في السنة الماضية ، مثل رئيس الحكومة المغربية رفقة عدد من أعضاء حكومته البارزين الدولة المغربية في احتفالات الإمارات العربية المتحدة بعيدها الوطني . وبالرغم من كون هذه الزيارة من التقاليد الدبلوماسية المعتادة فإن نوعية التمثيل وحجم التغطية الإعلامية التي حظيت بها بعث الكثير من الرسائل السياسية والاقتصادية. واستمر ، بعد ذلك، التطور النوعي للعلاقات بين البلدين على جميع الأصعدة حيث استحوذت شركة الاتصالات الإماراتية على أسهم اتصالات المغرب فضلا عن المشاريع الطاقات المتجددة ... ولعل أحدث حلقة من هذا المسلسل هي قناة midi1 tv التي أصبحت خاضعة للرأسمال الإماراتي. هذا في ظل التطورات التي تشهدها الساحة العربية وتحديدا في دول الربيع العربي وحجم الدور الإماراتي في ذلك، حيث تؤكد تصريحات المسؤولين في هذا البلد تبنيهم لدعم الانقلاب في مصر وسعيهم إلى تصفية الحركات السياسية ذات المرجعية الإسلامية والتي قادت احتجاجات الحراك. وقد كان عبد الإله بنكيران، إلى أمد قريب، يصنف حكومته إلى جنب تلك التي نتجت عن تغيير الأنظمة في بلدان الربيع العربي مفتخرا بالاستثناء المغربي. كما احتدم النقاش ،قبيل الانقلاب المصري، حول التقارب في الرؤى السياسية والمرجعيات بين حزب الحرية والعدالة المصري والعدالة والتنمية المغربي حيث يحاول البعض إقناع الرأي العام المغربي بأن ما وقع في المغرب له نفس النتائج و بأقل الخسائر. ليس من اليسير إذن استيعاب هذا الانقلاب في المواقف والسفر شخصيا إلى بلد يحارب الأشقاء في مصر وتونس من أجل نيل "الرضى". فالحيوية التي تعرفها العلاقات الثنائية بين البلدين والتي تؤكدها تبادل الزيارات على أعلى المستويات والسماح باكتساح القطاعات الاستراتيجية ببلادنا، يؤكد أن رئيس الحكومة استسلم للأمر الواقع وأعاد توجيه بوصلته السياسية والاقتصادية نحو اللوبي الخليجي . و سبق أن صرح في جواب له لأحد الصحفيين أن الاستغناء عن سعد الدين العثماني فرضته التطورات الأخيرة في دول الربيع العربية ملمحا إلى ما يحدث في مصر. وتفاديا للحرج مع أشقاء الأمس اختار العمل وفق أسلوبه الاستثنائي كي لا يحسب عليه دعم الانقلاب. وبنفس الأسلوب برر إعادة وزارة الداخلية لأهل الاختصاص تفاديا للحرج جراء قمع الحركات الاحتجاجية ... وحتى لا يكون مصير بنكيران الإسقاط القسري اختار التنازل ورفع أعلام الاستسلام أمام التماسيح الخارجية بعد الداخلية ورضي أن يكون رئيسا شرفيا للحكومة الصورية التي تسوغ للاستبداد المخزني الإجهاز على آمال الشعب. وسلم مصير البلاد ورقاب العباد للرأسمال الإماراتي الذي يستثمر موارده المالية من أجل استعباد الشعوب والتحكم في مصائرها مستفيدا من نخبة من المرتزقة . تلك أهم ملامح الهجرة الثانية لبنكيران إلى قصور الخليج بعدما هاجر أولا إلى أحضان المخزن . تاركا وراء ظهره طموحات الشعب المغربي في نيل حريته وكرامته . بعد كل هذا، كيف ترجى المصداقية فيمن يميل حيث تجري رياح الاستبداد العالمي ويسلم مفاصل الدولة لأرباب الثروة مقابل مكاسب شكلية؟ وكيف سيكون موقف السيد عبد الإله بنكيران غدا، إذا انتصرت إرادة الشعوب الحرة على مؤامرات الصهاينة في مصر وسوريا ...؟ الأجدر بكم سيدي الرئيس التفكير في سبيل الخروج من مستنقع الفساد بأقل الخسائر لأن مراكبكم أخذة في الجنوح يوما بعد يوم، ورصيدكم "الشعبي" يتجه نحو الإفلاس، وقريبا قد تصبحون ورقة أخرى من أوراق المخزن المحترقة. هشام بن سعيدي