مبادرة فريدة من نوعها تلك التي أطلقتها "مبادرات عبد اللطيف جميل الاجتماعية الدولية"، والتي يوجد مقرها في جدة السعودية، بتنظيم زيارة فنية لستة مصورين شباب سعوديين إلى منطقة الأندلس جنوبي إسبانيا، وإفساح المجال أمامهم لإعادة قراءة التاريخ الأندلسي العظيم عبر فن التصوير الفوتوغرافي. حلقة الوصل المفقودة بين الماضي والحاضر والمستقبل هذه المبادرة، التي حظيت باهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام الإسبانية، تشرف عليها مديرة قسم المشروعات في مؤسسة "الفن جميل"، داليا يوسف موسى، وتهدف بالأساس إلى تمكين مجموعة من الفنانين الشباب من توظيف مواهبهم في مجال فن التصوير الفوتوغرافي لإبراز جمالية وعظمة الموروث الثقافي العربي المتواجد في قلب الحضارة الغربية، كما قالت داليا يوسف في تصريحات ل"شبكة أندلس الإخبارية". "إننا نسعى إلى إيجاد حلقة الوصل المفقودة بين هذا الماضي المشرق للحضارة العربية والإسلامية وحاضرها وكذا مستقبلها الواعد"، تضيف داليا يوسف، هذه الشابة السعودية المولودة في مدينة جدة السعودية عام 1987 والتي أوكلت لها مؤسسة مبادرات "عبداللطيف جميل الاجتماعية الدولية" مهمة الإشراف على مشاريع "الفن جميل" التابعة للمؤسسة. وتعتبر داليا يوسف أن هذه الزيارة، التي ستأخذ الفنانين الشباب على مدى أسبوعين إلى غاية متم شهر أبريل إلى عدة مدن أندلسية مثل قرطبة وإشبيلية ومدينة الزهراء، ستمكنهم من ملامسة جزء من حضارتهم درسوه فقط في كتب التاريخ والفن بالمدارس والمعاهد والجامعات السعودية". من جهة أخرى أكدت المشرفة على المبادرة أن "الفن وسيلة رائعة لمواجهة الأحكام المسبقة ضد الإسلام حيث يعتبر لغة مشتركة بين ثقافات مختلفة". والمصورون الستة هم الفائزون بجائزة (آرت جميل برايز)، وهي إحدى أرفع الجوائز في مجال الفن والتصوير الفوتوغرافي في الشرق الأوسط على المستوى العالمي، والتي تمنحها مؤسسة الفن العربي والإسلامي. وترافق يوسف هؤلاء المصورين لزيارة مدن قرطبة وإشبيلية وغرناطة الأندلسية للمشاركة في عدد من الأنشطة بعضها يستهدف إعادة استكشاف بصمات وتراث ثقافتهم في أماكن مثل قصر المورق في إشبيلية أو مدينة الزهراء. وتؤكد المسئولة أن الأندلس معروفة للغاية في بلادها حيث تعد "جزءا من تاريخ الشرق الأوسط" وحيث يتم تدريس تراثها بالمدارس. وتضيف "التراث الإسلامي في تاريخنا معروف جدا. ليس بأمر جديد، وحتى الفنانين الذين وفدوا يدركون الأهمية التاريخية للمدن التي سنذهب لزيارتها". سلوى: "الأندلس، ذلك الحلم الجميل أصبح حقيقة" وفي تصريحات ل"شبكة أندلس الإخبارية"، قالت سلوى، وهي مصورة شابة ضمن المجموعة، إن "الأندلس كانت بالنسبة إلينا حلما جميلا وصورا غاية في الروعة تلامس خيالنا منذ أن كنا ندرس تاريخ الأندلس في المقررات الدراسية، لكن هذا الحلم أصبح اليوم حقيقة". وأشارت سلوى إلى أهمية هذه الزيارة المهنية التي ستمكنها إلى جانب زملائها من "استكشاف الصلات بين إسبانيا والسعودية والتعرف على التاريخ الإسلامي لهذه المنطقة كتجربة فريدة من نوعها". وتشارك سلوى في هذه المبادرة إلى جانب زملائها الفنانين، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 27 عاما والذين لم يسبق لهم دراسة الفن بالجامعة بل عبر الإنترنت وبدون دراسة التصوير الفوتوغرافي بالتحديد لأن المدارس والجامعات السعودية تدرس الفن الإسلامي التقليدي فحسب وليس المعاصر. إموجن: الأندلس جد مهم بالنسبة للمسلمين من جانبها قالت إموجن وير، مديرة مؤسسة كروسوي فوندايشن البريطانية، وهي شريك في هذا المشروع، إن "الأندلس جد مهم بالنسبة للمسلمين ومن شأن مثل هذه المشاريع الثقافية المساعدة في إيجاد أجوبة عن التحديات التي تواجه العالم الإسلامي في الحاضر". وأشارت إموجن وير إلى التعاون الوثيق بين مؤسسة كروسوي فوندايشن و "مبادرات عبد اللطيف جميل الاجتماعية الدولية" من أجل تمكين الشباب السعودي الموهوب من ولوج عالم الاحترافية في مجال الفن. مبادرات عبداللطيف جميل، مؤسسة متميزة في العالم العربي تأسست مبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية في عام 2003، ذراع المسؤولية الاجتماعية لمجموعة عبداللطيف جميل، أكبر موزع مستقل لسيارات تويوتا ولكزس في العالم، لتضع رفاهية الفرد والمجتمع في العالم العربي وخارجه ضمن أهم أولوياتها. واهتمّت المبادرات بتوفير فرص العمل ومحاربة مشكلة البطالة وتشجيع الفنون والثقافة العربية والتعريف بهما في منطقة الشرق الأوسط والعالم، كم سعت إلى دعم الأبحاث والدراسات في مجال محاربة الفقر، وتوفير فرص التعليم والتدريب بما يمكنها من إحداث تغيير إيجابي في المجتمع. وتقوم المبادرات في الوقت الحاضر بدعم مؤسسات عالمية من خلال علاقات شراكة بهدف توظيف مئات الأفراد وإتاحة فرص العمل والتدريب لهم لمساعدتهم على تحقيق أحلامهم الوظيفية والحد من معدلات البطالة المتصاعدة. وتدعم مبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية وتتعاون مع مؤسسات علمية توظف المئات من الأفراد بهدف إتاحة فرص العمل والتدريب في عدة مجالات.