فككت المصالح الأمنية بفاس، شبكة إجرامية يتبنى أعضاؤها فكرا سلفيا جهاديا، وكانوا يقومون بتنفيذ اعتداءات على المواطنين بواسطة أسلحة بيضاء مع استعمال أقنعة. وقبل هذا كان متطرف أخرق قد خرج من جديد ليكفر فعاليات جمعوية وحقوقية وسياسية وثقافية، وينفذ هو أيضا «اعتداءاته»على مواطنين مغاربة. ثم في 11 يوليوز الجاري تعرض الحاخام اليهودي المغربي رابي موشين لاعتداء بالدار البيضاء من طرف شاب لم يتردد في التصريح بكون فعله ناتج عن قناعات دينية خاصة. لن نواصل استعراض وقائع أخرى مماثلة، وسنكتفي بهذه الحالات المتقاربة زمنيا لننبه من خلالها إلى خطورة انتشار الخلط بين ما يحدث في غزة مثلا وما ينعم به المغرب من استقرار وأمن، ومن ثم محاولة إسقاط وقائع وأحداث من خارج البلاد للركوب عليها واقتراف جرائم ترويع المواطنين والمس بأمنهم وطمأنينتهم داخل بلدهم. إن مختلف القوى والحساسيات المجتمعية نزلت إلى الشارع في الرباط وفي مدن أخرى للتضامن مع الشعب الفلسطيني والتنديد بالهمجية الصهيونية وجرائم الاحتلال الإسرائيلي المرتكبة في غزة، لكن في نفس الوقت لا أحد يقبل الخلط، والإمعان في نقل ما يجري في فلسطين وربطه ببلادنا أو تهديد أمنها واستقرارها. في نفس الوقت، نحن نعرف أن معتوهي التطرف والتكفير هم قلة ولا يمثلون شعبنا، وندرك أيضا ضرورة عدم الانطلاق من هذه الحالات المشار إليها أعلاه بقصد التعميم أو المبالغة أو التهويل، ولكن مع ذلك يجب عدم التقليل من هذه المؤشرات الخطيرة أو إغفال ما تطرحه اليوم من بواعث قلق حقيقية. التصدي للخطر الإرهابي يتم عبر الأمن أولا، ومن خلال عمل المصالح الأمنية وبواسطة تدخلات القوات العمومية، وهذا واجب على الدولة تجاه شعبنا، مع التأكيد بداهة على وجوب اقتران الفعل الأمني باحترام مقتضيات دولة القانون والمؤسسات، والالتزام بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا. ولكن المواجهة لن تكون ناجعة من دون انخراط باقي مكونات الدولة والمجتمع، أي المدرسة والمثقفين ووسائل الإعلام والأحزاب والفقهاء وعلماء الدين والمنظمات المدنية، وذلك ضمن مقاربة شمولية والتقائية تتكامل مختلف حلقاتها. وفي هذا الإطار نتساءل اليوم عن دور الإعلام، وخصوصا التلفزيون في هذه المواجهة، ونسجل بداية، أن قنواتنا التلفزيونية الوطنية يجب أولا أن تكون جاذبة وتحظى بثقة المغاربة ومتابعتهم، ولهذا لا نعتقد اليوم أن البرمجة الرمضانية الحالية، وفقر ما تعرضه هذه القنوات بصفة عامة يمكنهما أن يساعدا في تحقيق هذه الجاذبية. من جهة ثانية، إذا اكتفينا فقط بالنماذج الثلاثة الواردة في بداية هذا العمود، فهي كان يمكن أن تشكل موضوع مواد تلفزيونية تصنع الحدث وسط المغاربة، وتساهم، في نفس الوقت، في التوعية والتحسيس والتثقيف. وإذا توفر الإبداع والنباهة السياسية يمكن صنع فرجة تلفزيونية مثيرة من خلال هذه المواضيع، بدل الاحتضان البليد لبرامج عن الجرائم والمجرمين أو لبرامج عقيمة يقال إنها للترفيه، وهي تطفح بالخروقات لأخلاقيات المهنة، وبكثير من الرسائل السلبية في حق مجتمعنا وأفقه الديمقراطي . المغاربة يريدون تلفزيونا حاضرا بشكل يومي لمتابعة انشغالاتهم السياسية والتنموية والمجتمعية، ولتلبية حاجتهم الترفيهية والتثقيفية. المغاربة تمنوا هذه الأيام أن يحسن التلفزيون الإنصات لما يجري في مشهدنا السياسي والبرلماني ويعكسه في برمجته اليومية، ويحضر للتعريف بالوقائع السياسية والمجتمعية الوطنية ولصنع الحوار والتفاعل معها. غياب التلفزيون عما يجري في المشهد السياسي الوطني، وعن التوعية بمخاطر الإرهاب والتطرف يعني الافتقار إلى الحس السياسي، وغياب الإبداع المهني، وأساسا احتقار المغربيات والمغاربة. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته