منذ طلب المغرب تأجيل نهائيات كأس إفريقيا 2015 على أرضه في انتظار انقشاع الغيوم الملبّدة، وانفراج الوضع حول وباء إيبولا الفتّاك، و"الأيدي الصديقة" تتحرّك في كل صوب وحدب من أجل الصيد في المياه العكرة من أجل توريط الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم "الكاف"، وعلى وجه الخصوص رئيسها، الكاميروني عيسى حياتو، في نزاع (آخر) مفتعل مع المغرب. فبعد الترويج، المغرض، لروزمانة عقوبات ضد المغرب، ها هي "الأيدي الصديقة" تعبّر عن روح "التضامن الإفريقي" بطريقتها وتعمل في اتّجاه إحداث القطيعة بين "الكاف" والمغاربة. يمكن القول إنّ أيّ نهائيات للكأس الإفريقية التي ما زال المغرب متشبثا بتأجيلها لم تعرف كل هذا اللغط والجدل الذي دار حولها، والذي ازداد حدّة بعد الطلب المغربي بالتأجيل، لدرجة أن بعض الدول، وليس الاتحادات الكروية المعنية شرعت في حملة ظاهرها الحياد وباطنها الكيد؛ ولم تتردد في استخدام الشائعات والافتراءات التي بيّنت بكل وضوح المستوى المتدنّي جدّا لمسؤولي هذه الدول، والخلط بين شعبان ورمضان. وبمجرد إعلان طلب التأجيل، بدأ توزيع الأدوار. وتمت اجتماعات مرتجلة على أساس الانتقام من المغرب وليس دراسة الطلب والبحث عن أجدى الحلول . وظهر أنّ في الأمر " إنّ وأخواتها". ولن نكون بعيدين عن الصواب إذا قلنا إنّ خصوم المغرب لم ينتظروا طويلا للكشف عن وجوههم، وتحويل الحق إلى باطل من خلال حملة منظّمة تحت شعار: "المغرب يرفض تنظيم كأس إفريقيا 2015"، ولكي يستميلوا عواطف الأفارقة زعموا أن المغرب يفضّل احتضان مونديال الأندية على حساب الكأس الإفريقية. وخرجت جنوب إفريقيا، أحد أضلاع العداء للمغرب التي كانت تنتظر الفرصة على أحرّ من الجمر، في الحال، لتنفيذ ما كان مخططًا له في اجتماع المكتب التنفيذي الأول ل"الكاف" بالجزائر، والاجتماع الثاني بالقاهرة، وما تلاهما من الاجتماعات السرّية هنا وهناك بين حياتو ومن يدور حوله من المتطلّعين إلى القفز على رئاسة "الكاف" في أول فرصة. كنا ننتظر أن يقوم الذين نصّبوا أنفسهم خصوما للمغرب بشن حربهم ضده. وما جنوب إفريقيا إلاّ أحد أضلاع العداء للمملكة سواء تعلّق الأمر بالمجال الرياضي أو في أيّ مجال آخر. ولذلك، ليس غريبا ولا من باب المفاجأة أن تقوم بريتوريا بحملة جرّ الاتحادات الإفريقية ضد المغرب ودفعها إلى رفض دعوة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لحضور مونديال الأندية الذي تمّ استغلاله كحقّ يراد به باطل. ونذهب إلى القول إن مسلسلا آخر من العداء، يلبس هذه المرة لبوسا رياضيا، انطلق بزعامة جنوب إفريقيا في انتظار الفصول القادمة من هذا المسلسل الذي سيتناوب عليه باقي الضلع المعادي للمملكة. الغريب أن جنوب إفريقيا، ومن معها، تبني حملتها المغرضة على أساس التضامن مع "الكاف" ورئيسها عيسى حياتو، بل ذهبت إلى التنويه به وشكره على موقفه ضد المغرب، معتبرة أنه كان على حق بسحب استضافة المملكة لكأس إفريقيا، قائلة إن تصرّفه جاء "حفاظا على الكرة الإفريقية". لكن الأغرب أن يأتي كل هذا التعاطف والتضامن مع حياتو في نهاية ولايته الرئاسية للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، ممّا يعتبر تأييدا ودعما مسبقا لتمديد رئاسته الطويلة لولاية أخرى، خاصة أن حياتو يلتزم صمتا مطبقا على مسألة انسحابه من الرئاسة، ويرغب في البقاء "خالدين فيها أبدا" ولو على كرسي متحرّك على غرار بعض الرؤساء في قارتنا الذين يعضّون بالنواجذ على الكرسي الوثير للرئاسة، ويقسمون بأغلظ الأيمان على عدم التخلّي عنه إلاّ بانقضاء الأجل المحتوم. لن نتضايق من مثل هذه التصرفات البهلوانية التي ترمي إلى إزعاج المغرب. فالمغرب أكبر من ذلك وأكثر. لكننا لا نتحمّل الخيانات والغدر. وولاية طويلة طول العمر لحياتو الذي عمّر طويلا على رأس "الكاف". وكفى.