إن أعمق موضوع يمكن أن يخضعه الإنسان للتأمل والنظر هو الإنسان نفسه. لذلك من الصعب أن نرسم معالم الموضوعية الصرفة في التعامل مع الظاهرة الإنسانية. ومن أهم المجالات المحددة القلب. هذا الإنسان يبحث عن فضاء من أجل الاستقرار والسلام. تستوعبه الكرامة الآدمية. كل هذا في ظل فراش خلقه الله وغطاء سواه كذلك الرب الكريم. الذي سن سنة التوالد كطبيعة مكونة للوجود الأسري للإنسان. وهذه الطبيعة لايشعر بحلاوتها إلا من زرع الله في قلبه الحكمة وحسن التدبير والتقدير والصناعة الحسنة والنمو المطرد. هذا الإنسان الذي حددت دائرته الزمنية في المكابدة والمشقة الإرادية واللاإرادية بحثا عن الاستقرار والتغذية والحياة الكريمة الطيبة لذلك عاش لصيقا بالزمان والمكان. وبعد زرع النطفة والمكابدة داخل الرحم رأى الإنسان النور وكلما كبر ونما ونضج وبلغ أشده كلما كبر معه الكد والجد. وتعددت مسالكه وامتداداته لكن النهاية إما سعادة أو شقاء. لكن الإشكال هو عندما يتنصل الإنسان من حقيقته الأزلية وينسب القدرة الأبدية له ويدعي الخير لنفسه دون المعية الربانية ويعتقد أنه لايخضع للمراقبة الإلهية. والنتيجة الطبيعية لهذا الانحراف الفكري والعقدي والنفسي يسقط الإنسان في الاستبداد والفساد لأنه تعرى من الإيمان. وركب صهوة الغرور. كيف يغيب المراقبة الربانية للخالق وهو الإنسان له حواس الإبصار والنطق والإدراك؟ لماذ لم يوظف هذه النعم في إدراك الحقيقة؟ لكن السنن الكونية اقتضت التدافع بين الحق والباطل، فالذي اشرب الحق قادر على تجاوز العقبات والنفاذ إلى الحسنات والانغماس في الفتوحات الربانية ومراتب السمو في منازل إياك نعبد وإياك نستعين. وكان من دعاة الحرية والتحرير من كل العبادات الزائفة إلى عبادة الواحد الديان مساهما في رفع الحيف عن المستضعفين لأنه آمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا. وانخرط في سلك الشرفاء الذين يتميزون بالصبر والرحمة. فقد اتسم بالحضور الفعال في عالم البشرية والتدافع السنني الهادف والترغيب في الخير. وبذلك رسم أهدافه النبيلة ورشد مكابدته في إطار الحكامة الجيدة. كل هذا مؤصل بالإيمان القوي الذي لايتزعزع. الضامن للاستمرارية، إنه الفضل والعلو. والتواصي والتشارك والتعاون والتناصح والتراحم. إنهم أصحاب السعادة.. وفي المقابل هناك الطرف الآخر الذي يعشش في ذهنه الفساد والاستبداد لأن الحسنة تطابق عديمي الإيمان. ويسبح في اللف والدوران ويعيش بؤسا وشقاء رغم المظاهر أحيانا الزائفة. إذن أيها الإنسان هذان طريقان بارزان فاختر أيهما تريد؟ ولاأخالك إلا مختارا لطريق الخير لأنه صوت الفطرة وما ينطق به عمقك أما ما عدا ذلك فهو تلبيس إبليس وإنك لقادر على تجاوزه إذا خلصت النيات وتجددت الهمم