"فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    أبيدجان.. أخرباش تشيد بوجاهة واشتمالية قرار الأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    الزيادة فالصالير وإصلاح التقاعد.. الحكومة: مكاين جديد والمفاوضات مع النقابات مستمرة والقانون التنظيمي للإضراب تعطل بزاف    ارتفاع النتيجة الصافية المعدلة لحصة مجموعة اتصالات المغرب    من بينها رحلات للمغرب.. إلغاء آلاف الرحلات في فرنسا بسبب إضراب للمراقبين الجويين    عدد زبناء "اتصالات المغرب" تجاوز 77 مليونا    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    رسميا.. الجزائر تنسحب من منافسات بطولة اليد العربية    لابورتا: تشافي باقي مدرب للبارصا وما غاديش بحالو    الحكومة الإسبانية تعلن وضع اتحاد كرة القدم تحت الوصاية    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة        استئنافية أكادير تصدر حكمها في قضية وفاة الشاب أمين شاريز    مدريد جاهزة لفتح المعابر الجمركية بانتظار موافقة المغرب    الرباط.. ندوة علمية تناقش النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة (صور)    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    المالية العمومية: النشرة الشهرية للخزينة العامة للمملكة في خمس نقاط رئيسية    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    مكناس .. تتويج 12 زيت زيتون من أربع جهات برسم النسخة 14 للمباراة الوطنية    بحر طنجة يلفظ جثة شاب غرق خلال محاولته التسلل إلى عبارة مسافرين نحو أوروبا    تظاهرات تدعم غزة تغزو جامعات أمريكية    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    المعرض المحلي للكتاب يجذب جمهور العرائش    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    تحويل الرأسمالية بالاقتصاد اليساري الجديد    بوغطاط المغربي | محمد حاجب يهدد بالعودة إلى درب الإرهاب ويتوّعد بتفجير رأس كل من "يهاجمه".. وما السر وراء تحالفه مع "البوليساريو"؟؟    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    الولايات المتحدة.. أرباح "ميتا" تتجاوز التوقعات خلال الربع الأول    الصين تكشف عن مهام مهمة الفضاء المأهولة "شنتشو-18"    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    أخنوش: الربط بين التساقطات المطرية ونجاح السياسات العمومية "غير مقبول"    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    ما هو سيناريو رون آراد الذي حذر منه أبو عبيدة؟    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    المنتخب المغربي لأقل من 18 سنة يفوز على غواتيمالا بالضربات الترجيحية    تعزيز التعاون الفلاحي محور مباحثات صديقي مع نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    عاجل.. كأس إفريقيا 2025 بالمغرب سيتم تأجيلها    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشيد روكبان : تدبير الإكراهات الماكرواقتصادية والتوازنات الاجتماعية أمران مرتبطان
نشر في بيان اليوم يوم 23 - 07 - 2014

جدد رشيد روكبان رئيس فريق التقدم الديمقراطي، بمجلس النواب، التأكيد على الدعم المطلق والتضامن الكامل مع نضالات الشعب الفلسطيني البطل.
واستغل روكبان، في كلمة تناولها باسم التقدم الديمقراطي والتحالف الاشتراكي، في إطار مناقشة عرض رئيس الحكومة للحصيلة المرحلية من البرنامج الحكومي، الفرصة ليجدد الاستنكار بالعدوان الغاشم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، وشجب ما نهجه الآلة الإسرائيلية.
وحول الحصيلة الحكومية، قال رئيس فريق التقدم الديمقراطي، إن الحكومة استطاعت رغم السياق الاقتصادي الصعب، أن تحافظ على كيانها وعدم الاستسلام لكل المحاولات التي استهدفتها والمضايقات والاستفزازات، بل اتخذت، في سياق برنامجها الإصلاحي، عددا من التدابير الجريئة والقرارات الحاسمة في ترشيد النفقات العمومية، والتأسيس لتجويد الحكامة، والتحكم في التوازنات الماكرو اقتصادية، والشروع في محاربة مظاهر اقتصاد الريع، وتمكنت من تحقيق مجموعة من المكتسبات الاجتماعية، تطلبت اعتمادات مالية كبيرة، دون الرهان على مكاسب سياسية أو أرقام انتخابية.
وأوضح أن تدبير الإكراهات الماكرواقتصادية والتوازنات الاجتماعية أمران مرتبطان، ولا يمكن فصل الواحد عن الآخر.
السيد الرئيس؛ رئيس مجلس النواب
السيد رئيس مجلس المستشارين
السيد رئيس الحكومة؛
السيدات والسادة الوزراء؛
السيدات والسادة البرلمانيين؛
يشرفني، أن أتناول باسم فريقينا: فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب وفريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين هذه الكلمة، في إطار مناقشة عرض رئيس الحكومة، للحصيلة المرحلية من البرنامج الحكومي، التي أتت بمبادرة منه أمام البرلمان، طبقا للفصل 101 من الدستور.
الدعم المطلق للشعب
الفلسطيني البطل
ولا يسعنا في مستهل هذه المداخلة إلا أن أجدد التأكيد على دعمنا المطلق، وتضامننا الكامل، مع نضالات الشعب الفلسطيني البطل، وحقوقه المشروعة في بناء دولة فلسطينية مستقلة وموحدة عاصمتها القدس،
ونجدد استنكارنا وتنديدنا بالعدوان الاسرائيلي الغاشم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، وشجبنا القوي لما تنهجه آلة القمع الإسرائيلية، التي تقوض كل فرص السلام، وتسعى إلى تكريس واقع الاستيطان وسياسة الميز العنصري ضدا على كل المبادرات الهادفة إلى تحقيق السلم وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه المشروع في العيش في دولته الفلسطينية المستقلة الكاملة السيادة.
حصيلة إيجابية في سياق صعب
السيد الرئيس،
إن تقديم هذه الحصيلة المرحلية، يعتبر مناسبة دستورية وسياسية يتم من خلالها إطلاع البرلمان ومعه الرأي العام الوطني، على حصيلة العمل الحكومي وتقديم حساب منتصف الزمن الحكومي لتدبير الشأن العام، والتي تتضمن الإنجازات والإكراهات والبدائل والاستراتيجيات والأولويات، في ما تبقى من عمر الحكومة، إلا أن هذا التقييم المرحلي للبرنامج الحكومي، يجب أن ننظر إليه من زاويتين: هل يمكن اعتبار الحصيلة المرحلية للحكومة إيجابية بالنظر لصعوبة السياق الدولي والإقليمي والوطني الراهن؟ أم أن هذه الحصيلة لا ترقى لتطلعات وانتظارات المواطنات والمواطنين؟
إن إجراء أي تقييم موضوعي ومنصف، ويستوفي شروط الموضوعية، يتطلب منا الاعتراف بما تحقق على أرض الواقع، من نتائج وإنجازات، ثم رصد الإخفاقات والمعيقات، انطلاقا من الالتزامات الكبرى التي أتى بها البرنامج الحكومي و ليس برنامج انتخابي لحزب من داخلها.
وانطلاقا من هذه القناعة المبدئية المبنية على الموضوعية والالتزام السياسيين، فإننا في فريق التقدم الديمقراطي والتحالف الاشتراكي، نعتبر أنه لا يمكن الحديث عن الحصيلة المرحلية لعمل هذه الحكومة، دون النظر للسياق العام الذي أفرزها، والسياق الاقتصادي المحيط بها، وأنه لم يكن بإمكان أية حكومة أخرى أن تحقق مرحليا، أكثر من ما حققته هذه الحكومة. إلا أنه ورغم قوة هذا المعطى، فلا بد من تقديم بعض الملاحظات، المرتبطة أساسا، بمستوى الحصيلة المرحلية، والبطء الذي اتسم به العمل الحكومي في أوقات بعينها، خاصة في ما يتعلق بتفعيل مقتضيات الدستور، وما يرتبط بإيقاع الاستجابة لبعض الالتزامات الكبرى والوفاء بها، والتي يتم التساؤل حولها من قبل المواطنات والمواطنين، رغم تفهمنا لبعض المتاعب السياسية التي اعترضت السير العادي والطبيعي للحكومة، إثر القرار السيادي لإخواننا في حزب الاستقلال، بالانسحاب من الحكومة، وما خلفه من حالة الانتظارية وتعطيل للعديد من الأوراش والمبادرات، من جهة، والتكلفة الزمنية الباهظة التي استغرقتها تشكيلة النسخة الثانية من الحكومة، من جهة أخرى. واستطاعت الحكومة مع ذلك، أن تحافظ على كيانها وعدم الاستسلام لكل المحاولات التي استهدفتها والمضايقات والاستفزازات، بل اتخذت، في سياق برنامجها الإصلاحي، عددا من التدابير الجريئة والقرارات الحاسمة في ترشيد النفقات العمومية، والتأسيس لتجويد الحكامة، والتحكم في التوازنات الماكرو اقتصادية، والشروع في محاربة مظاهر اقتصاد الريع، وتمكنت من تحقيق مجموعة من المكتسبات الاجتماعية، تطلبت اعتمادات مالية كبيرة، دون الرهان على مكاسب سياسية أو أرقام انتخابية.
قضية الوحدة الترابية المغربية تظل قضية مصيرية
السيد رئيس الحكومة؛
إن قضية الوحدة الترابية للمغرب، تظل قضية مصيرية تحظى بإجماع وطني راسخ، إجماع يلح فريقانا على ضرورة الدفع به إلى أبعد مدى، على اعتبار أنه يشكل الصخرة العنيدة التي عليها تتحطم مناورات المتربصين بالوحدة الترابية لبلادنا، وتتكسر أطماع الخصوم التوسعية في المنطقة.
وتبعا لذلك، أضحى من اللازم إعادة النظر، بصورة شاملة، دقيقة، موضوعية وبناءة، في الكيفية التي دبرت وتدبر بها الشؤون ذات الصلة بالقضية الوطنية، خاصة في الأقاليم الجنوبية، وذلك في أفق استدراك ما يمكن استدراكه، وتصحيح ما ينبغي تصحيحه، انطلاقا من أن الواجهة الداخلية أصبحت تستدعي اعتناء جديدا، ومجددا، لتدبير ما ينتصب في المنطقة من المطالب ذات الأصل الاجتماعي، والتي تحاول أن تركب عليها الجماعات الانفصالية، مستغلة أجواء الحريات والانفتاح والديمقراطية، في محاولة منها لتأجيج النعرة القبلية.
وفي هذا السياق فإنه يتعين إعادة طرح المطالب الاجتماعية المشروعة، في سياقها الوطني، وفي الإطار المؤسساتي والقانوني، وذلك من خلال إعمال مبدأ المساواة بين الجميع، في الحقوق والواجبات، وإتاحة الفرص، دون امتيازات أو تمييز، والتوزيع العادل للثروات، وإتباع سياسة إدماجية في مختلف المجالات. كما أن مكتسبات بلادنا في مجال الديمقراطية و حقوق الإنسان والاستقرار السياسي والاجتماعي، لها تأثير مباشر على مسار ومصير معركتنا الوطنية من أجل وحدة بلادنا الترابية وفي سبيل استكمالها باسترجاع مدينتي سبتة ومليلية السليبتين والجزر الجعفرية المستعمرة.
بهذه المناسبة لنحيي عاليا بسالة القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية تحت القائد الأعلى رئيس أركان الحرب العامة جلالة الملك محمد السادس في الذود عن حوزة التراب الوطني، مترحمين على الأرواح الطاهرة لشهداء وحدتنا الترابية.
وعلاقة بهذا الموضوع، فإننا نشجب بقوة وندين القرار اللامسؤول لمنظمة الاتحاد الإفريقي التي بادرت بتعيين ما سمته «مبعوث خاص لها» كما جاء في بيانها، ولا يمكن لنا إلا أن نستهجن هذا القرار المتهور والفاشل، والصادر عن منظمة لا تتوفر على المؤهلات المعنوية والأخلاقية والسياسية والقانونية، للتدخل في ملف تعاملت معه منذ ثلاثين سنة بكثير من الاستهتار وقلة التبصر وعدم الحياد. هذا التحرك المشبوه واليائس تحركه أيادي تعتبر نفسها خفية، في حين أنها أصبحت مكشوفة بعدائها للوحدة الترابية المغربية، وتنفق عليها من الملايير على حساب بلدها وشعبها، بيد أن هذا التحرك الأخير لأعداء وحدتنا الترابية، جاء بعد فشل الترافع على الكيان الوهمي باستعمال الورقة الحقوقية، وبعد ما تبين أن ما سجله المغرب من تقدم في مجال الحريات وحقوق الإنسان، يدحض بقوة ما يستشهد به الأعداء أمام المنتظم الدولي.
وهي مناسبة لنسجل الدور الطلائعي الذي لعبته الحكومة، في ملف حقوق الإنسان، بحيث أن الجهود التي تم بذلها على المستوى الحقوقي، ساهمت في تقوية مكانة المغرب وعززت سمعته ايجابيا.
ائتلاف حكومي
و ليس تحالف ايديولوجي
السيد رئيس الحكومة؛
ونحن نقوم بقراءة للحصيلة الحكومية المرحلية، هناك من طرح ويطرح سؤال حول مدى توفق حكومة تضم مكونات سياسية من توجهات مختلفة ؟
بعبارة أخرى وأدق: هل كان قرارنا كحزب التقدم والاشتراكية بالمشاركة في هذه الحكومة صائبا؟
لا بأس من التذكير بأن مشاركة حزب التقدم والاشتراكية في التحالف الحكومي الحالي، جاءت استجابة لمتغيرات الإصلاح، بعد مخاض عسير اهتدى فيه إلى اختيار الطريق الصعب، و أن الائتلاف الحكومي الحالي، ليس بالأمر المستجد في الحياة السياسية المغربية، على اعتبار أن كل الحكومات المنبثقة من صناديق الاقتراع، المعترف بنزاهتها، ومنذ حكومة التناوب التوافقي سنة 1998، كانت كلها حكومات ائتلافية، وهو ما يعني أن المشهد السياسي المغربي متعود على الائتلاف الحكومي بين مكونات مختلفة، دون أن يعني ذلك محو الفوارق بينها، وهي الضرورة التي يفرضها الاقتراع.
وتأسيسا على هذه الرؤية الواقعية، فإن حزب التقدم والاشتراكية، يدرك، تمام الإدراك، أن مرحلة الانتقال الديمقراطي المعقد، التي نحن بصددها حاليا، تتطور بنجاحاتها وإخفاقاتها، في حركية مد وجزر، مما يضع على عاتقنا مهمة سياسية صعبة للغاية، إذ يتطلب منا الوضع، المعقد دوليا وجهويا ووطنيا، التحلي بكثير من بعد النظر القائم على التشبث بالثوابت المبدئية، وتدبير التناقضات السياسية، مع التمييز بين الأساسي والثانوي منها، كي يظل الهدف الأسمى، أي تشييد مغرب المؤسسات والعدالة الاجتماعية، حاضرا، باستمرار، في الكفاحات التي يخوضها الحزب، بل ومتصدرا لهذه الكفاحات.
واعتمادا على هذا، فإن حزبنا، الذي لا تعني مشاركته في الحكومة الحالية قطع حبل الاتصال وصلة الود مع باقي مكونات اليسار والكتلة الديمقراطية، يرفض أي مقاربة تقدم الفريق الحكومي الحالي على أنه «حكومة محافظة» يتعين على اليسار مقاومتها، انطلاقاً من مواقع إيديولوجية صرفة رغم مشاركة حزب التقدم والاشتراكية فيها. ذلك أنها حكومة، تتميز بالتفرد، سواء في نسختها الأولى أو الثانية، وليست قائمة على تموقع إيديولوجي يميني، وإنما على برنامج إصلاحي متقدم، يتأسس على خطوات إصلاحية عميقة وشاقة تستلزمها الأوضاع، وتطالب بها أوسع الفئات الشعبية والأوساط المتنورة اتفقت عليه (اي البرنامج) مكونات الأغلبية، ويجد حزب التقدم و الاشتراكية نفسه فيه، كما قررته اجهزته التقريرية وكرسه مؤتمره الوطني التاسع الاخير بكل وضوح. و مسوغات القرار هي نفسها التي اعتمدناها سنة 1998 أي الحرص دائما على الدفع بعجلة التغيير قدما، ومباشرة الإصلاحات الكبرى الضرورية وتأمين استقرار البلاد الذي بدونه لن تقوم لهذه الأخيرة قائمة.
كما نؤكد في هذا السياق، على الالتزام بضرورة توفير الشروط الضرورية لبلوغ الهدف الإصلاحي، وذلك انطلاقا من مرجعيتنا وانتمائنا للصف الديمقراطي التقدمي الحداثي، كمدرسة سياسية تعطي القيمة للالتزام ، تعطي القيمة للمسؤولية بكل دلالاتها، وكحليف وفي لمن يتحالف معه ويعمل بنزاهة وصدقية و جدية. نعم حزبنا مرتاح لمشاركته في التجربة الحالية.
وبناء على ما راكمه الحزب من تجربة وتموقعات طيلة سبعة عقود من الكفاح و في إطار جدلية الوفاء والتجديد، يؤكد نبذه للانحرافات الانتهازية والجمود والتحجر الفكري، ويجعل من احترام الحريات والمؤسسات، وقيم الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة الخط الأحمر بالنسبة إليه، وهي الخطوط التي لم يتم المساس بها أو حتى التفكير فيها، مما يدحض كل الاتهامات المجانية التي وجهت، في وقت سابق وبحدة للحكومة، ووصفها بأوصاف وهمية قسرا وتعسفا.
ويمكن إضافة أن هذه الحكومة، التي نحن مكون أساسي فيها، أعادت الجاذبية للنقاش السياسي، رغم دونية الخطاب السياسي الذي يظهر بين الفينة والأخرى.
المقاربة التشاركية ركيزة أساسية لضمان التعاون بين المؤسسات
السيد رئيس الحكومة؛
لنا اليقين في فريق التقدم الديمقراطي وفريق التحالف الاشتراكي، أن الحكومة واعية كل الوعي بالمهام الجسيمة التي يلقيها عليها الدستور، الذي حدد لها سقف نهاية الولاية التشريعية الحالية، من أجل تقديم كل مشاريع القوانين التنظيمية قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان لاستكمال البناء الدستوري والمؤسساتي لبلادنا، ونحن لا نشك ولو للحظة، في مجهودات الحكومة على مستوى تدبير الزمن التشريعي، لأن ما يهمنا، في هذا المضمار، هو تحقيق «الحكامة التشريعية»، ونحن نعتز بذلك كأغلبية.
وفي هذا الصدد، فإن ما ميز الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، هو نهجها للتشاور والانفتاح والحوار عبر عدة قنوات وآليات في عدة قضايا أساسية، أو من خلال الإحالة على المؤسسات الوطنية الموكول لها دستوريا، تقديم الاستشارة، كما هو الشأن بالنسبة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي، وغيرها من الآليات المؤسساتية الأخرى.
هذه المقاربة مكنت من خلق تفاعل إيجابي ومثمر بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، توج بإخراج العديد من القوانين المهمة التي لها ارتباط بتنزيل البرنامج الحكومي، وقوانين أخرى تنظيمية مكملة للوثيقة الدستورية، حظي العديد منها بالتوافق بين مكونات الأغلبية والمعارضة.
لا ينبغي تحقيق التوازنات الاقتصادية على حساب التوازنات الاجتماعية
أما على المستوى الاقتصادي، يتضح أن الحكومة بذلت مجهودات تستحق التثمين، إلا أنها غير كافية، ولا بد من بذل المزيد من الجهد، وهو ما يضع أيضا قدرة الحكومة في ما تبقى من الانتداب الحكومي على المحك، في تبني رؤية واضحة وواقعية متدرجة، تكفل ضمان الفعالية والنجاعة في الإنفاق المالي وخلق دينامية اقتصادية خارج القطاعات التي تهم المواطنين والمواطنات بشكل مباشر، تقوم على التنويع والتكثيف، وتعاطيها مع الإصلاحات التي تهم صندوق المقاصة، منظومة التقاعد، النظام الجبائي، واتخاذ القرارات بشأنها. و هو ما نحييه من خلال ما اعلنتم عنه من أولويات في عرضكم .
ونسجل للحكومة تحملها لمسؤوليتها وجرأتها في فتح هذه الاوراش وجعلها ضمن أولوياتها. وبذلك تكون الحكومة قد فكرت في حقوق الأجيال القادمة، باتخاذها لقرارات بنيوية دون تردد ومجردة من أي رؤية حزبية انتخابية ضيقة، واضعة المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار.
السيد رئيس الحكومة،
إن الهاجس الاجتماعي هو بطاقة الهوية بالنسبة لنا، وبالتالي، فإن تدبير الإكراهات الماكرواقتصادية والتوازنات الاجتماعية أمران مرتبطان، ولا يمكن فصلهما الواحد عن الآخر، وبالتالي، فإن المطروح اليوم وبإلحاح، هو إنجاح الإصلاحات الكبرى، التي من شأنها تغيير الملامح الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، لأننا نعتبر بأنه مهما كانت أهمية التوازنات الماكرو - اقتصادية والتحكم في عجز الميزانية، يبقى لزاما ضمان التوازن والتماسك الاجتماعيين، وضرورة الحفاظ على القدرة الشرائية للمستضعفين، وعلى إلزامية اتخاذ تدابير لإنعاش الاقتصاد، وننبه إلى محدودية المقاربة المحاسباتية والتقنية لمعالجة العجز الميزانياتي والمديونية.
الضرورة إلى إعادة قراءة النموذج
التنموي المغربي
كما نلح على اعتماد مقاربة شمولية، تنفذ إلى أصل الداء وجذوره، ولا تقف عند المظاهر والانعكاسات، وبالتالي، وجب الإلحاح، مرة أخرى، على أن النموذج التنموي المغربي أصبح في حاجة ماسة إلى إعادة قراءته، بل وإلى إعادة نظر جدية ومجدية. وهذه رؤية نتقاسمها مع العديد من الهيآت والمؤسسات الوطنية، من بينها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي.
ويقوم هذا النموذج في تصورنا، على ضرورة إعطاء الأهمية اللازمة للسوق الداخلي، باعتباره قاطرة للنمو، وإعطاء الأولوية للتصنيع، وأنه بالإمكان التوفيق بين النجاعة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، باعتبار هذه الأخيرة رافعة للتنمية، وإعادة النظر كذلك في الاستراتيجيات القطاعية، على أن يكون ذلك مبنيا على التخطيط، بغية الدفع في اتجاه تحقيق الانسجام والالتقائية بين جميع البرامج والمخططات، مع ضرورة تقييم المخططات الحالية، وربطها برهان الجهوية المتقدمة لتعزيز بناء مغرب المؤسسات، مغرب الدولة الديمقراطية الحديثة.
كما يرتكز النموذج التنموي البديل، على إعطاء الأهمية القصوى للحوار الاجتماعي ومأسسته ليكون فضاء للحوار، وكذا الاهتمام بالمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، التي تمثل ما يزيد عن 90 % من النسيج الاقتصادي الوطني.
كما نعتبر من خلال هذا النموذج، أن لا تعارض بين الديمقراطية والتنمية، وفي نفس السياق لابد من التأكيد، على أن نهج سياسة التقشف ثبت عدم فاعليتها، وقصورها في الرفع من وتيرة التنمية الاقتصادية، وذلك انطلاقا من تجارب الدول التي لجأت إليها السياسة، والتي أدى بها ذلك إلى تعميق الأزمة وتكريس الفوارق الاجتماعية. ولنا في العديد من الدول الغربية أمثلة على ذلك.
ويخلص هذا النموذج إلى أن المسألة الاجتماعية، هي الحل الأنجع لتجاوز الوضعية الحالية، من خلال توسيع التغطية والحماية الاجتماعيتين والاهتمام بالتشغيل، واعتماد حكامة ديمقراطية، وتكريس انفتاح المغرب على العالم.
السيد رئيس الحكومة؛
أمام كل المعطيات الاقتصادية والاجتماعية المرقمة، التي جاءت في حصيلتكم المرحلية، وأمام كل المبادرات ذات الطابع الاجتماعي والقرارات الجريئة المتخذة في سبيل تحصين استقلالية القرار السيادي الاقتصادي لبلادنا، و بالتالي فمن باب الموضوعية والنزاهة، ومن باب الالتزام والمسؤولية السياسيتين، نعبرعن قناعتنا بأن الحصيلة المرحلية حصيلة إيجابية ونتوقع بأن الحصيلة النهائية ستكون ايجابية بدورها ضمن أجرأة عملية للبرنامج الحكومي.
أخيرا اطمئنوا، نحن متأكدون من أن المواطنات والمواطنين سيقدرون ما تم إنجازه، وسيتفهمون القرارات الصعبة التي تم اتخاذها في ظل سياقات صعبة إقليميا ودوليا، وبكل تأكيد سيجددون الثقة في الحكومة ومنهجيتها في العمل المبنية على الصدق والصراحة والمكاشفة ونكران الذات وتغليب صالح البلاد والعباد.
وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ
صدق الله العظيم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.