حجزت غرفتي على عجل. تخلصت من سروال عبد الحليم و لبست صيفا. كانت حرارة الجو كفيلة أن تسخن عظيماتي و تطرد عني الغمولية التي عشعشت في جسمي الصغير. كنت أخر مشارك التحق بالفندق حيث تسلمت من مصلحة الاستقبال ورقة مكتوب عليها أرقام هواتف. لما هممت بأن أتصل ب ڭيرتج, المنسقة الألمانية عن الشفافية الدولية, ظهرت ستيفاني السكتلندنية من وراء رائح قادما في اتجاهي. صرنا نتخبأ به عن بعضنا البعض كالأطفال. تجاوزني رائح و انكشفنا لبعضنا و تصافحنا بقهقهة عالية. سألتني كيف مرت الامتحانات في الجامعة, فأجبتها بأن الامتحانات كانت مهزلة و تركت جزءا منها بعدما أعود من رحلتي. صار فضولها أقوى لما أخبرتها أنني لم أجتز امتحانين و كبحت جماح فضولها بالعبارة الانجليزية: إنها قصة طويلة. أخذنا طاكسي كي يوصلنا إلى حيث يتواجد الأصدقاء. القاهرة لا تنام. الزحمة في نصف الليل و صخب منقطع النظير تخرقه أغنية : هاتى بوسه يا بت. وصلنا إلى المكان المقصود بعد سلسلة من استفسارات الشارع. رجعت ستيفاني بنفس الطاكسي و صعدت إلى الطابق الرابع من مبنى عال حيث تتواجد مقهى تطل على النيل. هناك وجدت الصديقة رؤى تنتظرني رفقة مصطفى و مخمد عرفتهما طالبين بايديولوجية اشتراكية بعدما تجاذبنا أطراف الحديث. طال حديثنا عن الثورات العربية و الحركة الطلابية في المغرب و مصر. وبدا الليل حلوا فى مقهى شبابي تطل على النيل و حواليه كأنها نافذة من السماء. الجو يغري بالسهر لولا العياء الشديد بعد أكثر من عشر ساعات من السفر. عزمنا أن نأخذ صورا لكن بطارية الهاتف كانت تحتضر, باش تعرفو الزهر لي عندي. غادرنا المكان في اتجاه الفندق فمررنا بتمثال أم كلثوم رافعة يدها و هي تمسك بمنديلها كالعادة. قيل لي أن هناك تمثال أخر لهذه السيدة و هي منقبة. حتى تمثال أم كلثوم لم يسلم من عبث "السلفيين" معتقدين أن النقاب هو المنطاد الذي يوصل المرأة إلى الجنة. دلفت إلى غرفتي. شغلت حاسوبي كي أخربش بعض الكلمات على الفايسبوك من قبيل القاهرة لا تنام و الإعلام كلب ابن الكلبة , مصر هادئة...غيرت ملابسي و أخذت دشا بعدما عانيت مع الماء, مرة ها هو سخون و مرة ها هو بارد. تذكرت حينها الخبطة المغربية على أحد جدران الحمام و التي تجلب ماء في غاية " الطيبوبة" بعد إطلاق عبارة : و طلاق السخوووووون. سامحت الفندق في نفسي على سوء الخدمة و عانقت الوسادة أطبطبها و أقلبها تحت رأسي كي أجد تناغما من شأنه أن يجلب لي نعاسا في بلاد الفراعنة.