"غزة لا تتقن الخطابة .. ليس لغزة حنجرة ..مسام جلدها هي التي تتکلم عرقاً ودماً وحرائق" محمود درويش المُقرئ الإدريسي أبو زَيْد، من المُثقفين والسياسيين المغاربة الذين ينزلون إلى المَيدان لمُعانقة هموم الناس، عكس من يكتفي بمتابعة الأحداث من شرفة الأبراج العاجية، مثل الذين لا تَعْثر عَليهم سوى في "تنشيط" الندوات والطاولات المستديرة، مُسْتعرضين عَضلاتهم الفكرية واللغوية على "عباد الله"، وعندما تحين ساعة "المعقول"، لا تجد لهم أثرا. أبو زيد، من الذين يَقطنون في حقائبهم من كثرة أسفاره داخل وخارج الوطن، مُدافعا عن قضايا الوطن و الأمة، ليس غريبا أن تجده من بين أبطال (أسطول الحرية 3) الذين يَخُوضون أمواج البحر الأبيض المُتوسط، من أجل نصرة قضية فلسطين، وكسر الحصار المفروض عن أزيد من مليوني إنسان في قطاع غزة، من الفلسطينيين الذين تعرضوا قبل سنة أمام أنظار العالم لكل أنواع القصف والدمار من طرف قوات الاحتلال الصهيوني. مثلما نفتخر بالأبطال المغاربة، وتدمع أعيننا عندما نراهم في المنافسات الدولية في الرياضة والغناء والعلوم يَرفعون العلم الوطني و(تيحمرو لينا الوجه)، يجب أن نفتخر بمشاركة البرلماني المقرئ الإدريسي أبو زيد (وقبله الوزير حاليا عبد القادر اعمارة) الذي يُمثل الجنسية المغربية، على متن الباخرة السويدية إلى جانب باقي الجنسيات المُختلفة، التي يُمثلها سياسيون ومثقفون وحقوقيون، من بينهم الرئيس التونسي السابق المُنصف المرزوقي، والإسبانية أنا ماريا ميراندا بيريز، عضو البرلمان الاوروبي، ومواطنتها الراهبة تيريزا فُوركادس، والحقوقي الاسترالي روبرت مارتين. وبطبيعة الحال السفينة التي تحمل اسم الناشطة السويدية ماريان دو غوتيبرغ التي قتلها الصهاينة عام 2004، تَحمل إعلاميين، على رأسهم الصديق محمد البقالي الذي يقوم (كعادته) بتغطية متميزة للرحلة منذ انطلاقها على إيقاع نغمات آلة الساكسفون التي يعزف ألحانها الفنان والناشط السويدي درار فير، فتردد النوارس معه مقاطع قصيدة جميلة للراحل محمود درويش يقول فيها : "ليست غزة أجمل المدن .. ليس شاطئها أشد زرقة من شواطئ المدن العربية وليس برتقالها أجمل برتقال على حوض البحر الأبيض . وليست غزة أغنى المدن .. وليست أرقى المدن وليست أکبر المدن. ولکنها تعادل تاريخ أمة. لأنها أشد قبحاً في عيون الأعداء، وفقراً وبؤساً وشراسة. لأنها أشدنا قدرة على تعکير مزاج العدو وراحته، لأنها کابوسه، لأنها برتقال ملغوم، وأطفال بلا طفولة وشيوخ بلا شيخوخة، ونساء بلا رغبات، لأنها کذلك فهي أجملنا وأصفانا وأغنانا وأکثرنا جدارة بالحب". ************* أسطول الحرية، لايكسر الحصار المفروض على مليوني فلسطيني، بل يكسر صورة يقف فيها العالم ومعه العرب، يتفرج ببرودة على جرائم وحشية يرتكبها الكيان الصهيوني، وحتى من يحتج يظل مُجرد ظَاهرة صوتية حاضرة في مواقع التواصل الاجتماعي واحيانا في الوقفات والمسيرات، تُعرب عن قلقها إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة الذي يتقاضى، كما يقول احد الظرفاء، حوالي 35 ألف دولار شهريا ليوم بأسهل مهمة وهي "القلق المُربح". قبل سنوات خاطب الفيلسوف الفرنسي إدغار موران المثقفين الموجودين بإحدى دورات المعرض الدولي للكتاب، بقوله: (باركا عليكم من الكتابة والفلسفة، أرا لكاين شي خدمة مع الناس"، مضيفا "عريوْ على كْتافكم"، وبلغة أنيقة قال : "غادروا شرنقة تنظيراتكم الفكرية والفلسفية، وانزلوا إلى أرض الواقع". وحاول أن يشرح لهم بأنهم ليسوا أفضل من الأديب الفرنسي إميل زولا الذي استنكر مظاهر الظلم والاستبداد وانتفض في وجه الفساد، أو جون بول سارتر الذي خرج في مظاهرات شعبية مع الناس ولم يكتف بالتنظير الفلسفي المَكتبي، وأيضا ألبير كامو الذي اشتهر بروحه المتمردة، وغَيرهم من المُثقفين العضويين بتعبير غرامشي. الحمد لله، هذه الفصيلة لم تنقرض في جميع التيارات ببلادنا، وعينة منها هناك على وشك الوصول الى غزة تمخر عُباب البحر لكسر الحصار، ومنهم..برلماني ومُثقف مغربي اسمه "أبو زيد".رفقة مجموعة من أحرار العالم العائدين إلى غزة لكسر الحصار أو محاصرة الحصار.