منذ ظهور الإنسان وهو يمارس" حداثة سياسة " إذا كانت هذه الأخيرة فعلا تعني اتفاق على أن الإنسان والمجتمع يتقدمان بتقدم التاريخ نحو مستقبل أفضل ،قصد إيجاد متطلبات الحياة اليومية، كانت بدايتها القنص والترحال... ،لاكتشاف المحيط الذي يلفه،مستعملا ذكاءه لاختراع أدوات مناسبة للحدث ،بدأ شيئا فشيئا يتفنن في تقنياتها المنسجمة مع مراحل النشوء والتطور ،إلى أن وصل أشدها فتكا في مواجهة الطبيعة التي سخرت له كل هذه الظروف، للملاحظة والابتكار... . عندما أرى هذا التطور عبر مراحله التاريخية ،في كل مرة،نجد الإنسان يرتب ماضيه لبناء مستقبل ،بعيدا عن التعصب ،مادامت الحاجة أم الاختراع ، باعتباره تراثا و أصالة...تجنبا،لأي أزمة حول الهوية ،حول العروبة ..هويتنا كأفارقة ..حول الهوية الامازيغية واحتلالها للمكانة اللائقة بها ا ..حول الإسلام وعلاقته بالماضي ... مادام الاختلاف فيه في الرموزفقط لهذه الهوية ،كمسالة اللحية والاختلاط والحجاب .... .و التوافق السياسي حاضر بعد هجمات الحركات الإسلامية المتطرفة في عدة جبهات من العالم .....وبدأنا نشاهد أبشع الصور،تناحرت فيها مختلف الطوائف المذهبية ،التي حولت الحضارة العربية إلى ركام ،أشفت غليل الأعداء المتربصين لها ،ولما لم تجد لها سبيلا ،رمت الكرة في ملعب الدول العربية ،جمهورها الولاياتالمتحدةالأمريكية والإتحاد السفياتي ،يكون المنتصر فيها فقط بالنقط بالنسبة إليهما..على أن تقام جولات في ميادين أخرى أكثر ملاءمة لتكنولوجياتها الحديثة ، بعد إعادة رسم خطط جديدة .. إذن على جميع الفاعلين الآن أن يفكروا في المستقبل ،وإلى فكرة التقدم،ويغيروا ترتيب الماضي ،" لان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "لتوليد خطاب جديد ،يساير المستجدات العالمية الكونية التي تفرضها مرحلة التقدم ومرحلة التغيير في الفكر السائد، الذي لا يخدم الإنسانية ، وهذا ما وقع بالربيع العالمي، استغله البعض للركب على الثورات التي مضت ،مستغلين اندفاع الشباب نحو التغيير ومحاربة الفساد والاستبداد .. الخطاب السياسي كما يراه" عبد الله العروي "يجب ألا يحتمي بمشروعية الماضي كي يبرر مستقبله والعكس صحيح. . للوصول إلى تحديث الأشياء يتطلب محاربة الإقصاء ، إقصاء الآخر من حريته العقائدية، وتصوره الحداثي لورش التغيير ،الذي سينخرط فيه المجتمع بمختلف مكوناته ،تحقيقا للحرية والعدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان ...بعيدا عن توجيه الخطاب الذي لا يؤمن بالاختلاف، وخارج نقطة تماس الرأي والرأي الآخر ،دون المساس في نفس وقت بالقاعدة العامة للفكر والتقدم وبناء المستقبل. . وبعيدا عن المفهوم الحقيقي للثقافة ، التي تعتبر بناء فوقي للمجتمع من ناحية ..لان هذا البناء كان عشوائيا منذ البداية في غياب هندسة ، تستحضر جميع المعايير المرصودة لترتيب الإنسان ،مادامت موجهة إلى نخبة خاضعة لكسكسة الرمال والمصالح الشخصية ..التي يصل فيها الإقصاء ذروته دون اعتبار الآخر واحترام حريته..أصبحت فيه الثقافة موجهة صوب فئة مارست هذا الإقصاء..وأصبحنا نردد جميعا قرد بقرة برتقال .ونعيد البضاعة كما قدمت لنا من طرف الملقنين والسياسيين والمثقفين مكرهين لا أبطال ،تجاهلت معاناة المجتمع مع غلاء معيشتها ،والزيادات المتكررة ..همشت عملية تحديث المجتمع ،وربما هو الدافع في اللا مركزية ، جعلها تدور في فلك الخوصصة ،وتبعاتها ..وإذا كان التعليم يقاس بدرجة التقدم ،فاستحضارنا لسؤال سبب تدني المستوى التعليمي الآن ؟،نقف عند مدى وعي الإنسان البسيط المهمش من قاموس التقدم الفكري ،ودرجة وعيه بمساره التاريخي ،والسبل المؤدية إلى تحديث المفاهيم والعلاقات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية والهوياتية...أصبح فيه طفل اليوم واعيا بعصرنة العلاقات الإنسانية ،متشبثا بحبل التقدم ،متفوقا في استعمال تقنيات حديثة للاتصال والتواصل، عبر مكونات المجتمع بالطرق الحديثة ،حطم فيها الرقم القياسي لمراحل التطور الذي عرفته البشرية ،ولعل عواصف التغيير التي شهدته شوارع عديد من الدول المحرومة من حقوقها ،وهي الواعية لمرحلتها التاريخية .. ونحن الآن متحاجون إلى ، وضع ميثاق لهذه الحداثة التي يجب أن تعود بنا إلى"كن ابن من شئت واكتسب أدبا "لبناء مجتمع ،المسلح بالتكنولوجيا ،ودرجات التقدم العلمي والانترنيت والمعلوميات ،يتعلم فيها الفرد اصطياد السمك ،. مشاهد لا إنسانية قادمة مت سورياالعراق اليمن وليبيا ثم مصر لا علاقة لها بهذه الحداثة السياسية ،التي تصبو الى تكوين جيل عربي قادر على التحديات ،يتبوأ المكانة اللائقة لخير أمة أخرجت للناس ،وأن يحب الإنسان لاخيه ما يحبه لنفسه ،وتسود العدالة والكرامة والعيش الكريم ،بعيدا عن التعصب والإقصاء والتهميش والتجويع والترهيب ... أحمد ونناش