الإخلاص للوطن ليس بالشعارات و الخطابات من أعلى المنابر و إنما الإخلاص له عملا و سلوكا . لقد عشت لي في بوركنفاسو Bourkina Faso قصتين تحملان كل د لالة للإخلاص للوطن . القصة الأولى مع صاحب سيارة أجرة . فأثناء جولتنا في نواحي العاصمة و غدوغو Ouagadougou عبر سيارة أجرة سلكنا طريقا غير معبدة للوصول إلى مدرسة ابتدائية ، لكن للوصول إلى مدرسة أخرى بنفس الإقليم ، كان على السائق أن يسلك طريقا معبدة فقال لنا : إن هذه الطريق نسميها الطريق السيار و هي مؤدى عنها . عرض هذه الطريق لا يتجاوز ستة أمتار . فتوقف السائق ينتظر القابض حتى يخرج من مكتبه الذي هو عبارة عن بناية بسيطة تقيه من حرارة الشمس و من هبوب الرياح. و لما لم يظهر ترجل السائق و قصد المكتب .فقلت له : لماذا تذهب إليه ، فدعه يتحمل مسؤوليته و انطلق بنا لأن الوقت يزاحمنا . فأجابني السائق قائلا : للقابض عذره ربما يتناول غدائه و علي أن أذهب إليه ليس خوفا ولكن واجبا وطنيا أن أدي مستحقات الطريق . ثم لاحظت رجلا يركب دراجة هوائية يقصد مكتب الأداء و هو كذلك ليدفع واجب المرور. و لما عاد السائق مكنني بوصل الأداء يتضمن المبلغ الذي أداه و مجموع المداخل حتى تلك الساعة . و قال لي إن هذا المبلغ سيمكن الحكومة من إنجاز 20 كلم هذه السنة تمديدا لهذه الطريق. و نحن نحرص على الأداء من أجل الوطن و نفس الشعور كان طبعا عند صاحب الدراجة الهوائية. . أما القصة الثانية التي عشتها في هذا البلد و هي مع بائع متجول و صاحب متجر للأثواب . لقد اشترى احد أصدقائي بعض الأمتار من ثوب من نوع الحرير من بائع متجول.لكن هذا الأخير ليس معه ما يقيس به الثوب ،فتوجه إلى صاحب متجر عنده نفس الثوب من اجل أن يمده بوحدة القياس و بمقص. فدفعني الفضول أن قلت لصاحب المتجر اسمح لي سيدي ألا يقلقك هذا الأمر أن تعطي البائع المتجول بما يقيس به و بالمقص مع أن لك نفس الثوب ؟ فأجابني : يكفي ان واحدا منا لن يبيت بدون عشاء و إننا نتعاون كي نعيش لا لكي نموت . قصتان لكل منهما عبر في الوطنية و في الإنسانية. وبالمقابل عشت في بلدي المغرب قصة نقيض ما عشته في بورنيكفاسو . إذ سألت صديقا لي وهو مستشار جماعي عن عطلته الصيفية ، أين قضاها ؟ فكان جوابه أن قال لي الحبة و البارود من دار القايد . فأدركت أن مصاريف الاصطياف كانت على حساب الرئيس الذي يحافظ على الأغلبية عن طريق إرشاء مواليه من ميزانية الجماعة على حساب حاجيات الساكنة . فبمقارنة القصتين يظهر جليا غول الفساد و نهب الما العام الذي يدفع المغرب إلى الهلاك و الضمير الوطني الذي يدفع و طن الشعب المندمج نحو التقدم. البدالي صافي الدين / القلعة