أوضح المقرئ أبو زيد في حديثه عن اللباس وأبعاده أن اللباس ثلاثي الأبعاد؛ فيه البعد الرمزي المتصل بالهوية والعقيدة والثقافة، وبعد وظيفي، ثم بعد جمالي. وأوضح أبو زيد أن لباس المسلم غير لباس البوذي ولباس البوذي غير لباس المسيحي، مشيرا إلى أن هذا الأمر يتركز ويظهر في كل الحضارات والشعوب في لباس رجال الدين، ملاحظا أن التمايز قوي جدا، وصارخ وحساس، بحيث الشروط التعبدية صارمة، وأضاف أن المسلم مثلا ممنوع من تعليق الصليب، أو عقد الزنار حتى لا يتشبه بالأحبار واليهود أو بالنصارى. وأضاف أبو زيد "أظن أن الأمر نفسه عند المسحيين"، وقال إن السيخي لا يتخلى عن ملابسه الاعتقادية حتى لو سببت له الأوجاع، موضحا أن البعد الرمزي التعبدي يظهر أيضا في عبادة معينة، وفي نسك معين كالحج أو في احتفال ديني معين. وفيما يتعلق بالبعد الوظيفي، فقد أوضح أبو زيد أن وظيفة اللباس أن يستر الجسد وأن يقيه الحر والشمس والبرد وأن يقيه نظرات المسترقين والمرضى بالتطلع على عورات الناس، تنضاف إليها الوظائف المهنية كأن يلبس الجندي غير ما يلبس الإمام عند المحراب، والغواص عند نزول البحر. وبخصوص البعد الثالث، وهو البعد الجمالي، فقد قال أبو زيد إن الإنسان يلبس ما يروق له، وما يوافق ذوقه وما يعجبه من ألوان وأشكال، ويلبس حسب ميولاته في إطار ضوابط عامة، وأضاف "هناك من يعشق الجلباب فلا يفارقه وهناك من يلبس الأوروبي المحتشم وغير المحتشم وهناك من يلبس جين مقطع وقميص غير مكوي وهناك من يحب أن يكون كما خرج نفسه من آلة الكي"، واعتبر أبو زيد أن هناك من يعتبر أن اللباس جزء من الشخصية، وأن هناك من لا يستطيع أن يمارس حياته بشكل طبيعي إلا إذا لبس لباسا يكسبه ثقة في نفسه ويكسبه شعورا بالرضى عن ذاته. وخلص أبو زيد إلى أن عموم الناس يفكرون في هذه الأبعاد الثلاثية جميعها حين يلبسون، فهم يفكرون في البعد العقدي الثقافي وفي البعد الوظيفي المصلحي ويفكرون في البعد الجمالي الذوقي. (يتبع)