إن أهم ما جاءت به عقيدتنا هو تكريم الإنسان،لا لشيء إلا لكونه إنساناً يتميز بعقله, يسخر قدراته وإمكانياته في الدفاع عن المظلوم، "انصر أخاك ظالماً أو مظلوما"ً,أو ذي الحاجة... رغم كل ما يقع عليه من انتهاك وظلم، يستحق التكريم بهذه الصفة حتى وإن كان شقيا أو مجرما,حتى عند إعدامه , فيجب أن يعامل بإحسان "فإن أحسنتم فأحسنوا القتلة ", كما أن الدستور يصون كرامة كل المغاربة جميعهم,لا فرق بينهم ... إن المواطن يبحث عن كرامته المهدرة, من خلال الظلم الممارس عليه,من طرف الآخر,في كل معاملاته, في حياته و سلوكياته و معاملاته, مثلا خلال الأحداث السابقة في الفيضانات التي عرفتها مناطق بجنوب البلاد,إذ تم حمل جثث الأموات في شاحنات الازبال لا تليق بكرامة الموتى. مواطنون يشعرون بغصة خانقة في قلوبهم و إحساس بالهوان و الذل و المهانة, رغم أنهم في وطنهم,حيث تحترم كرامتهم, ويداس على شرفهم و عزة أنفسهم,حتى وهم أمواتا,رغم حبهم لوطنهم,يتمنون أن يعيشوا مرفوعي الرأس اعتزازا و تكبرا, وعزة و أنفة... وأن يعودوا إلى أصلهم و مكانتهم التي اكتسبوها عبر النضالات المريرة التي خاضها الشعب المغربي و قدم في إطارها آلاف الشهداء الذين يجب استحضار أرواحهم لدعم الكرامة الإنسانية,و العيش رافعا رأسه إباء... ومع التطورات والتحولات التي يعرفها الكون الإنساني، ومع السعي إلى تحقيق الكرامة الإنسانية في العالم,و مع العمل على تحقيق الحرية الديمقراطية و العدالة الاجتماعية,لا يزال المواطن المغربي المهمش و المشرد و الفقير و المنتمين للمناطق النائية في المغرب العميق خاصة بإقليم أزيلال, غير معترف به,غير مهتم لأمره و لمطالبه و حقوقه....مطأطئ الرأس, قابلا بالمهانة و الذل, مجبرا على الصمت و الخنوع و الذل, والسكوت و الكبت...دون انفجاره و الدفاع عن كرامته و حقوقه... ,دون شأن يذكر له على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.... فبعد فضيحة حمل الأموات في شاحنات الازبال,في عصر العولمة و التكنولوجيا,تهان كرامة المواطن , وما يقع يوميا في المستشفى العسكري المتنقل بمدينة واويزغت,يقزز النفس, ويصنع قنابل موقوتة حانقة,و يربي نفسا غاضبة مذمرة, نساء مريضات مغمى عليهن,مهمشات وطريحات على الوحل و الحصى مباشرة,بجوارها احد أفراد عائلتها و نساء يذرفن دموعا تحت رذاذ يدغدغ و جناتهن, وتحت أنظار الرجال و النساء المتضررين الآتين من المناطق النائية, يصرخن, و ينادون على أفراد الطاقم الطبي لحملهن للإسعاف... وكذلك شيوخ مرضى بعضهم حملوا على أكتاف أبناءه و بعضهم على الأرض الموحلة ملقى ملفوفا بغطاء بالي....يطوفون بنظراتهم البريئة المستنجدة حول الأجساد الملتفة حولهم, بلا كرامة و لا حق... بني المستشفى للفقراء المتضررين من الظروف الجوية و موجات البرد الماضية, بالمناطق الجبلية النائية,لكن الفقراء و الميسورين يزاحمونهم,بلا شفقة و لا رحمة,و ينافسونهم في نيل الدواء و العلاج, هم سواسية لهم الحق في الاستفادة من كل الخدمات التي يقدمها الطاقم الطبي.... لكن الفقراء و المحتاجين أولى...فهل من كرامة يعترف بها وطنيا؟و أين كرامة المواطن التي نص عليها الدستور أم أن كرامته في صوته وكفى؟؟؟