الإنسان والزمان في شنئان. كلما سقط الإنسان في الرذيلة نسبها إلى الزمان. لذلك كانت العرب تقول هذه نائبة من نوائب الدهر. والزمن بلاء. إذن نعيب زماننا والعيب فينا. ومن تم فالزمان والإنسان خلق الله. والأول يستوعب الأحداث بخيرها وشرها، والفاعل هو الإنسان. وتجاوزا لهذا الشنئان رسم الإسلام معالم كبرى من أجل حل هذا الإشكال. لأن أعمال الإنسان هي مصدر سعادته وشقائه . وليس الزمان والدهر. ومن اجل تجاوز هذا الوضع فإن الله عز وجل رسم لنا معالم نوجزها فيما بلي: 1. الإيمان بالله. وهو الاعتقاد بأن للعالم إلها خالقا وقادرا أن يرضي المطيع ويغضب على العاصي. لأن هناك فرقا بين الفضيلة والرذيلة، لذلك فمن الواجب الإكثار من البر والخير وهذا ما سينفع به الإنسان نفسه وغيره والبشرية جمعاء. الإيمان هو الاتصال بالخالق المنان، لأنه الأصل المطلق الأزلي. وبالكون وبالنواميس التي تحكمه، وبالطاقة المذخورة فيه. إنه الانتقال من ذات صغيرة إلى رحابة الكون الفسيح. ومن قوته الهزيلة إلى عظمة الطاقة الكونية، ومن عمر قصير إلى امتداد زمني أبدي لايعلمه إلا الله. ومن أهم مقومات هذا الإيمان العبودية لله، والمساواة بين العباد، وتحرر الإنسان من عبودية غير الله، واعتماد الربانية مصدرا للتصورات والقيم: قيم العدالة ووضوح المنهج والعزة والتواضع والاستقامة والتعاون والكرامة ونقاء السريرة والإرادة والرقابة والتعامل مع ملذات الحياة الدنيا بمنهج وسط والاعتقاد الجازم بأن الخير منهج دائم وموصول... الإيمان هو أصل الحياة الكبير والمحدد للمآل في الدنيا والآخرة. ونظرا لهذه الطبيعة الممتدة أفقيا وعموديا لمنظومة الإيمان فهو مرتبط أساسا بالفطرة البشرية وسلامة التربية والتكوين والصلاح والإصلاح. 2. العمل الصالح. إنه الثمرة الطبيعية لمنظومة الإيمان. لأن هذا الأخير مسار متحرك ودينامية ايجابية ونقيض لكل مظهر إيماني مزيف. إنه الدافع الحقيقي لعمارة الأرض وبسط روح الاستخلاف وبناء للفرد والجماعة وعمل متواصل. لأنه لاوجود بدون حركية ولا حركية معقلنة بدون تبني منظومة الإيمان والحركة هي طبيعة الوجود. ومن تجليات العمل الصالح ما يلي: تواصي الناس فيما بينهم بالخير كله. والصبر على الطاعات والمعاصي والابتلاءات وضرورة حمل بعضهم بعضا على هذا السلوك. إن الإنسان المومن بالله يعمل للخير دائما ويدعو له والعمل به.ولا تزحزحه مشقة ولا ابتلاء لأنه يعيش بين أحضان مجموعة من القيم نوجزها فيما يلي: الإيمان بالله والمحبة بين الناس و والإحسان إليهم والمساعدة والتضامن بالنفس و المال والتعاضد والتعاون في زمن الابتلاء خصوصا أثناء الخذلان والبهتان. فمثل هؤلاء يفوزون في الدنيا والآخرة. إن ما ذكرناه صفات أساسية لمن يشتغل بالنهوض الحضاري البشري نحو الأفضل وهذا أمر عسير لكنه يسير لمن يسره الله عليه. اعتمادا على الاتزان والعدل وتبني تربية خلقية وتزكية للنفس وخدمة الناس . إذن فهو مدار دائري يتشكل من الإيمان والعمل الصالح والصلاح والإصلاح