جماعة العدل والإحسان في فترة المراهقة وبداية الشباب بين سنة 1989 إلى سنة 1996، وأظن أن المرجعية والتصورات تغيرت، وكانت هناك خلافات حول المنطلقات أدت إلى خروجي عن كنف الجماعة التي أكن لها الاحترام. لكن، لم يكن هناك تأثير فكري للجماعة على مرجعيتي ومساري، فالجماعة تصوراتها الشكلية في ما يتعلق بالخلافة الإسلامية، وأنا أرفض هذه الطريقة في التفكير لأني أرى أن القران الكريم نفسه دعا إلى العلمانية بقوله تعالى: «وأمره شورى بينهم»، والأمر يعني شؤون الحكم، أي ما تواضع عليه الناس. الله فتح المجال للناس كي يجتهدوا، والدين أخلاقي وليس إلزاميا، غير أن الدولة تملك سلطة الإكراه وتسخر أجهزتها لتحقيق ذلك، فيما الدين يدعو إلى إحكام الضمير والاختيار.