شهادات وآراء نخبة من الكتاب المغاربة حول علاقتهم بالكتاب وتطلعاتهم لمستقبله يعد اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف مناسبة عالمية، يحتفل بها سنويا لترويج القراءة والنهوض بوضعية الكتاب. وتحتفل اليونسكو بهذه المناسبة يوم 23 أبريل، لتوطيد دعائم الكتاب وكل ما يرتبط به، وتجديد طرح الأسئلة حول المشاكل التي يتخبط فيها فعل إنتاج الكتاب وترويجه، والبحث عن الحلول الناجعة لإبعاده من المخاطر التي تهدد وجوده. يتم اعتماد هذا الاحتفال من قبل منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة منذ عام 1995، ويشهد تنظيم احتفالات ذات مظاهر مختلفة تصب كلها في مصلحة الكتاب وحقوق التأليف. وتم بهذه المناسبة إطلاق ولاية مدينة إنشيون (في جمهورية كوريا الجنوبية) عاصمة عالمية للكتاب لعام 2015. المكتبة فردوس أشرد في مرابعه بقلم: الأديب أبو يوسف طه في ريق الصبا كان والدي يمسك برسغي ونحن نتجول في سوق اللعب قبيل عاشوراء. كان رحمه الله يريد أن يبهجني بشراء لعبة. كانت اللعب وقتذاك في أغلبها خشبية. لم تستملني أية لعبة بل وقفت مبهورا أمام كتاب أحمر قان، على غلافه كتابة مذهبة. كان هذا الكتاب مصحفا. وهو المؤسس الفعلي لخزانتي. ولأنني كنت أتردد على الكتاب فقد شرعت أتصفحه بين الفينة والأخرى . معجبا بصفحاته الصفراء الفاقعة. المزركشة بسواد الخط الكوفي، أحس بمتعة فائقة. حينها انجذبت إلى الكتاب كضرورة فثنيت بالتاريخ الإسلامي، وبعض كتب العقاد ثم سلامة موسى حيث جميع كتبه بما فيها مجموعته القصصية الوحيدة: افتحوا لها الأبواب. قيل الشيء الكثير عن الكتاب وثقافة الكاتب في التراث العربي والإنساني. ووضح لي لاحقا أن الكتاب أشبه بالسفر في طائرة حيث يدخل إلى مجال الرؤية اللامتناهي من العلم والمعرفة. وكان لإعجابي بصورة سلامة موسى على ظهر أغلفة كتبه في وضع المتأمل حفز على اكتشاف استثنائية الكاتب. كانت كتبه دفعة قوية لي حددت التزامي السياسي من جهة. ومن جهة أخرى انفتاحي على آداب وعلوم مختلفة. تعضدت بأوضاعي المهنية كأستاذ ومشرف تربوي وماسك للشؤون التربوية وناشط جمعوي واختياري الأساسي بان أمارس الكتابة. كانت الكتابة بالنسبة لي خيار وجود. مثلما كانت المكتبة فردوسا أشرد في مرابعه. مستلذا طعوم فواكهه. مستهاما بمرئياته. متمتعا بزكاوة أريجه. كنت أحلق في فضائه خفيفا كالريشة. أصبحت المكتبة معادلا للعالم الخارجي. كان يهيمن علي قلق محتدم في أن أعبر عما يخالجني. كنت أحيانا كالأخرس الذي يجهد في أن يحرر ويتملك قسطا من اللغة لحسابه الخاص أو طفل يعدو في بستان لاصطياد الفراشات أسوة بأي إنسان يرى أن له نصيبا من الكون، شمسه وقمره ونجومه وبحره وأشجاره الخاصة وأن يشدو بنبرته الخاصة. كتبت لكن ظروف النشر كانت عسيرة لاعتمادي على الناشرين لأسباب متعددة، منها الغموض الذي يحيط بالعملية من حيث عدم معرفة الكمية المطبوعة والتباطؤ في النشر، وهناك كتاب لا يختارون التوقيت المرغوب جزافا للإصدار بل يطرحون كتابة فكرية أو أدبية أو علمية في إطار تقويم افتراضي للحاجيات، وتموقعا في مسار ما هو متداول، مما يفقد بعض الأعمال راهنيتها من الوجهة التاريخية على الأقل. كما أن غياب الوضوح في حال رفض كتاب ما وتعليل الرفض يحول العملية إلى عبث سوقي. لهذه الأسباب وغيرها وتليينا لظروف النشر، بجب بذل جهود جبارة لتوسيع دائرة القراء للارتقاء بالنشر إلى مستوى الصناعة وذلك بتحديد أثمنة مناسبة وانشاء سلاسل من كتاب الجيب وتطوير شبكة التوزيع داخليا وخارجيا وإنصاف الكتاب وانتقاء لجان القراءة من مختصين نزهاء، ينظرون إلى كل كاتب كوردة في حقل واسع ومتنوع الأغراس.. حقل المغرب الثقافي، والقيام بحملات دعائية وأنشطة متنوعة للتعريف بالكتاب وأهميته في المجالين المديني والقروي وعلى صعيد المؤسسات التربوية وغيرها، بالإضافة إلى التفاف الكتاب في مقاولات صغرى للنشر. وقيام روابط وجمعيات مندمجة تضم المتعاطين لمختلف الأجناس الأدبية والفنون ومجال الفكر والثقافة بصفة عامة، وإنشاء هيئات جماعية للترجمة. ***** عار أن يكون عددنا 34 مليون نسمة وأن لا يتجاوز الكتاب والقراء ربع هذا العدد بقلم: القاصة مليكة نجيب الخوض في تجربة الكتابة ومعاناة إصدار الكتب وتحمل التكاليف والمساطير المعقدة والمكلفة، واكتشاف في النهاية شبه انعدام قراء مفترضين يقاسمونك متعة الكتابة وينطلقون صحبة الكلمة في رحاب الخيال. هو وضع كئيب يصيب بالإحباط واليأس، وأتساءل دوما عن عوامل ضعف القراءة ونسبة التتبع والنقد. وإن النسب المقدمة من قبل دراسات في هذا الشأن والتي تظهر فتور الاهتمام العربي بالكتب، يقابله شغف ونهم وغنى وإقبال كبير على القراءة والنشر وازدهار توزيع وترجمة الكتب في الغرب، وهي مسألة تدحض اتهام دور وسائل التواصل الحديثة في الوقوف وراء أزمة القراءة. وللأسف فالربيع العربي شكل محطة تدهور وتراجع وإخفاق لحلم عربي طال، وأصبح انتكاسة للوضع الحالي والقضايا الأمنية المستجدة التي أبعدت الاهتمام بالثقافة كأولوية. إن الكتاب صرح عتيد وآلية عتيقة للتعلم والفهم والثقافة، ولا أعتقد أن هناك ما يهدد وجوده، بالفعل هناك منافسة غير متكافئة مع الصورة والمواقع الاجتماعية، غير أنها، في اعتقادي، لن تتمكن من محو سطوة وسلطة الكتاب، بشرط أن يكون تشجيع القراءة هما وهاجسا مجتمعيا ويصبح مقاربة تشاركية يشتغل عليها الجميع، ولا تقتصر على الظرفية أو المناسباتية، وكذلك أن تصبح صناعة الكتاب وترويجه ودعمه صناعة محلية وإقليمية ووطنية، وأن توضع سياسات عمومية رصينة تنهض بالكتاب. عار أن تكون نسبة المغاربة 34 نسمة، وأن لا يتجاوز عدد الكتاب والقراء الربع.