في مداخلته الفكرية إلى ندوة فاس العلمية حول التصوف وامتداداته الكونية : خطوات علمية نحو النور المحمدي ، قال محمد أحمد الهوني ، رئيس تحرير العرب اللندنية ، أن العالم فوجئ بخروج الكثير من الشباب عن الجماعة والوسطية والاعتدال والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، داعيا إلى تحصين ذلك الشباب من السقوط في براثن استغلال الدخلاء والمتطرفين ،واستعادة صورة الإسلام الذي ساوى بين جريمة قتل إنسان واحد دون ذنب وقتل الناس جميعا ، معبرا عن إدانته الإرهابيين الذين يقتلون في اليوم عشرات الأبرياء ويتفننون في القتل الجماعي والذبح والحرق . إن منطلقات الإجابة على هذه الأسئلة ، يؤكد محمد الهوني ، تدفع إلى البحث عن رؤية إسلامية مناقضة لجماعات الإسلام السياسي التي ظهرت في القرن العشرين، وأخرجت الدين من بعده الروحي المتسامح الذين ينضم إليه الناس أفواجا لترتاح فيه أنفسهم وأرواحهم . فليس هناك من رؤية مناقضة لتسييس الدين سوى الصوفية بطرقها المتعددة وعمقها التاريخي والاجتماعي، فهي الكفيلة بإنقاذنا من هؤلاء الذين حولوا الدين إلى تجارة وكذب ونفاق وتحريم الحلال وتحليل الحرام. ففي نظر الهوني ، الحل يكمن في الصوفية بنظرتها المتسامحة ورؤيتها الروحانية العميقة في إعادة التوازن للحياة الدينية في العالم الإسلامي، خاصة بعد أن طفت على السطح أحزاب تحمل صفة "الإسلامية" لتحقيق غايات سياسية دنيوية، وتطور بعض هذه الأحزاب إلى جماعات متشدّدة تجاه أمور الدين والحياة معا، لا تعترف بالتسامح وترفض التحاور، والجهاد عندها ليس سوى قطع الرؤوس وسبي نساء وهدم معالم الحضارة ومعظم الإنجازات الإنسانية. كما لا يمكن إغفال أن الصوفية تنأى بنفسها عن شيئ أساسي هو التعصب، وهي بذلك ترسي تربية روحية للإستقرار النفسي والاجتماعي لدى الشباب، فهي في هذا البناء تبين كيف يمكن للتعصب أن يطيح بكل شيئ، وآلا يرى أي شيئ، سوى ما يتعصب له وما يتعصب ضده. ومن ثم نرى أن الجهاد لديهم له معنى واحدا وحيدا، وهو ( القتال... ) ناسين متناسين أن الجهاد هو مكابدة وكدِّ لتهذيب النفس والسمو بها ، ومن ثم إن الصوفية عليها أن تعيد إحياء وظيفتها التربوية والروحية للسمو بهذا النفس من المزالق والنوازع المتطرفة. وطرح الإعلامي مجموعة من الأسئلة المنجهية التي حاول بها الإجابة على عدد من الأسئلة من خلال الورقة التي تقدم بها لفعاليات ندوة فاس حول التصوف ، من خلال عقد مقارنة إذا كانت السلفية الجهادية ترفض بالتحديد فكرة الإبداع في مجال شؤون المجتمع، فإن الطرق الصوفية في تفاعلها مع المجتمع، تضمن تفاعلا إيجابيا مع المتغيرات المدنية بفضل سعيها الدائم لخلق التوزان بين الإشباع الروحي والإشباع المادي، وهي مؤمنة بأن التطور هو ناتج ممارسات الناس في أبعادها الدينية والروحية والاقتصادية والنفسية والاجتماعية والسياسية. وخلص محمد أحمد الهوني إلى القول ، أنه لكي يحقق التصوف دوره المنوط به ، يجب الربط بين التصوف ومحيطه الاجتماعي والسياسي حتى يتمكن من الخروج إلى المجتمع كقوة فعل تتجاوب مع المستجدات الحديثة ، وتحد لمن يشوهون صورة الدين، ومن ثمة يمكننا أن نتحدث عن صحوة صوفية بدأنا نلمس معالمها في ليبيا على وجه الخصوص بعد أن امتدت أيادي المتشددين إلى قبور الأولياء الصالحين ومزاراتهم بالهدم والتفجير.