مظاهر الشعوذة تكاد تكتسح كل الأمكنة في بلدنا العزيز، ولا يشك أحد في مخاطرها الدينية والدنيوية، على اعتبار أن الشعوذة لها سلعها الخاصة التي يستهلكها زبناؤها. كما تعتبر الشعوذة من أخطر العوامل التي تكرس التخلف والكثير من الممارسات والأعراف الحاطة من كرامة الانسان. لكن السؤال الذي يأرق أي متتبع هو: من يحارب الشعوذة في المجتمع المغربي اليوم؟ في محاولة استجلاء الجواب، قد يصدم الباحث عن شبه فراغ في ساحة مكافحة الشعوذة. والأخطر من هذا الفراغ شبه المستحكم، نجد بالعكس أن الاعلام الذي يفترض فيه أن يكون رأس حربة مكافحة الشعوذة، هو المغذي الرئيسي لها، إذ إن كثيرا من رموز الشعوذة صناعة إعلامية صرفة، وكثير من أماكن الشعوذة ومواعيدها يكون الاعلام وراء تثبيتها وإشهارها. إن أكبر الأخطاء التي يقع فيها الاعلام في تعاطيه مع الظاهرة هو أنه يكتفي في عمومه بتوظيف الشعوذة كموضوع للاثارة لتحقيق الرواج التجاري، وذلك على حساب وظيفة المعالجة، التي تشمل التثقيف والتوعية والتربية والتحسيس والتنبيه إلى مخاطرها.